تأتي الدورة الـ 23 لـ "مهرجان السينما الأوروبية"، التي تُنظّمها "بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان" بين 26 يناير/ كانون الثاني و6 فبراير/ شباط 2017، في مطلع عام جديد، يحمل كَمّاً من الأفلام اللبنانية حديثة الإنتاج، التي تبدأ عروضها التجارية المحلية تباعاً، خلال الأسابيع القليلة المقبلة. أما ملاحظة التزامن بين ارتفاع عدد الأفلام اللبنانية المُنتجة حديثاً، وتنظيم دورة جديدة لمهرجان سينمائيّ أوروبي، معنيّ بتقديم بعض النتاجات السينمائية في دول القارة القديمة، إلى جمهور لبناني يلتزم هذا المهرجان، ويُتابع دوراته السنوية، ويُشاهد ـ بفضله ـ بعض أجمل الأفلام الأوروبية؛ فتنبثق من واقعٍ سينمائيّ يرتكز على حراكٍ إنتاجي متنوّع الأشكال والمضامين، وعلى تسويقٍ بصري لأفلام تمتلك حضوراً كبيراً في المشهد الدولي.
والمهرجان ـ إذْ يختار معظم أفلام دوراته بالتعاون مع سفارات الدول الأوروبية، المنضوية في البعثة، والعاملة في بيروت، بالإضافة إلى مراكز ثقافية أوروبية أيضاً ـ يهتمّ بنتاجٍ بصريّ لبناني، بإتاحة الفرصة أمام جمهوره لمتابعة بعض ما يُنجزه طلاب المعاهد الخاصة والجامعة اللبنانية (الوطنية)، في أقسام الدراسات السينمائية والفنون السمعية البصرية. والاهتمام، الذي تبديه "بعثة الاتحاد الأوروبي" بأفلام طالبية، لن يقتصر على عروضٍ مفتوحة أمام الراغبين في الاطّلاع عليها، لأنها تخصِّص ـ منذ 16 عاماً ـ جائزتين اثنتين لأفضل فيلمين، تختارهما لجنة تحكيم، تُعلن أسماء أعضائها عشية بدء الدورة المقبلة.
اقــرأ أيضاً
لن تكون الجائزتان ماليتين، كما في دورات سابقة، إذْ تنتبه البعثة إلى ما هو أهمّ من منح مبلغٍ متواضع، لن يُفيد الفائز بشيء. فبالتنسيق مع "معهد غوته" الألماني و"المعهد الفرنسي في لبنان"، تتكفّل البعثة بتأمين التكاليف المطلوبة لمُشاركة الفائِزَين في مهرجانين سينمائيين أوروبيين للأفلام القصيرة، ما يسمح لهما بالمُشاهدة والمُشاركة في ورشات عمل، وبالتواصل مع عاملين في هذه الصناعة.
وهذا يستعيد مرحلةً، تشهد اهتماماً آخر بسينما لبنانية قديمة، وإنْ في دوراتٍ قليلة، يتمثَّل بعرض أفلام لبنانية مُنتجة في خمسينيات القرن الـ 20 وستينياته، ضمن برمجة الأفلام الأوروبية، بالتعاون بين البعثة و"مؤسَّسة سينما لبنان". ومع أنّ المؤسّسة تُعلن، حينها، أنها تعمل على ترميم أفلام لبنانية كهذه، بدعمٍ إيطاليّ تُقدّمه مؤسّسات متخصّصة بترميم الأفلام القديمة؛ إلا أن النسخ المعروضة حينها ليست سينمائية، بل منسوخة على أشرطة "دي. في. دي." أو "بيتاماكس".
في مقابل هذا كلّه، تهتمّ "بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان" ببرنامج سينمائيّ خاصّ بدولها، يرتفع عدد الأفلام المختار له، عاماً تلو آخر، بما يتلاءم وواقع المهمّة المطلوب منها تنفيذها بنجاح ثقافي ـ فني: التسويق لسينما أوروبية، لن تعثر أفلامها كلّها على صالاتٍ لعرضها في السوق المحلية.
ومع أن غالبية الأفلام المختارة سنوياً عادية ومتواضعة الشكل والمعالجة والتقنيات، إلا أنها تعكس شيئاً من واقع الحال السينمائي في تلك البلاد، إلى جانب أفلامٍ تثير سجالاتٍ متنوّعة، أثناء عروضها الدولية الأولى في مهرجانات أساسية، كبرلين و"كانّ" والبندقية، وفي أخرى تمتلك فعالية ثقافية وفنية مهمّة، كتورنتو وساندانس وترايبيكا، أو خلال عروضها التجارية.
