كانت الحكومة المصرية قد حجبت في قائمتها الأولى 21 موقعاً هي: الشرق، العرب، الراية القطرية، الوطن القطرية، وموقع قناة الجزيرة، تلفزيون قطر، وكالة الأنباء القطرية، موقع عربي 21، موقع صحيفة الشعب، الحرية بوست، حسم، بوابة القاهرة، هاف بوست العربية، حماس أونلاين، إخوان أونلاين، شبكة رصد، كلمتي، نافذة مصر، تطبيق نبض الإخباري، موقع صحيفة المصريون، موقع مدى مصر.
وقالت مصادر أمنية، إن حجب المواقع المذكورة جاء "لتضمنها محتوى يدعم الإرهاب والتطرف ويتعمد نشر الأكاذيب"، وأنه "سيكون هناك قائمة أخرى من المواقع "بعد ثبوت تورطها في الدعوة للعنف والتحريض والترويج لجماعة الإخوان الإرهابية"، ومنها موقعا قناتي مكملين والشرق.
اللافت أن الجهة التي أصدرت قرار الحجب واختارت قائمة المواقع المحجوبة ما زالت (مجهولة)، كذلك جملة الأسباب التي دفعت بمواقع مثل: مدى مصر، مصر العربية، موقع صحيفة المصريون، بوابة القاهرة، وموقع صحيفة البورصة الاقتصادية وصحيفة تصدر باللغة الإنكليزية سبق أن كتب لها الرئيس عبد الفتاح السيسي مقالين في عامي 2014 و2015 عن السياسات الاقتصادية لمصر كرسالة موجهة للمستثمرين الأجانب قبل مؤتمر مؤسسة يورومني، إلى قائمة الحجب.
وأشار المرصد إلى أن آخر ظهور للجهة المجهولة في ملف المواقع المحجوبة كان في تقرير مثير للجدل أرسلته جهة ما إلى صحيفة المصري اليوم وصفتها الصحيفة بـ "مصادر مسؤولة رسمية".
ودافعت فيه تلك المصادر عن قرار الحجب في تقرير حمل عنوان "حجب مصر لمواقع إلكترونية ذات محتوى داعم للإرهاب والتطرف ورصد تجارب الدول الأجنبية والعربية في حجب المواقع الإلكترونية".
وقالت هذه المصادر المسؤولة إن حجب مواقع إلكترونية هو "حق أصيل" للدول تكفله لها القوانين الدولية والوطنية، بالإضافة إلى أن رقابة شبكات التواصل الاجتماعي هو "حق مشروع".
وأضافت ورقة الموقف "الغضب نفسه الممزوج بالاستنكار والدهشة عبر عنه بيان صادر عن صحيفتي "ديلي نيوز إيجيبت" و"البورصة"، واللتين تم حجبهما يوم الأحد 28 مايو/أيار ولم تضمهما قائمة الحجب الأولى، واعتبرتا أن القرار "غير مفهوم وغير مبرر"، خاصة بعد 10 سنوات هو عمر صحيفة البورصة الاقتصادية، وانضمت إليها صحيفة "ديلي نيوز" منذ 5 سنوات، ويسهم في الشركة الإعلانية التي تقوم بتمويل وتسويق المشروع مستثمر سعودي بنسبة 50 %، كما أنهما تعملان بترخيص من المجلس الأعلى للصحافة".
وفي سبيل البحث عن رد فعل لنقابة الصحافيين المصرية، نقل المرصد تصريحاً لمحمود سلطان، رئيس التحرير التنفيذي لموقع "المصريون"، قال فيه "لا أتوقع خطوات جادة"، وكان يشير بوضوح إلى موقف نقابة الصحافيين، لكن تأمّل موقف "نقابة الصحافيين" يشير إلى أن هناك "أزمة" تعيق أي تضامن في مواجهة قرار "الحجب"، فالانتهاك الذي يتطلب تضامن جميع الصحافيين وتنسيق جهودهم في مواجهته، شهد "انقساماً واضحاً وتراشقاً بين فريقين، فريق يتزعمه نقيب الصحافيين، عبد المحسن سلامة، والفريق الثاني يضم عدداً من الأعضاء الحاليين في مجلس النقابة: عمرو بدر، محمود كامل، جمال عبد الرحيم، محمد سعد عبد الحفيظ، مع خالد البلشي الرئيس السابق للجنة الحريات بنقابة الصحافيين، ورئيس تحرير موقع البداية.
أول تصريح لنقيب الصحافيين كان بتأييد حجب مواقع وسائل الإعلام القطرية والتابعة لجماعة الإخوان المسلمين "مادام هناك ما يمس الأمن القومي المصري".
أما في ما يتعلق بالمواقع المصرية التي يشملها قرار الحجب وليست مرتبطة بـ"قطر" أو جماعة الإخوان، قال إنه لم يتلق أي شكوى من القائمين على هذه المواقع "وفي حالة ورود شكوى بشأن حجب مواقع مصرية سننظر فيها وسننظر في نوعية هذه المواقع وسنتواصل مع الأجهزة المعنية في الدولة لمعرفة حقيقة هذا الأمر وإذا كانت هناك مواقع ثبت تورطها لا بد أن نلتزم بالقانون".
وفي المؤتمر الصحافي الذي عُقد في مقر نقابة الصحافيين، الأربعاء 31 مايو/أيار 2017، بمشاركة ممثلين عن المواقع المصرية المحجوبة، وأعضاء من مجلس النقابة وانضم إليهم نواب في البرلمان، انتهى المجتمعون إلى الاستقرار على هيئة دفاع موحدة لتمثيلهم، كما أعلن أعضاء مجلس النواب تقدمهم "بمذكرة قانونية لعدد من لجان المجلس لبحث الحجب".
