تحول وثائقي "ملك النمور: قتل وفوضى وجنون"، الذي بثته شبكة نتفليكس أخيراً، إلى ظاهرة عالميّة. "الكل" يتحدث عنه ويكتب عنه ويتابع قضيته. أصبح "ملك النمور"، جو إيكزوتيك، واحدا من مشاهير العالم لكنه في السجن حالياً بتهمة استئجار قاتل لتصفية كارول باسكين، عدوته اللدودة. بل إن شهرته وصلت إلى أن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الذي صرّح بأنه سينظر في قضيته، ويفكر بإصدار عفو رئاسيّ عنه؛ لأن مربي النمور وصاحب حديقة الحيوان، ومؤلف موسيقى الكانتري، والمثليّ ذا الزوجين، ومدخن الكراك، وعدو منظمات حقوق الحيوان، ربما يكون بريئاً.
تأخذنا الحلقات الستة من الوثائقيّ في رحلة غير متوقعة، سلسلة من المفاجآت ضمن عوالم محبّي "القطط الكبيرة"، المليئة بحد ذاتها بالغرابة؛ مئات النمور والأسود الكبيرة والصغيرة في الأقفاص والحفلات الخاصة والعامة، وطرفان يتصارعان، جو إيكزوتيك، وغريمته كارول باسكين، التي يظن أنها قتلت زوجها وتتهم جو بالإساءة للحيوانات، لكنها في ذات الوقت تستغل الحيوانات ومحبيها لأجل الربح.
لا تمكن الكتابة عن كل أحداث الوثائقي لأنها تزداد غرابة كلما أمعنّا في المشاهدة. نمط الحياة الذي يعيشه جو شديد النرجسية، يتداخل فيه العنف مع الجنس والمخدرات، وفئة مظلومة يستغل جو فقرها وقلة حظها، كون أغلب العاملين معه من المدانين السابقين. في ذات الوقت، نراه يدخل في صراعات وصداقات مع من هم مثله؛ مجرمين سابقين وأصحاب حدائق حيوانات ومتعددي العلاقات الجنسية، يحكمون من حولهم بالعنف والترهيب، أشبه بطوائف دينيّة متشددة قوامها النمور والأسود والاستغلال الجنسيّ.
نشاهد في الوثائقي تهديدات علنيّة بالقتل، كلها تتقنع باسم حقوق الحيوان، ما يطرح العديد من الأسئلة الأخلاقية والقانونيّة حول جدوى حبس النمور واحتمالات تركها للبريّة التي لم تعد بالأصل موجودة، خصوصاً أن كل العاملين في هذه الحدائق "ينتجون" صغار النمور ويتاجرون بها، بل ويستخدمونها لغواية النساء للانضمام إلى فريق العاملين في الحديقة مجاناً في العديد من الأحيان.
اقــرأ أيضاً
الضجة التي أثارها الوثائقيّ ترتبط أيضاً بأميركا نفسها، وطبيعة حياة فئة كبيرة من الأشخاص، خصوصاً أن هناك الملايين التي يكسبها القائمون على هذه الحدائق، وهذا ما نراه في أعداد الزوار، الباحثين عن الغرابة وصورة سيلفي مع نمر صغير، خداع وتلاعب بالناس واستعراض يخفي وراءه رجلاً متنمراً، مُستغلاً جنسياً لمن هم أضعف وأقل حظاً، وهذا ما دفع البعض لمقارنته بدونالد ترامب نفسه نتاج أميركا الاستعراض، تلك التي تنتصر فيها الغرابة والفجاجة والإشباع الآني على حساب النظام والمهارة والغرور والاندفاع الذاتيّ.
المثير للاهتمام أن جو كان لديه حلم بأن يصبح مشهوراً. الكثير من المواد المصورة في الفيلم هي من إنتاج جو نفسه، إذ يعتبر نفسه ظاهرةً، بل إنه رشح نفسه لرئاسة الولايات المتحدة. هناك تصميم لدى جو يثير الإعجاب، جديته في تعامله مع ذاته ومع أحلامه، عاطفيته المفرطة، إيمانه بما يفعل، وحجته المنطقية التي يرددها دوماً: "أين يمكن أن تعيش النمور إن كانت البريّة مدمرة؟ أليست أفضل حالاً هنا في الأقفاص"؟ كل هذه الأمور تجعله إشكالياً، لكن بالرغم من منطقية هذا الحجة، إلا أنها تخفي وراءها العنف الذي يمارسه جو ضد الحيوانات (هي اتهامات فقط من أصحابه)، كما أنها لا تكشف عن عمليات التدجين و"الإنتاج" التي يقوم بها لبيع صغار النمور كسلع لأجل الفرجة. الأهم أنها حين تكبر تحتاج مساحة وطعاماً مكلفا، ما دفعه في العديد من المرات لقتل بعضها حسب أصدقائه.