افتتاح الدورة الـ 23 سيكون معقوداً على الفيلم الإيطاليّ "غرباء تماماً" (2016) لباولو جينوفيزي ("العربي الجديد"، 5 ديسمبر/ كانون الأول 2016). هذا فيلمٌ يعثر على مشتركٍ بصري بين حساسية موضوع إنسانيّ، وحسّ تجاريّ، بالمعنى المهنيّ للصناعة (تبلغ إيراداته التجارية في إيطاليا نحو 16 مليون يورو، وهذا رقمٌ متواضع، لكنه يكشف شيئاً من حضور الفيلم في المشهد الإيطالي العام). وهو يتوغّل في ثنايا مسألةٍ تُعتبر الأبرز في الحياة اليومية لمئات ملايين الأفراد في العالم: دور الهاتف الخلوي في تحديد شخصية مالكه، وفي رسم عالم سرّي خاص به، وفي كونه المرآة الفاضحة للنفس والسلوك ومعنى الاجتماع اليومي والعلاقات الإنسانية بالذات والآخر، بحسّ كوميدي ساخر، يكشف خللاً في العلاقات، وعالماً من الأكاذيب والخدع المتحكّمة بها.
اقــرأ أيضاً
إليه، هناك 38 فيلماً حديثة الإنتاج، بينها "مصّاص دماء" (1932) للدانماركي كارل ثيودور دراير (1889 ـ 1968)، ضمن حفلة "سيني كونسير"، التي تجمع بين عرض فيلم وعزفٍ موسيقيّ، للفرقة اللبنانية "كينِماتيك". علماً أن "ليالٍ عربية" (2015) للبرتغالي ميغيل غوميز (1972) ـ المستلّ من مناخات "ألف ليلة وليلة"، مع إسقاطات على راهن بلدٍ وتحوّلات قارة ـ مؤلَّفٌ من 3 أجزاء، تبلغ مدّتها كلّها 381 دقيقة، وتُعرض منفصلةً.
هناك أيضاً فيلما تحريك: "شارع الرحمة" (رومانيا، 2016) للثلاثي ستفان وألكسندرو بوزييا ونيكولاي رادو، و"أداما" (فرنسا، 2015) لسيمون روبي: يتابع الأول حكاية لورينز (10 أعوام)، الذي يعثر على منفذٍ إلى عالم سرّي، يُعينه على إنقاذ الموسيقى في العالم؛ ويلاحق الثاني أداما (12 عاماً) في رحلة بحثه عن شقيقه المختفي في عالم يمتدّ على مساحات واسعة خلف المنحدرات التي تحمي قريته النائية في غرب أفريقيا.
اقــرأ أيضاً
والمهرجان ـ إذْ يختار معظم أفلام دوراته بالتعاون مع سفارات الدول الأوروبية، المنضوية في البعثة، والعاملة في بيروت، بالإضافة إلى مراكز ثقافية أوروبية أيضاً ـ يهتمّ بنتاجٍ بصريّ لبناني، بإتاحة الفرصة أمام جمهوره لمتابعة بعض ما يُنجزه طلاب المعاهد الخاصة والجامعة اللبنانية (الوطنية)، في أقسام الدراسات السينمائية والفنون السمعية البصرية. والاهتمام، الذي تبديه "بعثة الاتحاد الأوروبي" بأفلام طالبية، لن يقتصر على عروضٍ مفتوحة أمام الراغبين في الاطّلاع عليها، لأنها تخصِّص ـ منذ 16 عاماً ـ جائزتين اثنتين لأفضل فيلمين، تختارهما لجنة تحكيم، تُعلن أسماء أعضائها عشية بدء الدورة المقبلة.
لن تكون الجائزتان ماليتين، كما في دورات سابقة، إذْ تنتبه البعثة إلى ما هو أهمّ من منح مبلغٍ متواضع، لن يُفيد الفائز بشيء. فبالتنسيق مع "معهد غوته" الألماني و"المعهد الفرنسي في لبنان"، تتكفّل البعثة بتأمين التكاليف المطلوبة لمُشاركة الفائِزَين في مهرجانين سينمائيين أوروبيين للأفلام القصيرة، ما يسمح لهما بالمُشاهدة والمُشاركة في ورشات عمل، وبالتواصل مع عاملين في هذه الصناعة.
