لسوء حظّ اللاجئين السوريّين ربّما، صودف وصول طائرتهم الأولى إلى مطار غلاسكو في بريطانيا أول من أمس، أي بعد أيام على هجمات باريس. لكن أكثر ما يُقلق أهل جزيرة البيوت الواقعة غرب الساحل الإسكتلندي هو ما يتداوله عدد من وسائل الإعلام حول العثور على جواز سفر سوري مزيّف بحوزة أحد الذين ارتكبوا هجمات باريس، وقد دخل أوروبا كلاجئ سوري.
ينقسم سكان الجزيرة إلى قسمين، بحسب المواطنة كلير ليونارد. تقول إن جزءاً من قاطنيها يرحّب باللاجئين، فيما يتخوّف آخرون من وجودهم بينهم. تتابع أنها حزنت في البداية على أوضاع اللاجئين، وشعرت بالسعادة حين علمت أنهم آتون. لكن بعد هجمات باريس، لا تنكر أنها شعرت بالخوف، حتى أنها تخشى دخول أشخاص غير مرغوب فيهم إلى الجزيرة، مشيرة إلى أنها ليست عنصرية، لكنها ترغب في أن يعيش أطفالها بأمان.
العائلات السوريّة التي وقع عليها الاختيار لتطأ أقدامها أرضاً آمنة بعدما عانت الأمرَّين، قد تواجه نوعاً من الرفض أو يُنظر إليها كأنّها "كائنات متوحّشة". وبالفعل، وصلت 15عائلة من أصل ألف لاجئ، يفترض انتقالهم إلى بريطانيا قبل عيد الميلاد (ديسمبر/ كانون الأول المقبل)، في وقت ما زالت صور ضحايا باريس وروايات الناجين تملأ وسائل الإعلام.
مع ذلك، يمكن القول إن الخوف والقلق والشك هي أمورٌ طبيعية. وقد لا يلامُ أولئك الذين يبدون نوعاً من التعاطف والقلق في آن واحد حيال اللاجئين، خصوصاً بعد هجمات باريس. كما شعروا بضرورة القيام بأي شيء حين رأوا صورة الطفل عيلان الكردي الذي غرق في البحر وقذفته الأمواج إلى أحد الشواطئ التركية وطالبوا حكوماتهم بتعديل سياساتها والترحيب باللاجئين، كذلك يخشون من لجوء أحد الإرهابيّين إلى اتخاذ جواز سفر سوري والادعاء بأنه لاجئ.
تجدر الإشارة إلى أن مسألة اللاجئين تثير جدالاً واسعاً ليس بين أبناء الجزيرة فقط، بل حتى بين أبناء العائلة الواحدة. هذا ما تشير إليه صديقة ليونارد التي رفضت الكشف عن اسمها، مضيفة أنها ترحّب بالوافدين الجدد. ويرى آخرون أن دخول اللاجئين إلى الجزيرة قد يبعث فيها الحياة، حتى أن بعضهم أعرب عن نيته تدريس اللغة الإنكليزية للمبتدئين وتقديم الخدمات الصحية لهم.
وقد حاولت "العربي الجديد" استطلاع آراء بعض العرب المقيمين في بريطانيا وغيرها من الدول الأوروبية. يقول البعض إن ثمّة عداءً وكراهية للإسلام في أوروبا، ويتجلّى ذلك في حرق مساجد وغيرها. ويتساءل آخرون كيف يغضب الغرب من الإرهاب، وقد احتضن المتسببين به تحت راية حرية التعبير. ويعرب آخرون عن غضبهم من العرب، واصفين إياهم بـ"الجهلة" الذين يقتلون أشخاصاً دعموا قضية فلسطين ونزلوا إلى الشوارع لدعمهم، مشيرين إلى أن ثقافة العرب هي "ثقافة موت".
إلى ذلك، يقول أحدهم إنه "يفتخر بالإسلام، وليس العروبة التي باتت رخيصة". يتمنى لو أنه لم يولد في بلد عربي، وإن كان يلوم فرنسا بسبب تاريخها الاستعماري الأسود، أمّا تلك العائلات الهاربة من ويلات الحروب المشتعلة في مناطقها، فهي تأمل خيراً في البلد الجديد الذي وافق على استضافتها، وتتمنى أن تكون قادرة على بدء حياة جديدة، بعدما حالفها الحظ وتمكنّت من النجاة من براثن الموت والوصول إلى أوروبا عبر طرقات آمنة، من دون الحاجة إلى المغامرة بأطفالها في البحر.
ربّما يكون لاعتداءات باريس دور بارز في تبدّل مواقف عدد كبير من أهل البلاد حيال قضية اللاجئين والعرب بشكل عام وخصوصاً المسلمين، علماً أن البعض عبّر لوسائل إعلام مختلفة عن شعور بالاضطهاد في أماكن العمل وغيرها أكثر من ذي قبل، في مجتمع يحتضن 2.7 مليون مسلم وفق إحصائيات عام 2011.
100 لاجئ في غلاسكو
وصلت أول طائرة تحمل مائة لاجئ سوري إلى مدينة غلاسكو في اسكتلندا يوم أول من أمس، منطلقة من مطار بيروت. وأشارت بيانات أخيرة صادرة عن شركة "يوغوف" الدولية للأبحاث إلى أن نسبة البريطانيين المطالِبين باستقبال بلادهم مزيداً من اللاجئين انخفضت من 36 إلى 20 في المائة، عقب هجمات باريس.
اقرأ أيضاً: بريطانيا: مساءلة "الداخلية" لتأخيرها طلبات الهجرة واللجوء