"جيرارد لن تسير وحدك أبداً"، بضع كلمات تختلج مشاعر جماهير ليفربول قبل رحيل الملك عن ملعب أنفيلد رودز، فرحيل سيد الإبداع عن مدينة ليفربول اقترب، لتنتهي معه قصة القائد الذي ألهم مئات الآلاف من الجماهير حول العالم. وسيكون اليوم ظهوره الأخير في الملعب الذي خرج منه للضوء، ليصبح أحد أعظم لاعبي الفريق الأحمر على مر التاريخ.
"كبير القوم" الرقم ثمانية، يزيد المديح في حضرة القائد جيرارد، فهو الذي شارك في صناعة مجد ليفربول في أوقات كثيرة، عايش الكثير من اللاعبين، هم رحلوا وهو بقي، حاملاً راية اللواء في الملعب، لم يستسلم جيرارد رغم تقدم السن، وقدوم المواهب الشابة إلى الريدز، بل علّم أجيالاً كيف يكون لاعب خط الوسط الرائع.
مسيرة ستيفن مع ليفربول لا يمكن أن تنسى، فهو بدأها في سنة 1997 بعد أن وقّع أول عقد احترافي في حياته، فقدم إلى الريدز في سن التاسعة، وبقي مع ناديه حتى هذا الموسم (2015)، فالرحيل لن يكون بهذه السهولة بعد 17 سنة من العطاء في الملاعب، مع فريق كان له خير صديقٍ في كل وقت وحين.
الخطوة الأولى للقائد:
الدقيقة الآن هي التسعون، ومدرب ليفربول يجري تبديلاً، ويدخل لاعباً شاباً اسمه "ستيفن جيرارد" بديلاً لفيجارد جيجيم، في مباراة بلاكبيرن روفرز. بالتأكيد لم تكن تلك الدقيقة القصيرة التي لعبها جيرارد تحزنه، فرحلة الألف تبدأ بخطوة، ويوم 29 نوفمبر/ تشرين الثاني من ذلك العام، كان يوم بداية نجم جديد. خاض بعدها جيرارد 13 مباراة في الموسم الأول.
البداية ولكن...
ديربي إيفرتون على الأبواب، إنه موسم 1999-2000، بدأ جيرارد المباراة يومها من مقاعد البدلاء، لكنه دخل مكان روبي فاولر في الشوط الثاني، اندفاعه وحماسته الزائدة في سن الشباب، وخاصة أنه يلعب باسم نادٍ عريق كليفربول، كلفاه أول بطاقة حمراء في مسيرته الاحترافية، لارتكابه خطأ على كيفن كامبل، ثم عاد الشاب لخط الوسط في الموسم ذاته وحقق هدفه الأول بالقميص الأحمر في مرمى شيفيلد يونايتد، في اللقاء الذي فاز به فريقه بنتيجة 4-1، لكن الإصابات ضربت ظهر جيرارد، فاستشار أحد الأطباء، وكان سبب المشاكل النمو المتسارع واللعب المفرط، خلال سنوات المراهقة، وعانى بعدها من من إصابات في الفخذ التي تطلبت إجراء أربع عمليات منفصلة.
العودة ومعانقة أول الألقاب:
كانت الإرادة دافعاً مهما في نفس جيرارد، فهزم الإصابات وعاد في موسم 2000-2001، فبدأ أساسياً في خمسين لقاء، سجل خلالها عشرة أهداف، كما فاز في أول ألقابه مع ليفربول توالياً، كأس الاتحاد الإنجليزي، وكأس رابطة أندية المحترفين، وكأس الاتحاد الأوروبي. واعتبره كثر أفضل لاعب شاب في ذلك الوقت، وحقق في الموسم التالي لقب الدرع الخيرية، وكأس السوبر الأوروبي. وفي مارس/آذار 2003، سجل جيرارد الهدف الأول في مباراة مانشستر يونايتد في نهائي كأس رابطة الأندية، والتي انتهت لصالح ليفربول بهدفين نظيفين.
