يُعرف شهر أيار/مايو بكونه شهر "الاحتفال بفلسطين" حول العالم. وقد ابتدعت الأجيال الفلسطينية الشابة، مع مرور الزمن، طرقاً مميزة للاحتفال بوطنها، ورفع مستوى الوعي حول مشوار الفلسطينيين النضالي الحافل المستمرّ منذ سنوات. والوجود الفلسطيني الشاب لا يقتصر على قارة أو زاوية جغرافية واحدة، بل امتد أيضاً عبر السنوات الماضية ليشمل كل زوايا العالم.
ففي الولايات المتّحدة، امتدّت فعاليات "الاحتفال بفلسطين" طوال شهر مايو/أيار، من العاصمة واشنطن شرقاً إلى لوس أنجلوس غرباً، لتكشف عن الوجه المشرق لفلسطين، من خلال المعارض الفنّية ومهرجانات الأفلام الفلسطينية والمحاضرات والعروض الموسيقية النابضة بالحياة.
أحد هذه العروض قدّمته عائلة "فوتي فيوجن" الموسيقية، خلال أمسية نظّمها صندوق القدس للثقافة والتنمية أخيراً في واشنطن. وقد قدّمت الفرقة عرضاً موسيقياً ومرئياً لمجموعة من الأغاني التي رافقت مسيرة النضال الفلسطيني، منذ حقبة الاستعمار البريطاني وحتى الاحتلال الإسرائيلي الحاضر.
وبدأ العرض بثلاث أغنيات لمرحلة ما قبل نكبة الـ 48، وهي أغنية "موطني" للشاعر الفلسطيني إبراهيم طوقان، و"سجن عكا" لفرقة العاشقين اللبنانية الفلسطينية، والتي تحمل دلالات تعود إلى عام 1929، حين تمّ شنق محمد جمجوم وفؤاد حجازي وعطا الزيري، لمقاومتهم للاستعمار البريطاني لفلسطين. كذلك أغنية "جفرا ويا هالربع" التي تحكي قصّة فقد الحبيبة "جفرا"، والتي لم يعرف الناس حقيقتها إلى أن ماتت عام 2007، في مخيم عين الحلوة في لبنان، وترمز "جفرا" لفلسطين، إذ أحبّها الناس قبل معرفتهم القصة التي ترويها.
وتركّز فرقة "فوتي فيوجن" على تطور السرد الموسيقي للنضال الفلسطيني من خلال الأغاني التي تقدّمها، لتحكي من خلالها عن معاناة هذا الشعب، وما تعنيه للفلسطينيين وللعرب والعالم. وحول اختيار الأغاني، يقول فؤاد فوتة، مؤسس الفرقة وعازف العود لـ "العربي الجديد": "عروضنا تقدّم نظرة تاريخية للنضال الفلسطيني.. لقد استخدمنا النكبة كحدث تاريخي، وفي كل عام نقدم موسيقى مختلفة.. بحثتُ مع ابنتي شيرين عن الأغاني الوطنية التي رافقت تاريخ النضال الفلسطيني، ثم قرّرنا أن يتضمّن العرض 20 أغنية. صحيح أنّ النكبة حصلت عام 1948، ولكنّ المعاناة الفلسطينية والعمل الوطني والأغاني الوطنية كانت موجودة قبل النكبة وقبل النكسة وبعدهما، وحتى اليوم مع استمرار الاحتلال الإسرائيلي".
يرافق فؤاد على العزف ابنه زياد على البيانو، وبناته شيرين على الكمان، وفيروز على التشيلو، ونادين على الناي، والابنة الصغرى ياسمين (7 سنوات) التي ما زالت تتعلم العزف على الغيتار.
