العمل هو أولى نتاجات "مركز الفنون الدرامية والركحية" في المدينة الحدودية النائية (300 كلم جنوب غربي العاصمة)، التي تعاني تهميشاً اقتصادياً وغياباً للتنمية في مجالات عديدة، لذلك يتناول أحد الملفات الساخنة والمتعلّق بموضوع التهريب أو ما يعرف باللغة العامية "الكنترا" الذي تزايد خلال السنوات الأخيرة.
يتظرّق الملايكي إلى أحد عوالم الجريمة التي اتخذ منها المهربون مورد رزق في ظلّ تفاقم أزمة البطالة وأثروا ثراءً فاحشاً، رغم ما يلحقه التهريب من أضرار فادحة بالاقتصاد الوطني، حيث ازدهرت الأسواق الموازية، وتجاوزت عمليات التهريب البضائع التقليدية إلى نقل وبيع الأسلحة، ودعم الإرهاب، وترويج المخدرات، كما يكشف البيان الصحافي للمسرحية.
يوظّف العرض الإضاءة والموسيقى إلى جانب حضور مكثف للغة الجسد المشفرة عبر الكوريغرافيا التي ينفّذها الفنان وليد خضراوي، لتسليط الضوء على أفراد مشوهين تخلوا عن آدميتهم ليسقطوا في الوحشية المطلقة ومنظومة الفساد التي تسود المجتمع اليوم.
يؤدي الممثلون شخصيات "سي الشريف"، و"الففاتي"، و"بو العز"، و"المدام"، و"المزوري"، و"إسكندر"، و"الريزو" وهم أعضاء شبكة يستغل أصحابها نفوذهم السياسي لتحقيق مصالحهم الشخصية في ظلّ تورّط كليّ للقضاء والأمن والسياسة مع عمال التهريب في جميع القطاعات.
ورغم سقوط "سي الشريف" الهرم الأعلى للفساد والداعم الأقوى لعصابات التهريب، إلا أن "الكنترا" تبقى متفشية في مجتمعنا شبه عصية على إيجاد الحلول للقضاء عليها، وإيقاف هذه الماكينة التي حصدت عشرات الأرواح البشرية، وكأننا أمام الفعل العبثي لهذه الظاهرة.
يقول أحد مقاطع النص "مع هبة ريح الخريف، السماء مظلمة، والأرض يابسة، تبدأ الحكاية في البلاد المنسية.. يدان في الظلام للظلام ممدودتان، والعينين هايمة في كل بر وثنية دارت الماكينة، سي الشريف عنكبوت صياد، في شبكتو طاح الواحد ورا الواحد والغلط ممنوع.. وتتضارب المصالح وتتكاثر المشاكل وتتعطل الماكينة ويغيب سي الشريف وتبقى الكنترا..".