واقع الدوريات الأسبوعية والشهرية في المغرب، يظهر لمتتبعه أنه يعيش سنوات جفافه الأخيرة قبل الغياب، كما هو الواقع العربي والعالمي عموماً (وإن بحدّة أقل)؛ فباستثناء عدد قليل جداً من المجلات الصادرة بالفرنسية، وعدد صغير أيضاً من مجلات الموضة والتسوّق والترفيه، تغيب عن المشهد المغربي مجلات عربية أسبوعية وشهرية، تعنى بالسياسة والثقافة والفنون.
مجلة "زمان" التي تحتفل بالذكرى الرابعة لإطلاق نسختها العربية هذا الشهر، والتي بدأت فرنسية في أكتوبر 2010، قبل أن تصبح مزدوجة اللغة تصدر عددين متوازيين سنة 2013، ربما تمثل استثناءً بقدرتها على الاستمرار في بيئة كهذه.
كما أنها تهتم بتخصص دقيق (ضمن المجلات العامة وليس الأكاديمية)، إذ تقدّم نفسها باعتبارها مجلة تاريخية وترفع شعار "المغرب كما كان" في النسخة العربية، و"مغرب الأمس واليوم" في نسختها الفرنسية، وتضم في هيئة تحريرها صحافيين برزوا في التحقيق الصحافي التاريخي، إضافة إلى مجموعة ضمت على طول مسيرتها مؤرخين وباحثين من قبيل حسن أوريد والمعطي منجيب والطيب بياض ومحمد ياسر الهلالي، كمستشاري تحرير، وكمُساهمين دوريين بمواد ومقالات وأعمدة.
ويمكن القول إن الجريدة تلعب على عدد من الحبال المتوازية، فهي تخاطب نخبة مغربية فرنكفونية، في الوقت الذي تحاول فيه مخاطبة قارئ العربية بجودة ومضمون قريبين. كما أنها تثير مواضيع ظلت حتى الوقت القريب من تابوهات المغرب، خصوصاً في ما يتعلّق بتاريخ العائلة الملكية القريب، والصراع السياسي المغربي بعد منتصف القرن الـ20، أو مواضيع التاريخ الإسلامي الحساسة، لكنها في الوقت نفسه لا تحاول إغضاب ما يسمى بـ"الجهات العليا"، وتمارس نوعاً من الرقابة الذاتية، وصلت بها حدّ سحب أحد الأعداد (كان يتناول طفولة الملك الراحل الحسن الثاني) من الأكشاك.
التوازي الثالث الذي تلعب عليه المجلة يتمثّل في مزاوجتها بين مواد جادّة ومشغولة بمنهج تاريخي يبدو معقولاً في كثير من الأحيان، وبين مواد "مواضيع الغلاف" التي يكون غرضها الأساسي الإثارة الجالبة لنوعية معيّنة من القراء المحتملين.
عددا المجلة الأخيران (أكتوبر 2017)، ضمّا ملفين قد يكونا مثالين على الثنائية السابقة، إذ كان موضوع غلاف العدد الفرنسي تحت عنوان "هل نحن شعب عنيف؟ ومنذ متى؟" يحاول العودة إلى أحداث من تاريخ المغرب كان العنف والصراع الدموي سمتها، ليفسر ظواهر عنف من مغرب الحاضر.
في الوقت نفسه كان عنوان غلاف العدد العربي "ملذات الجنة في مخيال المغاربة" واهتم بتقصي السير المتداولة عن الحور العين، وأنهار الخمر، وكل حكايات الإغراء والإغواء المنتظر، في قالب لا يبعد كثيراً عن الإثارة الإعلامية التي يستلزمها "منطق" السوق المهيمن.