اعتبرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" أن خطة عراقية لاعتقال نحو 280 ألف شخص يعتقد بأنهم ينتمون لأسر تنظيم "داعش"، غير قانونية، مؤكدة أن معظم الأشخاص الذين تشملهم الخطة من النساء والأطفال.
ودعت المنظمة الحكومة العراقية إلى رفض الخطة التي من شأنها أن تحتجز عراقيين بشكل غير قانوني، مبينة في تقرير نشر اليوم الثلاثاء، أن هذه الخطة تم تقديمها من لجنة "متابعة وتنفيذ المصالحة الوطنية" في العراق إلى رئيس الوزراء عادل عبد المهدي.
ونقل التقرير عن نائبة مدير قسم الشرق الأوسط في المنظمة لمى فقيه، قولها: "إن اقتراح قيام الحكومة العراقية بحبس عائلات عناصر داعش لا ينتهك القانون الدولي فحسب، بل يتعارض مع هدف الحكومة المعلن المتمثل في تحقيق المصالحة بين السكان ما بعد داعش"، موضحة أن "اعتقال أسر غير متهمة بأي جرائم يعد شكلاً من أشكال العقاب الجماعي الذي يغذي النقمة، ويعلق حياة الآلاف إلى ما لا نهاية".
وبيّنت المنظمة أن رئيس لجنة المصالحة العراقية محمد سلمان السعدي، أطلعها في السابع من إبريل/ نيسان الماضي، على الخطوط العريضة للخطة التي قال إنها ستؤثر على جميع الأزواج والأطفال والإخوة والأخوات والآباء والأمهات لعناصر "داعش" المزعومين، سواء كان العضو بالتنظيم في عداد الأموات أو اختفى أو ما زال قيد الاحتجاز، مؤكدة أنها عبّرت عن مخاوفها من اقتراح الخطة في رسالتين إلى رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، ورئيس الجمهورية برهم صالح، نهاية الشهر الفائت.
ولفتت المنظمة إلى أن رئيس لجنة المصالحة محمد سلمان السعدي، أطلعها على أن وزارة الهجرة ستقوم ببناء مجمعات خارج المدن لإيواء أسر "داعش"، مشيرا إلى عدم السماح للأسر التي تحتجز هناك بالمغادرة إلا في ظروف معينة، كالذهاب إلى المستشفى أو المحكمة.
وذكر أن "ديوان الوقف السني" سيشارك في هذه الخطة من خلال تقديم برامج إلزامية لإنهاء التطرف، مبيناً أن القوات العراقية ستوفر الحراسة لهذه المجمعات.
ووفقا للتقرير، فإن وزارة الداخلية العراقية أكدت أن الخطة ستؤثر على نحو 250 ألف شخص، كما تعتقد المنظمات الإنسانية أن 31 ألف شخص آخرين من أسر "داعش" ما زالوا في مخيمات للنازحين في شمال سورية، ومن المقرر أن يعودوا إلى العراق.
وأوضحت "رايتس ووتش" أن تنفيذ الخطة المذكورة يعني انتهاك العراق لالتزاماته بموجب القانون الدولي الذي يحظر الاحتجاز التعسفي، ويتيح للمحتجزين طلب الحماية القانونية، مشيرة إلى أن القانون الإنساني الدولي يتيح محاكمة الأشخاص الذين ثبتت مسؤوليتهم عن الجرائم بعد محاكمات عادلة فقط.
ولفتت إلى أن الخطة قد تنتهك أيضا الدستور العراقي الذي ينص على حق كل عراقي في حرية التنقل والسفر والإقامة داخل البلاد وخارجها، متسائلة: لا تعرف "هيومن رايتس ووتش" بأي حق تسمح الحكومة لنفسها بإلغاء تلك الحقوق، وحبس الأشخاص غير المتهمين بارتكاب جريمة؟
وفي السياق، قال المحامي العراقي سلام داود إن تقرير المنظمة يشير إلى انتهاكات خطيرة قد تحدث بحق آلاف العراقيين الذين لم يثبت ارتكابهم أي جرائم، مشيرا في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى عدم وجود أي مادة قانونية تتيح حبس أو حتى احتجاز العراقي بسبب قيام قريبه بارتكاب جرائم.
يأتي ذلك في وقت أعاد فيه نواب فتح ملف العراقيين المختطفين من المناطق المحررة من سيطرة "داعش" خلال سنوات الحرب على التنظيم (2014 – 2017) في شمال وغرب البلاد.
وقال عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية محمد الكربولي، إن نحو 6 الآف عراقي ما زالوا مغيبين في جميع أنحاء البلاد. وبين الكربولي، وهو نائب عن محافظة الأنبار، أن المختطفين والمغيبين من محافظته وحدها يراوح عددهم بين 2300 و2400 شخص ما زال مصيرهم مجهولاً، مؤكدا أن هذه الأعداد حقيقية، وأن أسرهم موجودة ويمكن الاستشهاد بها.
وسبق لبرلمانيين وسياسيين عراقيين أن اتهموا مليشيات، من بينها "حزب الله العراقي"، باختطاف الآف الأشخاص في معبر الرزازة الذي يربط محافظتي الأنبار وكربلاء أثناء هروبهم من الحرب على "داعش".