04 نوفمبر 2024
"موطني"... هل أراك؟
كغيره من مفاهيم الحداثة، ينتمي "الوطن" إلى السياق التاريخي الأوروبي، السياسي والمعرفي، فكان، بتحولاته، تنظيراً تمت ممارسته، وواقعاً تم تنظيره. وبنموه خارج الإطار المعرفي العربي، لا يزال "الوطن" مفهوماً مشكلاً، يتعثر ثقافياً وسياسياً، بتعثر الواقع العربي الذي بقي، منذ نهاية القرن الثالث عشر، يخط لنفسه مساراً تاريخياً، متقطعاً في أفضل حال، أو دائريا في أسوأها.
كانت القبيلة خاصية أساسية، فّعرّف بدوي شبه الجزيرة العربية عن نفسه بانتمائه القبلي، وأتاح الشعر الذي تطوّر، في القرن السادس الميلادي، عابراً لهجات القبائل، نشر المفاهيم الاجتماعية والتصورات الثقافية العامة وتكوينها، وتعزّز معه وعي ذاتي للمجتمع القبلي. لكن تقييمات العرب الاجتماعية بقيت مرتبطةً بالانتماء إلى الجذر النَسَبي المستقل، لا بالانتماء لوعي سلالي. واستخدمت كلمات نحو "دار" و"أرض" و"منزل"، للدلالة على المساحة الجغرافية التي استوطنتها قبائل الحضر، وأنصاف الحضر، والبدو الرحل. رَسَمت ثغورَ (حدودَ) أرض القبيلة علاماتٌ وأمّاراتٌ، كان ما تجاوزها "أفقاً". أيضاً، لم يتبلور لدى البدو وعي سلالي مغاير تجاه ما تعدّى الآفاق من شعوب، فتم توصيف الفروق التي تيسّر للوعي البدوي إدراكها، بمؤشرات خارجية، كلون البشرة واللغة. وربما أشارت كلمة "غريب"، بدايةً، إلى صاحب البشرة السوداء، ساكن الغرب الإفريقي.
في معاجم اللغة العربية، الوطن هو منزل الإنسان، ولد فيه أم لم يولد. ولا تشير كلمة وطن إلى مكان مستقر، ولا إلى زمان مستمر، بل هو آنيّة "زمكانية" مؤقتة، حتى الجمل يسمى موطناً لحظة ركوبه، كما أن مرابض البقر والغنم هي أوطانها. ولأسباب عملية، تتعلق بأحكام الصلاة (قَصرُها) والصوم (جواز الإفطار) في حالات السفر والإقامة، برز تنظير فقهي حول أحكام الوطن، ميّز بين وطن أصلي (ولد الإنسان وترعرع فيه مدة)، ووطن مُستَجِدّ (يختاره للسكن فيه ولو لأشهر في السنة). يجوز للشخص أن يحوز حتى ثلاثة أوطان مُستَجِدَّة، تفرضها حالات الإقامة، للعمل، أو التجارة، أو أن يكون له أكثر من زوجة في عدة بلدان.
ولمّا كان الولاء لجماعة المؤمنين، انقسمت الأرض إلى دارين، دار إسلام، يحكمها المسلمون، وتجري فيها أحكام الإسلام، ولو كان جميع أهلها كافرين، ودار كفر أو حرب، هي على النقيض من ذلك. وكانت هجرة الإنسان من مكان الكفر والمعاصي إلى مكان الإيمان والطاعة، كتوبته وانتقاله من الكفر إلى الإيمان (ابن تيمية). هذه العقيدة في الولاء والبراءة تجد امتدادها عند حسن البنا، الذي يقول: "نعتبر حدود الوطنية بالعقيدة... فكل بقعة فيها مسلم يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله وطني، عندنا له حرمته وقداسته وحبه والإخلاص له والجهاد في سبيل خيره"، أما الصور الأشد تطرفاً لهذه "لوطنية الدينية"، فنجدها اليوم عند الحركات الإسلاموية الجهادية، لاسيما داعش والقاعدة.
