"مهرجان الحمامات".. ختامٌ لا يخلو من المسك

27 اغسطس 2014
من "كلام الليل صفر فاصل" لـ توفيق الجبالي
+ الخط -

اختُتمت مؤخراً سلسلة عروض "مهرجان الحمامات الدولي" في مدينة الحمامات التونسية، محاولةً ترسيخ مفهوم المهرجان الثقافي في أبعاده الباحثة والمجددة، بعيداً عن طموح تحقيق مبيعات عالية وإغراءات الشهرة التي لم تكن من تطلّعات المهرجان منذ تأسيسه قبل خمسين عاماً؛ علماً أن بعض الدورات شهدت ما يخالف ذلك، ما أثّر على جودة فعالياته وأربكها.

وفي هذه الدورة، حاول الموسيقي كمال الفرجاني، مدير المهرجان، أن يستعيد بعض أهداف التظاهرة الأولى من خلال برنامج أراده أن يكون متوازناً، وانعكس ذلك على بعض الفعاليات.

شكّل المهرجان على مدى تاريخه فرصة لتقديم الأعمال المسرحية التونسية، وكان غالباً ما يُفتتح بعرض مسرحي جديد من إنتاجه، لكنه تخلى عن ذلك منذ عديدة، بسبب تخفيض بعض وزراء الثقافة موازنته.

ونظراً إلى سوء الظروف الإنتاجية، جاءت أعمال هذه الدورة بمستويات متفاوتة. عرض الافتتاح كان للمخرج توفيق الجبالي بعنوان "كلام الليل صفر فاصل". تبعه عروض أخرى، أبرزها "تسونامي" للفاضل الجعايبي و"ريشارد الثالث" لجعفر القاسمي، بالإضافة إلى عرضي مونودراما للأمين النهدي وكمال التواتي.

ومع أن هذه المسرحيات يعرفها الجمهور التونسي، باستثناء "ليلة على دليلة" للنهدي، إلا أن عرضها في "الحمامات" منح هذه الدورة عمقاً ثقافياً أعاد إلى الأذهان هذه الأعمال ورسخها في الذاكرة التونسية.

أكدت هذه الدورة ما دأب عليه المهرجان منذ سنوات، أي انفتاحه على موسيقى الشعوب القادمة من مسارات وثقافات مختلفة. وفي هذا السياق، شهدت المدارج الصغيرة إيقاعات الغجر التلقائية وأصواتهم الخالصة. وفوق المدارج نفسها، اختتمت الفرقتان القادمتان من مقدونيا ورومانيا سهرتهما مع الجمهور في ليلة خرجت عن المألوف ولامس فيها التونسيون الحاضرون براءة هذه الموسيقى التي استطاعت أن تحافظ على هويتها رغم تأثيرات الموسيقى الحديثة.

من جهته، قدّم التوأم التونسي محمد وبشير الغربي عرضاً استثنائياً فتح لهما صفحة جديدة في علاقتهما التي ستعمّر طويلاً مع جمهور "الحمامات" خصوصاً، والجمهور التونسي عموماً.

يشكّل التوأم، بشهادة موسيقيين تونسيين بارزين، موهبة تعبّر عن جيل جديد يؤمن بجدوى وأحقية الموسيقى الوترية في مواصلة ما بدأه أنور إبراهيم ومحمد زين العابدين، ومن قبلهما أحمد القلعي وشقيقه رضا. ثنائي يجسّد حالة فريدة من التفوق التقني والتحكّم بآلتيّ العود والكمان، والتمكّن من تقنيات العزف الشرقي والغربي.

أما الفرقة التركية "تقاسيم تريو" التي تضمّ كل من حسنو وهايتش وإسماعيل، فسجّلت حضوراً لافتاً، علماً أن خللاً تقنياً في أجهزة الصوت حال دون الاستمتاع كلّياً بموسيقاها.

لم تقتصر أمسيات المهرجان على العروض المسرحية والموسيقى الآلية التي أعطاها في برنامجه فسحةً كبيرة، بل كانت سهرات أخرى، نذكر منها سهرة الفنانة التونسية ليلى حجيّج التي أكدت فيها أسلوبها الغنائي وانتقائها لنوادر الموسيقى العربية من أدوار وموشحات وطقاطيق.

دلالات
المساهمون