في 1962، وبعد قرابة سنةٍ من هدم حيٍّ وسط مدينة المنستير، شمالَي شرق تونس، لإنشاء مركز إداري جديد، اكتُشف موقع "قصر السيّدة" الأثري، والذي كان في الأصل قلعةً عسكرية تعود إلى العهد الفاطمي، ويعتبر مختصّون في الآثار بأنها القلعة الوحيدة في العالم الاسلامي التي تضمّ أبراجاً مثمّنة.
في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، أُعلن عن اكتشافات أثرية جديدة في الموقع، قال أصحابها إنّها ستسمح بإعادة قراءة تاريخ المنطقة. تتضمّن هذه الاكتشافات مسجداً يعود إلى الفترة الأغلبية كان مطموساً تحت "القلعة العسكرية" التي بُنيت خلال العهد الفاطمي، في أواسط القرن الرابع الهجري.
كما تتضمّن الاكتشافات رواسب تتمثّل في فخّار يُستعمل في الطبخ ويعود إلى الفترة الرومانية بين القرنَين الثاني والسابع الميلادي، إلى جانب حجر صوان كان يستخدمه إنسان ما قبل التاريخ، والذي يُعتقَد أنه يعود إلى الفترة ما بين 14 و15 ألف سنة قبل الميلاد.
في ندوةٍ بعنوان "قصر السيّدة: اكتشافات أثرية تُثري تاريخ المنستير"، نُظّمت مؤخّراً في مقر "جمعية صيانة مدينة المنستير"، قال الباحث في "المعهد الوطني للتراث" فتحي البحري، الذي يُشرف على الحفريات في الموقع، إنّ الاكتشافات تخالف الاعتقاد بأنّ وجود السكّان في وسط المنستير بدأ مع بناء "قصر هرثمة بن الأعين" خلال نهاية القرن الثاني الهجري (796 ميلادي).
وإلى جانب المسجد، اكتُشفت بئر يُعتقد أنها تعود إلى العهد الفاطمي أو الأغلبي، وأنها بقيت مستعملةً حتى سنة 1962، إضافةً إلى بئر ثانية تعود إلى العهد الحفصي، ومعملٍ لصناعة الحلي والعملة الفضيّة الحفصية ومصنعاً للفخار، وهو ما يؤكّد - بحسب المتحدّث - أنّ القلعة، وبعد أن فقدت وظيفتها العسكرية، تحوّلت إلى حيّ حرفي خلال العهد الحفصي.
يُذكَر أنَّ الحفريات استُؤنفت قبل أيام في الجهة الشمالية الغربية للموقع، والتي تقع تحت ملعب للتنس، وهي تهدف إلى البحث عن بقايا الحي الأغلبي والأبنية التي تعود إلى العهد الفاطمي.