تنقّلت حدود الإمبراطوريات شرقاً وغرباً. تبعاً لموازين القوى والحسم العسكري، ومعها تنقّل ولاء المجموعات البشرية من هذا التاج إلى ذاك. ومع اتفاقية ويستفاليا 1648، أصبح الاعتراف الدولي بحدود الإقليم جزءاً من مكونات السيادة الوطنية للدولة. التداخلات الإثنية والدينية والتاريخية فصلت سياسياً، وفقد التكوين الديمغرافي والانتماء الديني قيمته السياسية. مهد ذلك لتبلور "الأمة"، بوصفها المجتمع السياسي المتشكل ضمن حدود الدولة، وبعد حسم الصراع بين الكنيسة والملك، دلت كلمة "وطن" على شخص الملك والولاء له، بوصفهما أمرين يستحقان في سبيلهما أن يضحي الإنسان بحياته.
تبلور الحس الوطني في القرن السابع عشر، وشُغف الأوروبيون، في سبعينات القرن الثامن
عشر، بالبحث عن رموز تجسد وطنيتهم. ومع فلسفة الأنوار، أصبحت كلمة "وطن" أكثر تجريداً، لتدلّ على جملة المؤسسات والقوانين التي تربط الدولة بأفرادها، فالوطن عند جان جاك روسوّ هو "علاقة الدولة بأعضائها"، والتي إذا ما انعدمت "اضمحل الوطن"، وبرزت المواطنة بوصفها علاقة بين فرد ودولة يحدّدها القانون، وتتضمن الحقوق والواجبات. الوطنية العالمية، كما برزت عند فولتير وكانط وغيرهما، هدّدت هذا المفهوم الوطني، لكن حروب الثورة الفرنسية حصرت فكرة الأمة في دائرة الوطنية القومية، بعد أن كادت تنحل في الوطنية العالمية. الرغبة المتبادلة في الانتقام، المستمرة باستمرار الصراع الفرنسي الألماني منذ معركة أيينا 1806، حولت الوطنية إلى أيديولوجيا، فاكتسبت الفكرة طابعاً شمولياً تحت اسم القومية، أوغلت مع النازية وغيرها في الشوفينية، ومهدت لحربين عالميتين، دمرتا القارة العجوز. أيقن جورج برنارد شو أن العالم لن يهدأ "حتى ينفذ حب الوطن من نفوس البشر".
من دولة جباية للضرائب، مروراً بدولة إقليمية ذات سيادة، وأخرى قومية، أصبحت الدولة الليبرالية دولة الديمقراطية والمواطنة والقانون، فكان في وسع الأوروبيين المضي في "وطنية ما بعد الوطنية"، وتقبلوا الانتماء إلى مؤسسات سياسية، تتأسس على مبادئ كونية، أرساها دستور ديمقراطي، أفرز مؤسسات وقوانين، تجسدت في الاتحاد الأوروبي.
تناقضت حدود "سايكس - بيكو" مع النزعة الكليّة القومية للمشاريع الأيديولوجية العربية: الإسلاموي والقومي والاشتراكي. لم يعترف الإسلاموي إلا بالولاء لدار الإسلام التي ترسمها حدود الجهاد في سبيل الله، وأراد الاشتراكي بناء وطن أيديولوجي أممي بعَرَق الكادحين. أما القومي فأراد، باستعادة خصائص قومية من أنماط أنجزها الآخرون، إحياء ماض هو، في نهاية التحليل، تاريخ للجماعات السياسية والدينية التي استأثرت بالسلطة والثروة، منذ الأمويين وحتى العثمانيين.
