وقالت المنظّمة إن قوات الأمن في وزارة الداخلية المصريّة داهمت الزنازين، وهاجمت المعتقلين السياسيين في سجن برج العرب في الإسكندرية، في 13 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي والأيام التي تلته. ووقعت الهجمات إبان احتجاج السجناء على الظروف السيئة والمعاملة المهينة التي يتعرضون لها. إثر ذلك، أمر النائب العام بتحقيق فوري وشفاف في الأحداث، على أن يحاسب الضباط والعناصر المسؤولة عن الانتهاكات.
وأشارت المنظمة في تقريرها إلى "اعتداء جماعي على سجناء في مصر". ونقلت عن أهالي المعتقلين والمحامين قولهم إن حراس السجن هاجموا المعتقلين في الزنازين بالهراوات والعصي والغاز المسيل للدموع ورذاذ الفلفل الحارق للعيون، ما أدى إلى إصابتهم بحروق وكسور.
في هذا السياق، قال نائب مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "هيومن رايتس ووتش"، جو ستورك: "بدلاً من التحقيق في شكاوى المعاملة المسيئة والظروف السيئة، هاجمت السلطات المصريّة السجناء وضربتهم". أضاف أن "السلطات المصرية مسؤولة عن سلامة كل من تحتجزهم، ويتوجّب عليها التحقيق إذا ما تسبّب مسؤولون في السجن أو قوات الأمن في إلحاق ضرر بالسجناء، ومحاسبة المسؤولين".
بعد الهجوم، وعلى مدار ثلاثة أيام تقريباً، نقلت إدارة السجن 250 معتقلاً على الأقل، بينهم مصابون، إلى ثلاثة سجون أخرى، وهي المنيا وجمصة ووادي النطرون، وهي بعيدة عن الإسكندرية، ما اعتبره السجناء وأهلهم عقاباً. وأوضحت المنظمة، نقلاً عن أهالي المعتقلين، أن السلطات المصرية رمت متعلقات السجناء، منها أوعية الطعام ومستلزمات النظافة الشخصية وملابس وأدوية، ونقلتهم مع عشرات السجناء الآخرين على دفعات إلى سجون أخرى. أضافت أنهم قيّدوا وعصبت أعينهم في زنازينهم، قبل وضعهم في السيارات.
كذلك، وثّقت المنظمة، نقلاً عن الأهالي والمحامين، أن قوات الأمن ضربت السجناء في سجني جمصة في دمياط (شمال مصر)، والمنيا (جنوب مصر). وانتقدت المنظمة صمت السلطات المصرية، قائلة: "لم تُصدر وزارة الداخلية أو مكتب النائب العام أية بيانات حول الأحداث، ولم يرد النائب العام على رسالة بتاريخ 16 ديسمبر/ كانون الأول أرسلتها المنظمة بهدف طلب معلومات".
وأوضع الأهالي أنهم عندما تمكنوا من مقابلة أقاربهم في السجون الجديدة، وجدوهم يرتدون ثياباً رثة، مع وجود لآثار كدمات ودلائل أخرى على ضربهم. وقال والد إن ابنه معاذ صالح لم يتمكن من التعرف على أي فرد من أفراد أسرته بعدما زاروه، وبدا أنه يعاني من فقدان الذاكرة. وتقدّمت الأسرة بطلب لفحصه على يد طبيب شرعي في وزارة العدل، إلا أن النيابة تجاهلت الطلب، على حد قوله.
كذلك، لفت الأهالي إلى أن مسؤولين أمنيّين في السجون الثلاثة الجديدة خالفوا اللوائح الخاصة بحقوق الزيارة، إذ حددوا أوقات الزيارة بما لا يزيد عن خمس دقائق، وباتوا يقابلون السجناء من دون خصوصية، مع وجود سلك شائك يفصل بينهم وبين أبنائهم. ولفتت المنظّمة إلى أنه يفترض أن تدوم الزيارات العائلية ساعة على الأقل، بحسب لوائح السجون المصرية المعدلة في عام 2014".
إلى ذلك، قالت شقيقة أحد السجناء إن وكيل النيابة الذي قابلها رفض في البداية كتابة أسماء الضباط الذين ادّعت أنهم متورطون في الضرب الجماعي. وبعدما أصرّت، كتب وكيل النيابة الأسماء. وقال عدد من محامي المعتقلين، من بينهم الناشطة الحقوقية، ماهينور المصري، إن "النيابة زارت سجن برج العرب مرتين بعد أسبوع تقريباً من الاعتداء، لسؤال السجناء عما حدث، لكن المحامين لا يعرفون أية خطوات إضافية من النيابة لفتح تحقيقات". أضافوا أن "وكلاء النيابة لم يزوروا مئات السجناء المنقولين إلى سجون أخرى بعد الهجوم".
وكانت "هيومن رايتس ووتش" قد أصدرت في سبتمبر/ أيلول الماضي تقريراً وثّقت فيه انتهاكات منهجية بحق السجناء في سجن العقرب في القاهرة، وعدم كفاية آليات الرقابة على السجن، فضلاً عن وجود ثغرات في قوانين السجون.