إقرأ أيضاً: محمد السوسي.. قضايا غزة بأغاني الراب
وشرح فوتة سبب اختيار أغنيات العرض غير الفلسطينية، مثل أغنية "سهر الليالي" للسيدة فيروز، بأنّه "ترمز لبلادنا الجميلة وهوائها النقي والحنين للوطن"، وأغنية "عصفور طلّ من الشباك" لأميمة خليل "لأنها تحمل الشوق للحرية"، وأغنية "يا طيور" لأسمهان، "التي تمزج فيها الفرقة حب الحبيب مع حب الوطن".
كما قدّمت الفرقة ما تطلق عليه مجموعة "أغاني الشباب في العائلة "youth in the family" مثل أغنيات "يا ولاد حارتنا" و"يا نبض الضفة" لأحمد قعبور، و"طفل وطيارة" لمارسيل خليفة.
ويرى فؤاد أنّ القومية العربية جزءٌ لا يتجزّأ من شعور ونبض الشارع الفلسطيني، الذي يتغنّى بمرحلة "جمال عبد الناصر"، وأغاني القومية العربية التي رافقتها. ومن هنا كان لا بد من اشتمال عرض فرقته الأغاني ذات الدلالة القومية، ومنها "الأرض بتتكلم عربي" لسيد مكاوي، و"الوطن الأكبر" لمحمد عبد الوهاب، و"أصبح الآن عندي بندقية" للسيدة أم كلثوم.
وعنها قال فؤاد: "هي أغنيات لمصريين ولكنها تعبر عن القومية العربية التي هي في قلوب وعقول الفلسطينيين".
ولا شك في أن العنصر الشاب في هذه الفرقة ساهم بتقديم الأغاني بطريقة عصريّة ومميزة، إذ عملت الفرقة على المزج بين الموسيقى القديمة والموسيقى الغربية الجديدة كـ "الهيب هوب". وهو ما تجلّى في إنتاجها الأخير لـ"سجل أنا عربي" للشاعر الفلسطيني محمود درويش، والتي تمّ المزج بين كلماتها وأغنية "يا حلالي يا مالي".
وفي هذه المجموعة قدمت الفرقة أيضاً أغنية "Gaza Tonight" أو "غزة الليلة"، وأغنية "فلسطين" المستوحاة من أغنية لمغنية الريف الأميركية دولي بارتون. وهي تروي قصة امرأة تخاطب فتاة جميلة تدعى "جولين"، تحاول سرقة رجلها فتقول لها "جولين جولين لا تأخذي رجلي مني". وتقابلها أغنية "فوتي فيوجن" التي تقول "فلسطين فلسطين لا تأخذوا أرضي مني".
استوحى فؤاد فوتة اسم الفرقة "فوتي فيوجن" من اسم عائلته الفلسطينية، من بلدة البيرة قرب رام الله، والتي هاجر منها مع عائلته إلى الولايات المتّحدة حينما كان في الثالثة عشرة من عمره. ولكنه عاد إليها مصطحباً عائلته بعد أربعين عاماً. ووثّق رحلته في فيلم وثائقي عنوانه "العودة إلى رام الله"، وهو من إخراج ابنه زياد، ومن المتوقع أن يتم عرضه العام المقبل.
وعلى الرغم من نشوء أبنائه في الولايات المتحدة، إلا أن فؤاد وزوجته، الرسامة التشكيلية المصرية الفلسطينية، منى البيومي، زرعا فيهم حبّ الوطن والموسيقى. وعن ذلك يقول: "كفلسطيني بعيد عن وطني أردت أن أبقى وعائلتي قريبين منه، ومن هنا استثمرت الموسيقى كوسيلة لتحقيق ذلك. زوجتي فنانة ورسامة معروفة، وفكرة الوطن موجودة لدينا في الفن والموسيقى، من هنا نشأت العائلة على حب ذلك".
إقرأ أيضاً: رحلة "أطفال الحجارة" مع الموسيقى في كتاب أميركي
على مدى السنوات الـ 67 الماضية، واصلت أغاني المقاومة الفلسطينية التطور من خلال تنقلها وإعادة تعريف نفسها في مساحات ثقافية مختلفة في الشتات. ولا شك في أن وضع "فوتي فيوجن" أغاني المقاومة ضمن سياقها التاريخي من خلال عرض موسيقي مرئي، يساهم في فهم كيفية تغير السرد الموسيقي للنضال الفلسطيني عبر الزمن، وهي تجربة تستحق الاهتمام.