أثبتت فشل التجارب الوحدوية أن الوحدة بحاجة إلى توحيد المؤسسة، لا الاكتفاء بتوحيد السلطة. وبينما جعل المشروع الإسلاموي الأوطان خارج التاريخ والجغرافيا، بقيت الحدود واقعاً جغرافياً وسياسياً، واستمرت الخلافات على ترسيم حدود برية، وتعيين أخرى بحرية، ولم يخلُ الأمر من نزاعاتٍ مسلحة. لم تتوفر سياسات حقيقية لتأهيل الإقليم، أما الجهد الوطني، وعملية إنتاج إرث مشترك، وتجسيد الشعور الوطني في مؤسسات ديمقراطية، فكانت عوامل مغيّبة، ما أعاق بناء الدولة بوصفها نظاماً سياسياً، والأمة بوصفها تنظيما اجتماعياً. كانت الدولة أداة لتكريس السلطة، ولم تكن وسيلة اندماج وطني تسكّن هويات ما قبل الدولة لصالح هويةٍ وطنيةٍ جامعة، عبر تنمية متوازنة جغرافيا، وعدالة توزيعية، وفرص متساوية. بقيت الفكرة الوطنية شاغراً لصالح الولاءات الفرعية، وتنوعت رموز الوطن. لكن، في غياب المواطنين، حين قامت العلاقة بين السلطة والشعب على الرَعَويّة (نسبة إلى كون الإنسان رَعيّة)، لا على المواطنة، بوصفها نظاماً متكاملاً من الحقوق والواجبات يكفلها القانون.
لم يتحقق نمو للأمة الوطنية داخل حدود "سايكس ـ بيكو"، واصطدمت شمولية الفكرة الوطنية (القومية) بحقيقة وجود الأثنيات التي لم تجد نفسها أقليات إحصائياً وحسب، بل وأيضاً، حقوقياً وقانونياً، والتي إن تقبلت "الإسلامية"، لم تجد في "العروبة" فكرتها الحضارية. أما الفتوحات العربية فلم تعد ممكنةً في عصر تتأسس فيه المجتمعات على المواطنة والعيش المشترك، لاسيما أن العرب لم يعودوا مُؤيدين، لا باختيار السماء، ولا بالحداثة السياسية.
لا يمكن قيام وطن من دون مواطنيه، وحين ترتبط "المواطنة" بالواجبات من دون الحقوق، يتحول حب الوطن إلى نوع من نوستالجيا، نحب معها الوطن أكثر عند الرحيل، أو تبقينا حيارى أمام الإجابة المحتملة لسؤال: أيهما أشد وطأة، الغربة في الأوطان، أم غربة المنافي الطوعية والإجبارية؟ ومن السهل على أي عاطفة محبطة، أن تُزج في كل دوائر التعصب والتطرف الممكنة.
كان محمود درويش محقاً حين رأى أن الوطن "حقل للعمل، وقابل للمساءلة المتبادلة، بمعيار كمية العمل المبذول فيه، وبمقدار ما يوفر للمواطن من كرامة وحرية. ولعل الإسراف في مديح الوطن، في الوطن، هو من أشكال هجاء الوطن، كما أن الإفراط في التذمر من الوطن هو من ضروب العبودية"
إنها القابلية للمساءلة المتبادلة، فهل أراك/ أراني "سالماً منعماً وغانماً مكرّما"؟
كانت القبيلة خاصية أساسية، فّعرّف بدوي شبه الجزيرة العربية عن نفسه بانتمائه القبلي، وأتاح الشعر الذي تطوّر، في القرن السادس الميلادي، عابراً لهجات القبائل، نشر المفاهيم الاجتماعية والتصورات الثقافية العامة وتكوينها، وتعزّز معه وعي ذاتي للمجتمع القبلي. لكن تقييمات العرب الاجتماعية بقيت مرتبطةً بالانتماء إلى الجذر النَسَبي المستقل، لا بالانتماء لوعي سلالي. واستخدمت كلمات نحو "دار" و"أرض" و"منزل"، للدلالة على المساحة الجغرافية التي استوطنتها قبائل الحضر، وأنصاف الحضر، والبدو الرحل. رَسَمت ثغورَ (حدودَ) أرض القبيلة علاماتٌ وأمّاراتٌ، كان ما تجاوزها "أفقاً". أيضاً، لم يتبلور لدى البدو وعي سلالي مغاير تجاه ما تعدّى الآفاق من شعوب، فتم توصيف الفروق التي تيسّر للوعي البدوي إدراكها، بمؤشرات خارجية، كلون البشرة واللغة. وربما أشارت كلمة "غريب"، بدايةً، إلى صاحب البشرة السوداء، ساكن الغرب الإفريقي.