وهذا يستعيد مرحلةً، تشهد اهتماماً آخر بسينما لبنانية قديمة، وإنْ في دوراتٍ قليلة، يتمثَّل بعرض أفلام لبنانية مُنتجة في خمسينيات القرن الـ 20 وستينياته، ضمن برمجة الأفلام الأوروبية، بالتعاون بين البعثة و"مؤسَّسة سينما لبنان". ومع أنّ المؤسّسة تُعلن، حينها، أنها تعمل على ترميم أفلام لبنانية كهذه، بدعمٍ إيطاليّ تُقدّمه مؤسّسات متخصّصة بترميم الأفلام القديمة؛ إلا أن النسخ المعروضة حينها ليست سينمائية، بل منسوخة على أشرطة "دي. في. دي." أو "بيتاماكس".
في مقابل هذا كلّه، تهتمّ "بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان" ببرنامج سينمائيّ خاصّ بدولها، يرتفع عدد الأفلام المختار له، عاماً تلو آخر، بما يتلاءم وواقع المهمّة المطلوب منها تنفيذها بنجاح ثقافي ـ فني: التسويق لسينما أوروبية، لن تعثر أفلامها كلّها على صالاتٍ لعرضها في السوق المحلية.
ومع أن غالبية الأفلام المختارة سنوياً عادية ومتواضعة الشكل والمعالجة والتقنيات، إلا أنها تعكس شيئاً من واقع الحال السينمائي في تلك البلاد، إلى جانب أفلامٍ تثير سجالاتٍ متنوّعة، أثناء عروضها الدولية الأولى في مهرجانات أساسية، كبرلين و"كانّ" والبندقية، وفي أخرى تمتلك فعالية ثقافية وفنية مهمّة، كتورنتو وساندانس وترايبيكا، أو خلال عروضها التجارية.
افتتاح الدورة الـ 23 سيكون معقوداً على الفيلم الإيطاليّ "غرباء تماماً" (2016) لباولو جينوفيزي ("العربي الجديد"، 5 ديسمبر/ كانون الأول 2016). هذا فيلمٌ يعثر على مشتركٍ بصري بين حساسية موضوع إنسانيّ، وحسّ تجاريّ، بالمعنى المهنيّ للصناعة (تبلغ إيراداته التجارية في إيطاليا نحو 16 مليون يورو، وهذا رقمٌ متواضع، لكنه يكشف شيئاً من حضور الفيلم في المشهد الإيطالي العام). وهو يتوغّل في ثنايا مسألةٍ تُعتبر الأبرز في الحياة اليومية لمئات ملايين الأفراد في العالم: دور الهاتف الخلوي في تحديد شخصية مالكه، وفي رسم عالم سرّي خاص به، وفي كونه المرآة الفاضحة للنفس والسلوك ومعنى الاجتماع اليومي والعلاقات الإنسانية بالذات والآخر، بحسّ كوميدي ساخر، يكشف خللاً في العلاقات، وعالماً من الأكاذيب والخدع المتحكّمة بها.
إليه، هناك 38 فيلماً حديثة الإنتاج، بينها "مصّاص دماء" (1932) للدانماركي كارل ثيودور دراير (1889 ـ 1968)، ضمن حفلة "سيني كونسير"، التي تجمع بين عرض فيلم وعزفٍ موسيقيّ، للفرقة اللبنانية "كينِماتيك". علماً أن "ليالٍ عربية" (2015) للبرتغالي ميغيل غوميز (1972) ـ المستلّ من مناخات "ألف ليلة وليلة"، مع إسقاطات على راهن بلدٍ وتحوّلات قارة ـ مؤلَّفٌ من 3 أجزاء، تبلغ مدّتها كلّها 381 دقيقة، وتُعرض منفصلةً.
هناك أيضاً فيلما تحريك: "شارع الرحمة" (رومانيا، 2016) للثلاثي ستفان وألكسندرو بوزييا ونيكولاي رادو، و"أداما" (فرنسا، 2015) لسيمون روبي: يتابع الأول حكاية لورينز (10 أعوام)، الذي يعثر على منفذٍ إلى عالم سرّي، يُعينه على إنقاذ الموسيقى في العالم؛ ويلاحق الثاني أداما (12 عاماً) في رحلة بحثه عن شقيقه المختفي في عالم يمتدّ على مساحات واسعة خلف المنحدرات التي تحمي قريته النائية في غرب أفريقيا.