جلب عام 1981 وانتخاب فرانسوا ميتران رئيساً للجمهورية الفرنسية معه العديد من التطوّرات غير المتوقّعة في "متحف اللوفر"، بدأت مع ضمّ جناح ريشيليو ليصير ملحقاً به، بعد أن كان يُستخدم كمكاتب لوزارة المالية، ثم عُيّن إيو مينغ بي (1917 - 2019) المعروف بـ أي إم بي، عام 1983 لتطوير مدخل كبير جديد لاستيعاب العدد المتزايد من الزوار وإعادة تنظيم الجزء الداخلي للمتحف.
قام مينغ بي، الذي رحل أيار/ مايو الماضي، بتصميم الهرم "الأودوتوريوم" الذي يتوسط الباحة التي تقابل اللوفر اليوم، وافتتح في آذار/ مارس 1989، مع المئوية الثانية للثورة الفرنسية. وقد تزامن بناء الأودوتوريوم مع القيام بعملية تجديد واجهات اللوفر وأصبح المكان كله كأنما أجريت له عملية تجميل حقيقية غيرت وجهه وجعلته أكثر جاذبية.
في البداية، أثار الهرام استياء كثيرين من بينهم ميتران نفسه، وكان أحد أسباب الشعور بالضيق من هذا البناء أن من صمّمه هو معماري صيني أميركي من دون تنظيم مسابقة يشارك فيها معماريون فرنسيون وغير فرنسيين.
اليوم اختلف الأمر، وأصبح الهرم بمثابة رمز من رموز باريس يتلاءم تماماً مع قصر اللوفر حتى أنه بات نقطة جذب سياحي بحد ذاته. وليس من غير المعتاد رؤية المارة يقومون بالتقاط الصور أمامه، ليتحول إلى أكثر من مجرّد مدخل في فناء القصر، بل إنه يشكّل اليوم علامة للمتحف.
عند تصميم الهرم المستخدم كمدخل في فناء اللوفر، وضع مينغ بي له نفس نسب الهرم الأكبر في الجيزة بالقاهرة، وحجمه 116 قدماً في 70 قدماً، وهو مبنيّ من 95 طناً من الصلب و105 أطنان من الألومنيوم لدعم الهيكل.
يُعد هذا الاختيار بمثابة تذكير بأهمية مجموعة الآثار المصرية داخل المتحف، ويتصادى مع المسلّة التي ترتفع في ساحة الكونكورد غير بعيدة عن اللوفر.
يرافق الهرم الرئيسي ثلاثة أصغر منه، تم إنشاؤها لابتكار نقاط خفيفة من الضوء الطبيعي أثناء السير للوصول إلى مجموعات المتحف، وثمة أيضاً الهرم المقلوب أو المعلق، والذي يمكن رؤيته من تحت الأرض، عند استخدام مدخل كاروسيل إلى المتحف.
تتكون الألواح الزجاجية للأدوتوريوم من الماس، ويساعد التصميم المقسم على شكل مثلثات، على إظهار المبنى كما لو كان قطعة ماس خام غير مقطوعة.
اليوم وغداً، يحتفي اللوفر بمرور ثلاثين عاماً على إقامة الهرم، بأمسية تَعزف خلالها "أوركسترا باريس" ضمن عروض "عيد الموسيقى" الذي ينطلق اليوم في مدن فرنسية وعالمية مختلفة، أما غداً فتقام أمسية موسيقية بعنوان "ثلاثون عاماً من الموسيقى" تعزف خلالها الأوركسترا مجموعة من الكلاسيكيات.