تأسّس علم الكلام في القرن الأول الهجري باعتباره منهجاً وأفكاراً حاول من خلالها العلماء المحاججة والدفاع عن الإسلام في وجه المشكّكين فيه آنذلك، لكن أغلب ما تمّ تأليفه في هذا الحقل كان ضمن الجدل الدائر بين أصحاب المذاهب والتيارات الفكرية الإسلامية التي ظهرت بعد ذلك.
استعاد الكتّاب العرب والمسلمون العديد من المقولات الكلامية القديمة في القرن التاسع عشر ضمن مواجهة الآخر في سياق التعامل مع الحداثة العربية، وبدأت حينها محاولات من أجل إنتاج علم كلام معاصر يمتلك القدرة على التفاعل مع الواقع الجديد.
في "المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون" (بيت الحكمة) في تونس العاصمة، يُفتتح عند التاسعة والنصف من صباح غدٍ الخميس في قسم العلوم الإسلامية في المجمع يوم دراسي حول علم الكلام الكلاسيكي.
يتضمّن اليوم جلستين علميتين يعقبهما نقاش مع الحاضرين؛ الأولى حول "علم الكلام والمسألة السياسية"، والثانية بعنوان "من قضايا علم الكلام القديم". وتبدو الجلسة الأولى الأكثر أهمية مع وجود العديد من الطروحات المعاصرة التي تقدّم مراجعة وتقييماً لتوظيف علم الكلام في إطار الدعاية السياسية والفكرية خلال القرون الماضية وتدعو إلى تخليصه وتحريره من الأيديولوجيا.
وقد اعتمد أصحاب هذه الطروحات على ضرورة تجاوز الفهم التقليدي للعلاقة بين الشرعية الدينية والشرعية السياسية، ومن هؤلاء المفكر الأردني الفلسطيني فهمي جدعان وأستاذ الفلسفة العراقي عبد الجبار الرفاعي، والباحث الإيراني عبد الكريم سروش.
تتضمّن الجلسة الأولى، التي يديرها الأكاديمي أحمد النيفر، ورقة بعنوان "صفّين: مفترق ظهرو التعددية في الإسلام المبكر" لـ عبد الحميد الفهري من "جامعة صفاقس"، و"علم الكلام ومسألة الإمامة بين القداسة والإناسة" لـ سيف الدين الماجدي من "جامعة الزيتونة".
أما الجلسة الثانية، التي يديرها الأكاديمي محمد الشتيوي، فتشتمل على ورقة بعنوان "حب التأله أو الرئاسة بالطبع" لـ محمد الحبيب المرزوقي من "جامعة تونس"، و"نظرية معمّر في المعاني: التأويلات والإشكاليات" لـ مهدي سعيدان من "جامعة تونس.