تحيل معظم الاستعادات المتكرّرة لتاريخ الإسكندرية المعاصر حتى منتصف القرن الماضي إلى حنين لفترة عاشت خلالها هذه الحاضرة تعدّداً ثقافياً واجتماعياً، حيث ضمّت جاليات تعود أصولها إلى أغلب بلدان البحر الأبيض المتوسط، وإلى الانفتاح والتطوّر الذي شهدته في مجالات متعدّدة، وهي في تراجع مستمر لليوم.
"كتوز البلدية- صفحات من تاريخ الإسكندرية" عنوان المعرض الذي افتتح عند العاشرة من صباح اليوم الأحد في "متحف الفنون الجميلة" بالمدينة، ويتواصل حتى الثلاثين من الشهر الجاري، ويتزامن مع الذكرى السادسة والستين لتأسيس المتحف.
يضمّ المعرض لوحات لعدد من الرحّالة الغربيين الذين زاروا الإسكندرية، تعود أقدمها إلى حوالي ثلاثمئة عام، وصور التقطت للأسطول البريطاني أثناء قصفه للمدينة عام 1882 تُعرض للمرة الأولى، وصفحات من سجلات القومسيون البلدي ترجع إلى عام 1890، وتعد أكبر خزانة خطيّة فى مصر، ومن أقدم مكتبات مصر العامة، وكانت تقارير إعلامية محلية أشارت في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي إلى أن الكتب والمخطوطات التي تحويها لم ترمّم وهي مهدّدة بالتلف.
ويحتوي أرشيف القومسيون (مجلس البلدية) على النسخة الأصلية من كتاب "وصف مصر" المكوّن من عشرين مجلداً تمّت كتابتها وتجميعها إبان الحملة الفرنسية على مصر من قبل العلماء الذين رافقوا جيش نابليون، وكذلك الفرمانات العثمانية الأصلية ومخطوطات إبراهيم باشا، إلى جانب مئتي ألف مخطوط في حقول معرفية عديدة، وسيتمكّن الزوّار من الإطلاع على أبرز قرارات المجلس البلدي الذي كان ينتخب أعضاؤه الثمانية والعشرين عبر الاقتراع، ومحاضر المجالس المتعاقبة.
كما تُعرض صور نادرة لتطوير كورنيش الإسكندرية في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي، ونسخ من صُحف ودوريات أصلية توثق زيارات جمال عبد الناصر للمدينة مطلع الخمسينيات، وغيرها من الأحداث المهمة التي عرفتها الإسكندرية منذ صدور صحافتها في القرن التاسع عشر.
إلى جانب أعمال لعدد من الفنانين السكندريين تُعرض للمرة الأولى أيضاً، منهم محمد ناجي (1888-1956)، والأخوين سيف وانلي (1906 – 1979) وأدهم وانلي (1908 – 1959)، وجورج صبّاغ (1887 – 1951)، ومارغريت نخلة (1908 – 1977)، وحامد عويس (1919 – 2011)، ومصطفى عبد المعطي (1938)، ومحمد حسن القباني (1938)، وعزت إبراهيم (1933 – 1993).