في معاجم اللغة العربية، الوطن هو منزل الإنسان، ولد فيه أم لم يولد. ولا تشير كلمة وطن إلى مكان مستقر، ولا إلى زمان مستمر، بل هو آنيّة "زمكانية" مؤقتة، حتى الجمل يسمى موطناً لحظة ركوبه، كما أن مرابض البقر والغنم هي أوطانها. ولأسباب عملية، تتعلق بأحكام الصلاة (قَصرُها) والصوم (جواز الإفطار) في حالات السفر والإقامة، برز تنظير فقهي حول أحكام الوطن، ميّز بين وطن أصلي (ولد الإنسان وترعرع فيه مدة)، ووطن مُستَجِدّ (يختاره للسكن فيه ولو لأشهر في السنة). يجوز للشخص أن يحوز حتى ثلاثة أوطان مُستَجِدَّة، تفرضها حالات الإقامة، للعمل، أو التجارة، أو أن يكون له أكثر من زوجة في عدة بلدان.
ولمّا كان الولاء لجماعة المؤمنين، انقسمت الأرض إلى دارين، دار إسلام، يحكمها المسلمون، وتجري فيها أحكام الإسلام، ولو كان جميع أهلها كافرين، ودار كفر أو حرب، هي على النقيض من ذلك. وكانت هجرة الإنسان من مكان الكفر والمعاصي إلى مكان الإيمان والطاعة، كتوبته وانتقاله من الكفر إلى الإيمان (ابن تيمية). هذه العقيدة في الولاء والبراءة تجد امتدادها عند حسن البنا، الذي يقول: "نعتبر حدود الوطنية بالعقيدة... فكل بقعة فيها مسلم يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله وطني، عندنا له حرمته وقداسته وحبه والإخلاص له والجهاد في سبيل خيره"، أما الصور الأشد تطرفاً لهذه "لوطنية الدينية"، فنجدها اليوم عند الحركات الإسلاموية الجهادية، لاسيما داعش والقاعدة.
تنقّلت حدود الإمبراطوريات شرقاً وغرباً. تبعاً لموازين القوى والحسم العسكري، ومعها تنقّل ولاء المجموعات البشرية من هذا التاج إلى ذاك. ومع اتفاقية ويستفاليا 1648، أصبح الاعتراف الدولي بحدود الإقليم جزءاً من مكونات السيادة الوطنية للدولة. التداخلات الإثنية والدينية والتاريخية فصلت سياسياً، وفقد التكوين الديمغرافي والانتماء الديني قيمته السياسية. مهد ذلك لتبلور "الأمة"، بوصفها المجتمع السياسي المتشكل ضمن حدود الدولة، وبعد حسم الصراع بين الكنيسة والملك، دلت كلمة "وطن" على شخص الملك والولاء له، بوصفهما أمرين يستحقان في سبيلهما أن يضحي الإنسان بحياته.
تبلور الحس الوطني في القرن السابع عشر، وشُغف الأوروبيون، في سبعينات القرن الثامن
من دولة جباية للضرائب، مروراً بدولة إقليمية ذات سيادة، وأخرى قومية، أصبحت الدولة الليبرالية دولة الديمقراطية والمواطنة والقانون، فكان في وسع الأوروبيين المضي في "وطنية ما بعد الوطنية"، وتقبلوا الانتماء إلى مؤسسات سياسية، تتأسس على مبادئ كونية، أرساها دستور ديمقراطي، أفرز مؤسسات وقوانين، تجسدت في الاتحاد الأوروبي.