وأضاف المرصد، يمكن للمراقب لأزمة "الحجب" أن يرى كيف تم تحويل القضية ليصبح "الحجب" هو خلفية الصراع داخل مجلس النقابة، وليس كما يُتوقع بأن تكون القضية الرئيسية هي قضية حجب مواقع إلكترونية وما يترتب على ذلك من تأثيرات سلبية مباشرة وغير مباشرة على وضع الصحافة "المتردّي" بالأساس.
وأكد المرصد أنه "يمكن النظر إلى موقف الأطراف المختلفة داخل مجلس النقابة وتحركهم من أجل القضية في "عدم تجانس في توجهات أعضاء مجلس نقابة الصحافيين بعد انتخابات التجديد النصفي الأخيرة"، وأنه أثناء اشتعال أزمة "الحجب" تم اختيار "النقيب" رئيساً لمجلس إدارة مؤسسة الأهرام، إذن لا يوجد "غموض" حول موقفه من تأييد موقف الدولة في قضية حجب المواقع الإلكترونية ومصادرة الصحف بشكل عام، بحسب المرصد".
ورأى المرصد أن الجانب الآخر الذي جعل من تحرك الصحافيين في مقابل قرار الحجب "فقيراً للغاية"، مناهضة القرار من منطلق أنه أضر بمصدر رزق الكثير من الصحافيين، فقضية حجب المواقع الإلكترونية كخطوة تعد سابقة في تعامل الدولة مع الإعلام الإلكتروني، ليست قضية "مصدر رزق" بالدرجة الأولى، بل قضية إلى أي مدى أضرّ القرار بالتعددية وحرية التعبير والمتبقي من حرية الصحافة، حالياً ومستقبلاً، وهل نتوقع أن يُنتهج "الحجب" كسياسة دائمة تجاه الأصوات المعارضة، أو التي تقدم رأياً "غير مرغوب فيه".
وأكدت ورقة الموقف أن الدولة تعاملت مع القضية من البداية عبر سياسة "الصمت" حتى تنتهي الهتافات المعترضة ويصبح القرار سارياً من تلقاء نفسه، فيما يبدو أنه جاء بعدما اختبرت موقفاً مشابها في مواد الصحافة في قانون الإرهاب الذي تم إقراره منذ عامين.
من الناحية القانونية، ينص الدستور في المادة 71 على أنه "يحظر بأي وجه فرض رقابة على الصحف ووسائل الإعلام المصرية أو مصادرتها أو وقفها أو إغلاقها. ويجوز استثناء فرض رقابة محددة عليها فى زَمن الحرب أو التعبئة العامة".
وقال المرصد "إذن ما نعرفه حتى الآن، أن قرار حجب المواقع الإلكترونية صدر في ظل قانون الطوارئ، وفي المقابل لا يوجد قانون ينظم عمل المواقع الإلكترونية حتى تحصل على ترخيص قانوني يضمن لها الحماية الدستورية، حتى وإن كانت هذه المواقع تعمل وفق ترخيص قانوني لقانون سابق إلا أنها ليست قانونية بمقتضى الدستور الجديد، حتى يصدر لها قانون خاص يسمى "قانون تنظيم الصحافة والإعلام" ما زال في مجلس النواب يخضع للمناقشات".
يشار إلى أن الهيئة المنوط بها النظر في شكاوى المواقع المصرية المتضررة هي المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، التي قالت إنها تلقت بالفعل 6 شكاوى من المواقع المصرية المحجوبة.
لكن رئيس المجلس مكرم محمد أحمد قال إن "هناك 3 شكاوى تخص مواقع يملكها أشخاص تم التحفظ على أموالهم، من خلال لجنة التحفظ على أموال الإخوان باعتبارها جماعة إرهابية"، وهذا "أمر قضائي ولا حيلة للمجلس في هذا الأمر، ولسنا أصحاب اتهام ولم نتحفظ على أموالهم بل هم الذين ذكروا بأنفسهم"، والشكاوى الثلاثة تخص "البورصة وديلي نيوز إيجيبت والمصريون"، أما في ما يتعلق بالمواقع المتبقية قال "مكرم" بأنه سيتم تشكيل لجنة لبحث وضعها القانوني".
وعن موقف مرصد صحافيون ضد التعذيب، أشارت الورقة إلى أن في أزمة حجب المواقع الإلكترونية أُهدر أكثر من حق من حقوق الإنسان: حرية التعبير، حرية تداول المعلومات، الحق في المعرفة، وهي جميعاً حقوق محمية بموجب الدستور المصري والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي وقعت عليها مصر فضلاً عن تأثير ذلك على حالة حرية الصحافة التي تحتل فيها مصر المركز 161 من أصل 180 دولة في آخر مؤشر لحرية الصحافة أصدرته مراسلون بلا حدود.
وأضافت الورقة "ليس هذا فقط، فمصر ضمن "القائمة السوداء" التي تضم 21 دولة يُعتبر فيها وضع الصحافة "خطيراً للغاية"، وهي ليست في "ذيل" التصنيف لأسباب بعيدة عن إهدار الحقوق المشار إليها، مضاف إلى ذلك الزج بالصحافيين في السجون لأسباب لها علاقة بعملهم الصحافي، ويمكن أن نضيف إليها الآن انتهاج سياسة "الحجب والإغلاق" استناداً إلى قانون الطوارئ، حتى بدون أن تعلن جهة عن مسؤوليتها عن القرار أو تحدد توقيتاً ينتهي فيه القرار أو فرصة لمراجعة القرار نفسه الذي جاء عقب تصريحات سياسية لزعيم دولة هناك توترات بينها وبين مصر منذ عام 2013 وحتى الآن.