القائد أصبح جاهزاً:
في أكتوبر/تشرين الأول من العام 2003، دفع المدرب هولييه بجيرارد كقائد للفريق، ليحل مكان سامي هييبا، بعد أن أعجب بشخصيته ورصانته، والتي قادته لتجديد عقده مع الفريق، وإعلان الولاء للأنفيلد رودز، وبعد سوء النتائج التي ضربت ليفربول أقيل هولييه في موسم 2003-2004، وكان تشلسي يسعى خلف نجم مدينة ليفربول الأول، ودفع حينها مبلغاً ضخماً 20 مليون جنيه استرليني، لكن الرقم 8 رفض وفضل البقاء مع ناديه.
توأم خط الوسط:
بعد رحيل هولييه، أشرف الإسباني بينيتز على نادي ليفربول، واستقدم تشابي ألونسو من ريال سوسيداد، وشكلا معاً ثنائيا خطيراً، استطاعا تحقيق لقب غاب طويلاً عن خزائن ليفربول، لمدة 20 عاماً، وهو اللقب الأغلى في القارة العجوز، إنه دوري الأبطال في موسم 2005.
النهائي المعجزة:
وصل ليفربول بصحبة جيرارد إلى المباراة النهائية لدوري الأبطال، والتقى حينها نادي ميلان، المدعم بنجوم من الطراز العالمي، ولكن ستيفان وزملاءه، تلقوا صدمة في الشوط الأول، بعد أن سجل لاعبو الروسونيري ثلاثة أهداف متتالية، في مدينة إسطنبول في ملحمة أتاتورك.
وبعد الخروج من غرف الملابس ما بين الشوطين، أشعل ليفربول الملعب، وسجل ثلاثة أهداف متتالية، ولأن الأمسية كانت كبيرة، لم تخلُ من هدف المبدع جيرارد، بعد أن ارتقى وسجل هدفاً من رأسية محكمة في مرمى ديدا، فوصل اللقاء إلى ركلات الجزاء، ولم يسدد حينها القائد، لأن الفريق انتصر بنتيجة 3-2، ليحمل إثر ذلك كأس الأبطال الأغلى في مسيرته مع ليفربول، على مرّ المواسم جميعاً.
3 لحظات صعبة مع ليفربول:
كاد الحلم يتكرر في موسم 2007 في نهائي دوري الأبطال وأمام ميلان، عندما خسر الريدز بقيادة جيرارد أمام الميلان بنتيجة 2-1، ليتكسر حلم جيرارد بتحقيق اللقب الأخير مرة أخرى.
كان السقوط أمام لاعب تشلسي ديمبابا في مباراة فريقه صعباً جداً، عندما خسر الكرة بطريقة غريبة بعد أن فشل في ترويضها، ليدخل "با" ويسجل هدف تشلسي، ليسقط ليفربول بخطأ القائد. في إياب هذا الموسم دخل جيرارد أمام مانشستر يونايتد في الدوري الإنجليزي الممتاز، وكان فريقه بأمسّ الحاجة له، لكنه تلقى طرداً سريعاً جداً بعد دخوله بلحظات ليخرج "الكابتن" حزيناً من أرضية الملعب.
جيرارد في سطور:
خاض جيرارد مع ليفربول 706 لقاء سجل خلالها 183 هدفاً، وحقق مع النادي العديد من الألقاب، لكنه فشل في الفوز ببطولة الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم، والذي بقي رقماً صعباً لم يصل إليه ستيفان، واختير كثالث أفضل لاعب في العالم في موسم 2005، بعد أن كان أفضل لاعب في المباراة النهائية لدوري الأبطال، سجل 42 هدفاً من علامة الجزاء مع ليفربول، كما تميّز جيرارد بتسديداته القوية، ومهارته في قيادة خط الوسط والتمرير، ويعتبر كثاني أفضل لاعب في ليفربول بعد كيني دالجليش بحسب استفتاء جماهير ليفربول، وقال زين الدين زيدان، إنه يرى جيرارد من أفضل اللاعبين في أوروبا والعالم.
اقرأ أيضاً: الرئيسي الفرنسي السابق: "سأدفع المال لضم بوجبا لسان جيرمان"