"ليشمانيا" في شمال سورية

24 يونيو 2019
تخضع للعلاج على أمل الشفاء (دليل سليمان/ فرانس برس)
+ الخط -

في مناطق الشمال السوري، يتفشّى مرض الليشمانيا الجلدي، المعروف محلياً في البلاد بـ"حبة السنة"، وعلى الرغم من أنّه لا يشكل تهديداً للحياة، فإنّه يشوّه جلد المصاب به. تقول والدة الطفلة جميلة أبو حسن (سبعة أعوام)، والمقيمة في ريف إدلب، لـ"العربي الجديد": "قبل نحو 15 يوماً، ظهرت حبة تميل إلى الحمرة على وجنة جميلة اليمنى. في البداية، اعتقدت أنّها ناتجة عن الحرارة لكنها راحت تكبر. ثم اعتقدت أنّها ناتجة عن لسعة بعوض. وضعت لها كريماً خاصاً ولم تتحسن، بل صارت تكبر وتغطي وجنتها. بعدها، شخّص الطبيب إصابتها بمرض الليشمانيا، وقال إنّ علاجها قد يستغرق شهراً كاملاً". تضيف الوالدة: "أخبرني الطبيب بأنّ الحبة ستترك ندبة على وجه جميلة، وهذا قد يخرب حياتها كلها، خصوصاً أنّها فتاة". وتلفت إلى انتشار الحشرات أكثر من العام الماضي، خصوصاً البعوض والذباب، بسبب القمامة والمياه الآسنة مع ارتفاع في درجات الحرارة.

بدورها، تشكو والدة الطفل مرعي حمود (أربعة أعوام) لـ"العربي الجديد"، سوء حال طفلها، قائلة: "الحبة تكبر وكأنّها ستأكل رجله. غالباً ما يحكها حتى تنزف". وتتابع: "نعاني للوصول إلى المركز الطبي. في منطقتنا ما من مركز علاج لحبة السنة، ما يجعلنا مضطرين للانتقال عشرات الكيلومترات حتى نصل إلى المركز، وتحمّل غلاء المواصلات، عدا عن الانتظار الطويل".

في السياق، يعزو الناشط محمد علي، في حديث لـ"العربي الجديد"، سبب انتشار الليشمانيا وغيرها من الأمراض إلى "واقع الرعاية الصحية السيئ. كذلك، النظافة مفقودة وشبكات الصرف الصحي مدمرة، حتى الهواء ملوث. في المقابل، ما من تحركات حقيقية لتحسين هذا الواقع، ما يهدد بتدهور الوضع بشكل أكبر، خصوصاً أنّنا ما زلنا في بداية فصل الصيف".




من جهته، يقول مدير مركز العمالية في إدلب، الطبيب المتخصص في الأمراض الجلدية كمال سرميني، لـ"العربي الجديد": "الليشمانيا منتشر بشدة في مناطقنا، خصوصاً المناطق الريفية في ظل ضعف خدمات الصرف الصحي، وانتشار الحيوانات قرب المناطق السكنية ورمي النفايات في الشوارع". يضيف: "بالنسبة إلى العلاج، فهو متوفر نوعاً ما، وتوجد مراكز عدة لعلاج المرض. في مدينة إدلب مركزان للعلاج هما مركز العمالية ومستشفى المحافظة". ويلفت سرميني إلى أنّ "المريض يحتاج إلى الحقن الموضعي خلال فترة تمتد إلى الشهر. وبعض الحالات تحتاج إلى جرعات يومية بحسب الوزن، وكذلك إجراء التحاليل المخبرية أسبوعياً. ويوضح أنّه "تتم الوقاية من المرض من خلال مكافحة الحشرة الناقلة، أي ذبابة الرمل، في أماكن انتشارها، من خلال رش المبيدات خلال أشهر تكاثرها، أي بين شهري إبريل/ نيسان ويونيو/ حزيران، وردم مناطق الصرف الصحي المكشوفة والتخلص من النفايات بشكل آمن وصحي، إضافة إلى اتباع طرق الوقاية الشخصية من خلال رش البيوت، خصوصاً الأقبية والإسطبلات بالمبيدات الحشرية وإغلاق النوافذ بإحكام، واستخدام الناموسية ليلاً، خصوصاً في المناطق الأكثر عرضة".

أمّا مدير مركز نسائم الخير لعلاج الليشمانيا في مدينة أريحة في ريف إدلب حسام إسماعيل، فيقول لـ"العربي الجديد": "قبل أكثر من 6 أشهر، قدمت إحدى المنظمات أدوية لعلاج الليشمانيا إلى مستشفيات ومراكز علاجية عدة. ومنذ ذلك الوقت، لم توزع أدوية جديدة". يضيف أنّه "بخلاف ما كان عليه الحال قبل عام 2011، لم يعد العلاج الموضعي فعالاً في الوقت الحالي. لم تعد سبع جلسات علاج كافية، بل يحتاج المريض إلى ما بين 15 و20 حقنة". ويذكر إسماعيل أنّ "المكافحة تبدأ بالوقاية، من خلال معالجة النفايات ورش المبيدات ووضع مكبات النفايات في محيط المدن وغيرها". ويبين أنّ الجلسة الواحدة لعلاج الليشمانيا تكلف ما بين 5 إلى 10 دولارات، وهذا مرهق للأهالي. وبدلاً من ذلك، يضطر المرضى للذهاب إلى مستشفى المحافظة والانتظار، علماً أن العلاج قد لا يكون متوفراً". ويلفت إلى انتشار الأمراض في ظل ارتفاع نسبة التلوث، موضحاً أنّ بعض الأمراض لا تستجيب للعلاج.




إلى ذلك، يقول مسؤول الرعاية الصحية الأولية في مديرية صحة حماه أيهم السلوم لـ"العربي الجديد" إنّ "عدد المصابين في ريف حماه يقدّر اليوم بنحو 3200 مصاب، فيما الأدوية قليلة جداً". ويشير إلى ارتفاع نسبة المرض في ظل النزوح وغياب المكافحة الفعالة، من رشّ المبيدات ومعالجة المياه الراكدة والتخلص من النفايات بشكل آمن، بالإضافة إلى عدم القضاء على مسببات هذا الداء بشكل كامل". ويلفت إلى أنّ "المرض منتشر بشكل كبير في منطقة الغاب".