تثير اللجان التي شكّلتها حكومة التوافق الفلسطينية لحل بعض أزمات قطاع غزة، أسئلة عن "التفرّد" في القرار، بعدما قالت حركة "حماس" إنّ هذه اللجان جرى تشكيلها بعيداً عما تم التوافق عليه في زيارة رئيس الحكومة رامي الحمد الله إلى القطاع، قبل أكثر من أسبوعين.
وفي جلستها الأسبوعية، الثلاثاء الماضي، أصدرت الحكومة قراراً بتشكيل لجنة لترتيب استلام كافة المعابر في قطاع غزة، بدعوى أنّ ذلك سيدفع نحو تمكين حكومة التوافق في قطاع غزة، وتسريع عملية إعادة الإعمار، على الرغم من أنّه لم يتم الاتفاق مع "حماس"، على هذه اللجنة ولا على استلام المعابر حتى الآن.
وقررت الحكومة كذلك، إعادة تشكيل اللجنة الإدارية القانونية لدراسة القضايا المدنية والمشاكل الإدارية الناجمة عن الانقسام، والتي تشمل تعيينات الموظفين وترقياتهم والفصل ووقف الراتب والتنقلات في المؤسسات والإدارات الحكومية والمراسيم والقرارات الرئاسية والحكومية المختلف عليها، واقتراح سبل معالجتها وتقديم نتائج أعمالها للجهات التنفيذية المختصة خلال ثلاثة أشهر.
ووفق اتفاق القاهرة الذي نظّم كل الاتفاقات بين "حماس" و"فتح"، فإنّ هذه اللجنة كان يجب أنّ تُشكل بالتوافق بين الطرفين، وليس عن طريق الحكومة فقط، وهي اللجنة الثانية التي تُشكّل لحل أزمة الموظفين في القطاع الذين عيّنتهم "حماس"، ولم ينتج عن اللجنة الأولى أي قرار.
وتقول حكومة التوافق الفلسطينية، المتهمة من قِبل "حماس" وآخرين بإهمال القطاع وتركه، إنّ نجاح اللجنتين في العمل يتطلّب دعماً وتعاوناً من جميع الأطراف السياسية، في إشارة إلى "حماس" التي رفضت تشكيل اللجنتين، ودعت إلى الالتزام بما تم التفاهم عليه خلال الزيارة.
وأثارت اللجان المُشكلّة أيضاً "حنق" الغزيين على شبكات التواصل الاجتماعي، والذين باتوا يقولون إنّ حياتهم صارت مرتبطة "باللجان"، فقد كثُرت اللجان التي شكّلتها حكومة الوفاق لحل أزمات غزة، على الرغم من أنها لم تُنجز شيئاً على أرض الواقع حتى الآن.
واستدعت قرارات الحكومة رداً معارضاً لها من "حماس"، ثم جاء رد من الحكومة يقول إنّ اللجان شُكّلت بناء على تفاهمات مع الحركة خلال زيارة الحمد الله إلى القطاع، لتعود "حماس" من جديد لنفيّ ذلك، والطلب من حكومة التوافق الالتزام بما تم الاتفاق عليه في اللقاء مع وفد الحركة خلال زيارته القطاع.
اقرأ أيضاً: الحكومة الفلسطينية تشكل لجنة لاستلام معابر قطاع غزة
ويعتبر القيادي في "حماس"، إسماعيل رضوان، في حديث لـ"العربي الجديد"، تشكيل اللجان من قِبل حكومة التوافق ومن طرف واحد من دون التوافق مع حركته، "انقلاباً" على التفاهمات التي تمت خلال زيارة رئيس الوزراء إلى غزة قبل أسبوعين.
ويشير رضوان إلى أنه جرى تشكيل لجنة برئاسة نائب رئيس حكومة التوافق، زياد أبو عمرو، خلال الزيارة الأخيرة، للنظر في كافة المشاكل العالقة في القطاع، من موظفين ومعابر وغيرها، وجرى في هذه اللجنة التوصّل إلى تفاهمات بين الطرفين، وكان الوعد من قِبل الحكومة بأن تعرض التفاهمات "وكنا ننتظر منهم الرد والإجابات".
غيرّ أنّ "حماس" فوجئت، وفق رضوان، بتشكيل الحكومة لجاناً جديدة من دون أنّ ترد على التفاهمات التي جرى التوافق عليها، معتبراً ذلك تجاهلاً وتهميشاً للقطاع، وينم عن عدم جدية في التعاطي مع ما تم التفاهم عليه، وهو استمرار لسياسة التفرد وعملية عدم قبول الآخر والشراكة.
ويلفت رضوان إلى أنّ حكومة التوافق أنشأت عدة لجان منذ تشكيلها في يونيو/حزيران الماضي، "لكننا لم نرَ من هذه اللجان أي شيء على أرض الواقع"، داعياً الحكومة إلى الالتزام باتفاق القاهرة وإعلان الشاطئ، والتفاهمات الأخيرة لحل الأزمات في القطاع لأنّ ذلك يخفف حدة الاحتقان، كمدخل للالتزام بكافة الاتفاقات والتفاهمات التي تمت.
ويتهم القيادي في "حماس" الرئيس الفلسطيني محمود عباس بتعطيل التفاهمات بين حركته وحكومة التوافق، مشيراً إلى أنّ هناك تفاهمات سابقة مع نائب رئيس حكومة التوافق زياد أبو عمرو عن تسليم المعابر، وعندما وصلت إلى عباس وقفت عنده وتعطّل كل شيء، معتبراً أنّ ذلك يعني "عدم جدية الرئيس في حل أزمات القطاع، ورغبته في إبقاء الأزمات كما هي من دون حلول".
من جهته، يقول المتحدث باسم اللجنة النقابية للدفاع عن موظفي غزة، خليل الزيان، لـ"العربي الجديد"، إنّ القرارات الأخيرة لحكومة التوافق مخيبة للآمال، وتنكّرت لحقوق آلاف الموظفين الذي لم يتقاضوا رواتبهم منذ تسعة أشهر هي عمر الحكومة الفعلي.
ويشير الزيان أيضاً إلى أنّ قرار إعادة تشكيل اللجنة الإدارية القانونية يتعارض مع التفاهمات التي جرت بين النقابة والحكومة أخيراً، والتي تم خلالها التأكيد على أنّ حكومة التوافق ستعمل على دمج موظفي حكومة غزة خلال أسبوعين.
ويلفت الزيان إلى أنّ الحكومة تنكّرت لهذه التفاهمات التي جرت خلال زيارة الحمد الله للقطاع، وشكّلت لجنة إدارية جديدة لمدة ثلاثة أشهر في محاولة منها للتسويف والمماطلة في حقوق الموظفين في غزة، مشيراً إلى أنّ النقابة والموظفين سيقدمون على خطوات تصعيدية في الفترة المقبلة، بحال لم تتراجع الحكومة عن قراراتها وتُوافق على التفاهمات التي جرت أخيراً.
اقرأ أيضاً: الحمد الله يهدد إسرائيل بالملاحقة الدولية لاحتجازها الأموال الفلسطينية