يدجن جو البشر والحيوانات على حدّ سواء، يقدم ما يمتلكه على أنه الحل الوحيد والمنطقي، ولا بديل له، وهذا ما نراه في علاقته مع "زوجيه" اللذين انتحر واحد منهما، ثم اكتشاف الآخر الذي تركه أنه ليس مثليا. مع ذلك، وبالرغم من كل ما حلّ به من إفلاس وملاحقة قضائية، تمكن من إيجاد "شريك" جديد يقوم بتنفيذ ما يريده وهو داخل السجن، فجو "صيّاد" يختار "فرائسه" بدقة ويجعلهم تحت إمرته دوماً: شبان ضائعون، في أول العشرينيات، لا عمل لهم أو مأوى، يبحثون فقط عن وسيلة لمتابعة حياتهم.
لا تمكن الكتابة عن كل أحداث الوثائقي لأنها تزداد غرابة كلما أمعنّا في المشاهدة. نمط الحياة الذي يعيشه جو شديد النرجسية، يتداخل فيه العنف مع الجنس والمخدرات، وفئة مظلومة يستغل جو فقرها وقلة حظها، كون أغلب العاملين معه من المدانين السابقين. في ذات الوقت، نراه يدخل في صراعات وصداقات مع من هم مثله؛ مجرمين سابقين وأصحاب حدائق حيوانات ومتعددي العلاقات الجنسية، يحكمون من حولهم بالعنف والترهيب، أشبه بطوائف دينيّة متشددة قوامها النمور والأسود والاستغلال الجنسيّ.
نشاهد في الوثائقي تهديدات علنيّة بالقتل، كلها تتقنع باسم حقوق الحيوان، ما يطرح العديد من الأسئلة الأخلاقية والقانونيّة حول جدوى حبس النمور واحتمالات تركها للبريّة التي لم تعد بالأصل موجودة، خصوصاً أن كل العاملين في هذه الحدائق "ينتجون" صغار النمور ويتاجرون بها، بل ويستخدمونها لغواية النساء للانضمام إلى فريق العاملين في الحديقة مجاناً في العديد من الأحيان.
الضجة التي أثارها الوثائقيّ ترتبط أيضاً بأميركا نفسها، وطبيعة حياة فئة كبيرة من الأشخاص، خصوصاً أن هناك الملايين التي يكسبها القائمون على هذه الحدائق، وهذا ما نراه في أعداد الزوار، الباحثين عن الغرابة وصورة سيلفي مع نمر صغير، خداع وتلاعب بالناس واستعراض يخفي وراءه رجلاً متنمراً، مُستغلاً جنسياً لمن هم أضعف وأقل حظاً، وهذا ما دفع البعض لمقارنته بدونالد ترامب نفسه نتاج أميركا الاستعراض، تلك التي تنتصر فيها الغرابة والفجاجة والإشباع الآني على حساب النظام والمهارة والغرور والاندفاع الذاتيّ.
المثير للاهتمام أن جو كان لديه حلم بأن يصبح مشهوراً. الكثير من المواد المصورة في الفيلم هي من إنتاج جو نفسه، إذ يعتبر نفسه ظاهرةً، بل إنه رشح نفسه لرئاسة الولايات المتحدة. هناك تصميم لدى جو يثير الإعجاب، جديته في تعامله مع ذاته ومع أحلامه، عاطفيته المفرطة، إيمانه بما يفعل، وحجته المنطقية التي يرددها دوماً: "أين يمكن أن تعيش النمور إن كانت البريّة مدمرة؟ أليست أفضل حالاً هنا في الأقفاص"؟ كل هذه الأمور تجعله إشكالياً، لكن بالرغم من منطقية هذا الحجة، إلا أنها تخفي وراءها العنف الذي يمارسه جو ضد الحيوانات (هي اتهامات فقط من أصحابه)، كما أنها لا تكشف عن عمليات التدجين و"الإنتاج" التي يقوم بها لبيع صغار النمور كسلع لأجل الفرجة. الأهم أنها حين تكبر تحتاج مساحة وطعاماً مكلفا، ما دفعه في العديد من المرات لقتل بعضها حسب أصدقائه.
يدجن جو البشر والحيوانات على حدّ سواء، يقدم ما يمتلكه على أنه الحل الوحيد والمنطقي، ولا بديل له، وهذا ما نراه في علاقته مع "زوجيه" اللذين انتحر واحد منهما، ثم اكتشاف الآخر الذي تركه أنه ليس مثليا. مع ذلك، وبالرغم من كل ما حلّ به من إفلاس وملاحقة قضائية، تمكن من إيجاد "شريك" جديد يقوم بتنفيذ ما يريده وهو داخل السجن، فجو "صيّاد" يختار "فرائسه" بدقة ويجعلهم تحت إمرته دوماً: شبان ضائعون، في أول العشرينيات، لا عمل لهم أو مأوى، يبحثون فقط عن وسيلة لمتابعة حياتهم.