وعلى الرغم من نفي مصادر في الخارجية الأميركية لـ"العربي الجديد" أن "تكون الولايات المتحدة قد قدمت أي مقترحات رسمية بشأن اليمن في مجلس الأمن"، إلا أنها "لم تستبعد أن يكون المقترح قد ورد أثناء نقاشات الدبلوماسيين غير الرسمية، التي جرت خلال عطلة نهاية الأسبوع وعيد الفصح".
ووصفت المصادر الأميركية المقترح بـ"الخلاق"، مضيفة بأنه "ليس مشروعاً جديداً، بل حلاً وسطاً توفيقياً يدمج بين المشروعين الروسي والعربي في مسودة واحدة، ولا يحتاج الدبلوماسي الذي اقترحه إلى العودة إلى دولته لطرحه، سواء كان أميركياً أو غير أميركي".
ويأتي هذا التطور، بعد فشل روسيا في إقناع بقية الدول دائمة العضوية في المجلس، بتبنّي "مشروع قرار" يتضمن "تعليق غارات عاصفة الحزم لدواعٍ إنسانية"، في وقتٍ تابعت فيه موسكو عرقلة مشروع قرار تقدمت به دول مجلس التعاون الخليجي عن طريق الأردن، يتضمن منح الشرعية الأممية لعاصفة الحزم.
ولفت مصدر رفيع المستوى في الأمم المتحدة، لـ"العربي الجديد"، إلى أن "هناك بالفعل دبلوماسيين يسعون لإرضاء روسيا في ما تطالب به في مقابل تمرير مشروع القرار الخليجي، بعد إدخال التعديلات التي تشترطها موسكو". لكنه شدد أن "بعض أعضاء البعثات الخليجية يخشون من أن يكون الهدف من إصرار روسيا على تعليق الغارات الجوية، من أجل خدمة أغراض عملياتية عسكرية على الأرض، وليس خدمة لأغراض إنسانية، وهو الهدف الذي تسعى إليه الدول الأخرى الدائمة العضوية وغير الدائمة في مجلس الأمن".
وأضاف أن "الروس يميلون أكثر إلى قبول حلٍّ آخر، يقضي بإيقاف نهائي للعمليات في مقابل العودة إلى طاولة الحوار تحت إشراف الأمم المتحدة". وأشار إلى أن "هناك نوعاً من التشاور بين الروس والحوثيين، لا أدري ما اذا كان يتم بشكل مباشر في صنعاء، أم بشكل غير مباشر عن طريق الدبلوماسيين الإيرانيين".
اقرأ أيضاً: تلامذة اليمن في البيت بسبب "عاصفة الحزم"
وأوضح أنه "استنتج وجود هذا النوع من التشاور، من خلال تطابق بعض المقترحات الروسية مع ما يطرحه الحوثيون في صنعاء، الذين أبدوا موافقتهم على العودة إلى طاولة التفاوض، في مقابل وقف عمليات عاصفة الحزم".
وتوقع المصدر أن "تنشب إشكالية أخرى في مجلس الأمن، عندما يبدأ الدبلوماسيون مناقشة تفاصيل دمج مسودة القرار الخليجي بمسودة القرار الروسي، لأن الروس يتحدثون عن عاصفة الحزم بلغة يُفهم منها بأنها مجرّد غارات جوية، لا تفويضاً دولياً لجيران اليمن بشنّ حملات عسكرية برية داخل الأراضي اليمنية. أما دول مجلس التعاون الخليجي، ومعها الأردن والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، فتصف عاصفة الحزم، بأنها عملية عسكرية شاملة، لا تقتصر على سلاح الجو وحده، وأن خيارات تحقيق أهدافها عن طريق الهجمات البرية أو البحرية أو الجوية، يجب أن يكون خاضعاً لتقدير غرفة عمليات القيادة المشتركة لدول التحالف المشاركة في عاصفة الحزم".
وفي ما يتعلق بالعودة للمفاوضات، قال المصدر إن "دول مجلس التعاون المشاركة في عاصفة الحزم، تبدي مرونة كبيرة في قبول إشراك حزب المؤتمر الشعبي العام (الحزب الذي أسسه الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح ويتولى الرئيس عبد ربه منصور هادي أمانته العامة)". وأوضح أن "الاعتراض الخليجي هو على شخص صالح وأحياناً على نجله الأكبر، وليس على حزب المؤتمر الشعبي".
وتابع "لكن للأسف فإن دول مجلس التعاون، أهملت توضيح هذه النقطة المهمة على الصعيد الإعلامي، وهو ما ساعد صالح على إيهام بعض من لا يزال على تواصل معهم من أعضاء المؤتمر الشعبي، بأن عاصفة الحزم تهدف إلى إقصائهم من العملية السياسية".
وأضاف "الحقيقة أن العمليات العسكرية، وفقاً للبيانات السعودية تطالب كل القوى السياسية اليمنية، بمن فيهم الحوثيون، بالعودة إلى الحوار وعرضت عليهم استضافته في الرياض، مُستثنية فقط صالح ونجله الأكبر. ولكن هذا الأمر يحتاج لإيضاح من السعوديين أنفسهم، بالتأكيد بأن لا مستقبل لصالح في العمل السياسي كشخص، لا الحزب الذي يدّعي صالح رئاسته له، على الرغم من أن المبادرة الخليجية تنصّ صراحة على مغادرته للسلطة تماماً في مقابل ما حصل عليه داخلياً".
وتمنّى المسؤول الدولي من الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي، "التوضيح لليمنيين بأن حزب المؤتمر الشعبي العام، الذي كانت مشاركته في الحوار اليمني الداخلي مقبولة، لا يزال مرحباً به كقوة سياسية تستمد شرعيتها من رئيس البلاد، لا من صالح، الذي يُفترض أن يكون قد تخلّى عن العمل السياسي منذ توقيعه على المبادرة الخليجية في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2012".
تجدر الإشارة إلى أن منظمة الأمم المتحدة قد أكدت في مناسبات عديدة عبر مبعوث الأمين العام إلى اليمن جمال بنعمر، بأن "المجتمع الدولي غير معني بالحصانة من المحاكمة التي حصل عليها صالح، بموجب قانون أصدره برلمان خاضع لهيمنته". وشددت الأمم المتحدة أن "الجمعية العامة للأمم ومجلس الأمن الدولي لا يعترفان لصالح بأي حصانة، وبالتالي فلا قيمة للحصانة البرلمانية خارج نطاق الحدود اليمنية". الأمر الذي يفسر إصرار صالح على البقاء داخل اليمن.
اقرأ أيضاً: اليمن: معركة طرق الإمداد ضد الحوثيين والرئيس المخلوع