ففي الولايات المتّحدة، امتدّت فعاليات "الاحتفال بفلسطين" طوال شهر مايو/أيار، من العاصمة واشنطن شرقاً إلى لوس أنجلوس غرباً، لتكشف عن الوجه المشرق لفلسطين، من خلال المعارض الفنّية ومهرجانات الأفلام الفلسطينية والمحاضرات والعروض الموسيقية النابضة بالحياة.
أحد هذه العروض قدّمته عائلة "فوتي فيوجن" الموسيقية، خلال أمسية نظّمها صندوق القدس للثقافة والتنمية أخيراً في واشنطن. وقد قدّمت الفرقة عرضاً موسيقياً ومرئياً لمجموعة من الأغاني التي رافقت مسيرة النضال الفلسطيني، منذ حقبة الاستعمار البريطاني وحتى الاحتلال الإسرائيلي الحاضر.
وبدأ العرض بثلاث أغنيات لمرحلة ما قبل نكبة الـ 48، وهي أغنية "موطني" للشاعر الفلسطيني إبراهيم طوقان، و"سجن عكا" لفرقة العاشقين اللبنانية الفلسطينية، والتي تحمل دلالات تعود إلى عام 1929، حين تمّ شنق محمد جمجوم وفؤاد حجازي وعطا الزيري، لمقاومتهم للاستعمار البريطاني لفلسطين. كذلك أغنية "جفرا ويا هالربع" التي تحكي قصّة فقد الحبيبة "جفرا"، والتي لم يعرف الناس حقيقتها إلى أن ماتت عام 2007، في مخيم عين الحلوة في لبنان، وترمز "جفرا" لفلسطين، إذ أحبّها الناس قبل معرفتهم القصة التي ترويها.
وتركّز فرقة "فوتي فيوجن" على تطور السرد الموسيقي للنضال الفلسطيني من خلال الأغاني التي تقدّمها، لتحكي من خلالها عن معاناة هذا الشعب، وما تعنيه للفلسطينيين وللعرب والعالم. وحول اختيار الأغاني، يقول فؤاد فوتة، مؤسس الفرقة وعازف العود لـ "العربي الجديد": "عروضنا تقدّم نظرة تاريخية للنضال الفلسطيني.. لقد استخدمنا النكبة كحدث تاريخي، وفي كل عام نقدم موسيقى مختلفة.. بحثتُ مع ابنتي شيرين عن الأغاني الوطنية التي رافقت تاريخ النضال الفلسطيني، ثم قرّرنا أن يتضمّن العرض 20 أغنية. صحيح أنّ النكبة حصلت عام 1948، ولكنّ المعاناة الفلسطينية والعمل الوطني والأغاني الوطنية كانت موجودة قبل النكبة وقبل النكسة وبعدهما، وحتى اليوم مع استمرار الاحتلال الإسرائيلي".
يرافق فؤاد على العزف ابنه زياد على البيانو، وبناته شيرين على الكمان، وفيروز على التشيلو، ونادين على الناي، والابنة الصغرى ياسمين (7 سنوات) التي ما زالت تتعلم العزف على الغيتار.
إقرأ أيضاً: محمد السوسي.. قضايا غزة بأغاني الراب
وشرح فوتة سبب اختيار أغنيات العرض غير الفلسطينية، مثل أغنية "سهر الليالي" للسيدة فيروز، بأنّه "ترمز لبلادنا الجميلة وهوائها النقي والحنين للوطن"، وأغنية "عصفور طلّ من الشباك" لأميمة خليل "لأنها تحمل الشوق للحرية"، وأغنية "يا طيور" لأسمهان، "التي تمزج فيها الفرقة حب الحبيب مع حب الوطن".