تناقضت حدود "سايكس - بيكو" مع النزعة الكليّة القومية للمشاريع الأيديولوجية العربية: الإسلاموي والقومي والاشتراكي. لم يعترف الإسلاموي إلا بالولاء لدار الإسلام التي ترسمها حدود الجهاد في سبيل الله، وأراد الاشتراكي بناء وطن أيديولوجي أممي بعَرَق الكادحين. أما القومي فأراد، باستعادة خصائص قومية من أنماط أنجزها الآخرون، إحياء ماض هو، في نهاية التحليل، تاريخ للجماعات السياسية والدينية التي استأثرت بالسلطة والثروة، منذ الأمويين وحتى العثمانيين.
أثبتت فشل التجارب الوحدوية أن الوحدة بحاجة إلى توحيد المؤسسة، لا الاكتفاء بتوحيد السلطة. وبينما جعل المشروع الإسلاموي الأوطان خارج التاريخ والجغرافيا، بقيت الحدود واقعاً جغرافياً وسياسياً، واستمرت الخلافات على ترسيم حدود برية، وتعيين أخرى بحرية، ولم يخلُ الأمر من نزاعاتٍ مسلحة. لم تتوفر سياسات حقيقية لتأهيل الإقليم، أما الجهد الوطني، وعملية إنتاج إرث مشترك، وتجسيد الشعور الوطني في مؤسسات ديمقراطية، فكانت عوامل مغيّبة، ما أعاق بناء الدولة بوصفها نظاماً سياسياً، والأمة بوصفها تنظيما اجتماعياً. كانت الدولة أداة لتكريس السلطة، ولم تكن وسيلة اندماج وطني تسكّن هويات ما قبل الدولة لصالح هويةٍ وطنيةٍ جامعة، عبر تنمية متوازنة جغرافيا، وعدالة توزيعية، وفرص متساوية. بقيت الفكرة الوطنية شاغراً لصالح الولاءات الفرعية، وتنوعت رموز الوطن. لكن، في غياب المواطنين، حين قامت العلاقة بين السلطة والشعب على الرَعَويّة (نسبة إلى كون الإنسان رَعيّة)، لا على المواطنة، بوصفها نظاماً متكاملاً من الحقوق والواجبات يكفلها القانون.
لم يتحقق نمو للأمة الوطنية داخل حدود "سايكس ـ بيكو"، واصطدمت شمولية الفكرة الوطنية (القومية) بحقيقة وجود الأثنيات التي لم تجد نفسها أقليات إحصائياً وحسب، بل وأيضاً، حقوقياً وقانونياً، والتي إن تقبلت "الإسلامية"، لم تجد في "العروبة" فكرتها الحضارية. أما الفتوحات العربية فلم تعد ممكنةً في عصر تتأسس فيه المجتمعات على المواطنة والعيش المشترك، لاسيما أن العرب لم يعودوا مُؤيدين، لا باختيار السماء، ولا بالحداثة السياسية.
لا يمكن قيام وطن من دون مواطنيه، وحين ترتبط "المواطنة" بالواجبات من دون الحقوق، يتحول حب الوطن إلى نوع من نوستالجيا، نحب معها الوطن أكثر عند الرحيل، أو تبقينا حيارى أمام الإجابة المحتملة لسؤال: أيهما أشد وطأة، الغربة في الأوطان، أم غربة المنافي الطوعية والإجبارية؟ ومن السهل على أي عاطفة محبطة، أن تُزج في كل دوائر التعصب والتطرف الممكنة.
كان محمود درويش محقاً حين رأى أن الوطن "حقل للعمل، وقابل للمساءلة المتبادلة، بمعيار كمية العمل المبذول فيه، وبمقدار ما يوفر للمواطن من كرامة وحرية. ولعل الإسراف في مديح الوطن، في الوطن، هو من أشكال هجاء الوطن، كما أن الإفراط في التذمر من الوطن هو من ضروب العبودية"
إنها القابلية للمساءلة المتبادلة، فهل أراك/ أراني "سالماً منعماً وغانماً مكرّما"؟