ما إن ينتهي مغنّي "الراب" الفلسطيني، الشاب منعم عوض، من عمله في قيادة سيّارة أجرة بشوارع قطاع غزّة، حتّى يذهب إلى أحد استوديوهات مدينة غزّة، ليكمل تسجيل أغنية جديدة.
"الراب" لون موسيقي جديد دخل إلى المجتمع الفلسطيني أخيرا. ويُعدُّ أحد فروع ثقافة "الهيب هوب" التي انتشرت في سبعينيات القرن الماضي، كشعر أميركيّ غير موزون، لحمل هموم المقهورين اجتماعيا، والأميركيين من أصل إفريقي على وجه التحديد.
عوض يسكن في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزّة، ويقول لـ"العربي الجديد" إنّ "معاناة جيراني وأقاربي في المخيم، وفي مختلف مناطق قطاع غزّة، تدفعني دوما إلى تحضير أغانٍ تحاكي واقعهم المرير لإيصال صوتهم ورسائلهم".
كانت بداية المشوار الغنائي لعوض في منتصف العام 2008. أطلق أوّل أغنية حملت عنوان "حالة وطن". حينها لقي تشجيعا من ذويه وأصدقائه، وتفاعلاً على صفحاته الاجتماعية، ما شجّعه على المواصلة رغم قلّة إمكاناته واعتماده على ذاته في الكتابة والتسجيل.
ثم أصدر عوض، بعد الأغنية الأولى بأسابيع، أغنية جديدة كان عنوانها "تراث فلسطيني"، دمج خلالها بين التراث الفلسطيني الأصيل وفنّ الراب الجديد، لتنقله إلى منعطف جديد بعدما نالت إعجاب الكثير من الناس.
الظروف المادية لم تسمح للشاب عوض بإكمال مشروعه الفنيّ. فعاد إلى العمل سائق سيّارة أجرة ليوفّرمبلغا من المال لعلّه يسدّ رمق أغنياته الواقعية.
وظلّ الشاب أشهرا عدّة على هذا الحال. إلا أنّه تمكّن بعدها من جمع مبلغ أعانه على تسجيل أغنية أخرى بعنوان: "المدينة المحاصرة"، تحكي عن المشاكل التي سبّبها الحصار الإسرائيلي لغزّة.
بعد وفاة والده انقطع منعم عن الغناء لسنوات. وظهر قبل شهور بألبوم من أربع أغنيات. الأولى تتحدّث عن تعاطي شباب في غزّة عقار "الترمادول" الذي انتشر في السنوات الأخيرة. والثانية تُحاكي أوجاع المخيم والحيّ حيث يسكن، وتصف معالم الحزن العموميّ.
الأغنية الثالثة حملت اسم "فشّ أمل" (مرفق الفيديو) أي "لا يوجد أمل". ولاقت رواجا كبيرًا لأنّها تعبر عن اليأس الذي أحاط بشباب غزّة بسبب ارتفاع معدّل البطالة وازدياد عدد خرّيجي الجامعات العاطلين عن العمل، وهو واحد منهم.
الشاب عوض الذي يطلق على نفسه اسم "فوضى" لم ينسَ ملف اللاجئين الفلسطينيين والانتهاكات التي تتعرّض لها مدينة القدس، فكان نصيبهما الأغنية الرابعة من ألبومه.