كما قدّمت الفرقة ما تطلق عليه مجموعة "أغاني الشباب في العائلة "youth in the family" مثل أغنيات "يا ولاد حارتنا" و"يا نبض الضفة" لأحمد قعبور، و"طفل وطيارة" لمارسيل خليفة.
ويرى فؤاد أنّ القومية العربية جزءٌ لا يتجزّأ من شعور ونبض الشارع الفلسطيني، الذي يتغنّى بمرحلة "جمال عبد الناصر"، وأغاني القومية العربية التي رافقتها. ومن هنا كان لا بد من اشتمال عرض فرقته الأغاني ذات الدلالة القومية، ومنها "الأرض بتتكلم عربي" لسيد مكاوي، و"الوطن الأكبر" لمحمد عبد الوهاب، و"أصبح الآن عندي بندقية" للسيدة أم كلثوم.
وعنها قال فؤاد: "هي أغنيات لمصريين ولكنها تعبر عن القومية العربية التي هي في قلوب وعقول الفلسطينيين".
ولا شك في أن العنصر الشاب في هذه الفرقة ساهم بتقديم الأغاني بطريقة عصريّة ومميزة، إذ عملت الفرقة على المزج بين الموسيقى القديمة والموسيقى الغربية الجديدة كـ "الهيب هوب". وهو ما تجلّى في إنتاجها الأخير لـ"سجل أنا عربي" للشاعر الفلسطيني محمود درويش، والتي تمّ المزج بين كلماتها وأغنية "يا حلالي يا مالي".
وفي هذه المجموعة قدمت الفرقة أيضاً أغنية "Gaza Tonight" أو "غزة الليلة"، وأغنية "فلسطين" المستوحاة من أغنية لمغنية الريف الأميركية دولي بارتون. وهي تروي قصة امرأة تخاطب فتاة جميلة تدعى "جولين"، تحاول سرقة رجلها فتقول لها "جولين جولين لا تأخذي رجلي مني". وتقابلها أغنية "فوتي فيوجن" التي تقول "فلسطين فلسطين لا تأخذوا أرضي مني".
استوحى فؤاد فوتة اسم الفرقة "فوتي فيوجن" من اسم عائلته الفلسطينية، من بلدة البيرة قرب رام الله، والتي هاجر منها مع عائلته إلى الولايات المتّحدة حينما كان في الثالثة عشرة من عمره. ولكنه عاد إليها مصطحباً عائلته بعد أربعين عاماً. ووثّق رحلته في فيلم وثائقي عنوانه "العودة إلى رام الله"، وهو من إخراج ابنه زياد، ومن المتوقع أن يتم عرضه العام المقبل.
وعلى الرغم من نشوء أبنائه في الولايات المتحدة، إلا أن فؤاد وزوجته، الرسامة التشكيلية المصرية الفلسطينية، منى البيومي، زرعا فيهم حبّ الوطن والموسيقى. وعن ذلك يقول: "كفلسطيني بعيد عن وطني أردت أن أبقى وعائلتي قريبين منه، ومن هنا استثمرت الموسيقى كوسيلة لتحقيق ذلك. زوجتي فنانة ورسامة معروفة، وفكرة الوطن موجودة لدينا في الفن والموسيقى، من هنا نشأت العائلة على حب ذلك".
إقرأ أيضاً: رحلة "أطفال الحجارة" مع الموسيقى في كتاب أميركي
على مدى السنوات الـ 67 الماضية، واصلت أغاني المقاومة الفلسطينية التطور من خلال تنقلها وإعادة تعريف نفسها في مساحات ثقافية مختلفة في الشتات. ولا شك في أن وضع "فوتي فيوجن" أغاني المقاومة ضمن سياقها التاريخي من خلال عرض موسيقي مرئي، يساهم في فهم كيفية تغير السرد الموسيقي للنضال الفلسطيني عبر الزمن، وهي تجربة تستحق الاهتمام.