"ميثاق الشرف" السوري: الأسئلة والتحدّيات

20 مايو 2014
كيف سيغتنم "الائتلاف" الميثاق لصالح الثورة؟ (زين الرفاعي/فرانس برس/getty)
+ الخط -
 

بدّدت القوى المقاتلة الفاعلة في سورية، تحديداً "الجبهة الإسلامية" و"الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام"، و"فيلق الشام"، و"ألوية الفرقان" و"جيش المجاهدين"، كل ما أريد تسويقه، عن أن ثورة السوريين "إسلاموية إقصائية" تسعى لتطبيق "شريعة الله غير السمحة"، بعد أن تستقطب كل متطرفي الأرض، لتشكل خطراً على "عواصم الكبار ودول الجوار". رواية بررت وقف تمويل الثورة كي لا تصل "الأسلحة الفتاكة إلى الأيادي الخطأ"، وجاء "ميثاق الشرف الثوري"، الذي أُعلن عنه، يوم السبت، ليضرب أسسها.

قدّم الميثاق لغة ومضموناً أعادا الأمل للمعارضة السورية أولاً، وأعادا وهج انطلاقة الثورة، وأهداف انتفاضة السوريين على استبداد النظام في مارس/آذار 2011، ورمى الكرة في ملعب المتنصلين من استحقاقاتهم.

ثمة أسئلة تركتها البنود الأحد عشر للميثاق الذي يمكن اعتباره تحولاً في ذهنية المقاتلين، وفهمهم للتحولات السياسية الدولية، على عكس تمثيلاتهم السياسية، التي آثرت الإبقاء على لغة الاستجداء والتظلّم لاستدرار عطف العالم إزاء الثورة، وللحصول على تأييد ودعم عسكري للمقاتلين، يبعث في المعركة بعض التوازن، في مقابل نظام يدعمه أصدقاؤه بكل ما يحتاجه، ويقصفهم بالبراميل والصواريخ.

أولى تلك الأسئلة، أن الميثاق لم يلقَ تعليقاً ممن يصف ثورة السوريين بالحرب الأهلية والمعركة بين متطرفين والدولة، على عكس ما كان يحدث أثناء مقتل جندي نظامي بطريقة وحشية مثلاً. ومَن ينسى الاستهجان الذي دام فترة طويلة بالنسبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، من خلال تطرّقه لـ"أكلة لحوم البشر والأكباد".

أما السؤال الثاني، فيتعلق بكيف سيرد "الائتلاف الوطني" على "ميثاق الشرف"، ويغتنمه في صالح الثورة، إذ أعاد الميثاق رسم ملامح الثورة من جديد، بعد كل الذي شابها من جنوح وانزياحات، وأعطى للمعارضة السياسية دعماً وعامل قوة، لتنطلق نحو الخارج، العرب قبل الأصدقاء، وتطالب بلغة المصالح بنصر ثورة شعب.

ولعل في سرّ توقيت الإعلان عن الميثاق، يكمن السؤال الأهم؛ ففي الوقت الذي لم يخرج عن اجتماع "أصدقاء سورية" في لندن، أي جديد، وبعد الزيارة الفاشلة لوفد "الائتلاف" إلى واشنطن، وخلال تطرف بعض من يلبس عباءة الثورة وتشويهها، خرجت الفصائل الفاعلة في "الميثاق"، لتسقط كل ادعاءات النظام، أثناء حملة "المسرحية الانتخابية"، ولتطمئن من طالته فزاعة التخويف، رغم أن المقاتلين الذين يُقتلون يومياً، هم الأحق بالحصول على الضمانات والطمأنة.

آخر الأسئلة يكمن في كيفية تلقف "ميثاق الشرف" من قبل الألوية المقاتلة عموماً، ومن القوى المحسوبة على تنظيم "القاعدة" على وجه التحديد، كـ"جبهة النصرة"، و"دولة الإسلام في العراق والشام" (داعش)، وفي تعاملهم معه، إن لجهة الانضمام لـ"القوى الموقعة" أو محاربتها، كما يجري في دير الزور ودرعا والرقة وبعض مناطق حلب، كدليل قاطع لبعض السوريين الذين لا يزالون يشككون بارتباطات تلك التنظيمات، وأدائها الذي شوّه الثورة.

إذاً، أتى "ميثاق الشرف" على توصيف الثورة والحراك السوري وفق الأسباب التي أدّت إلى ولادتها، فبدأ من السبب، أي من غاية الثورة، وهي إسقاط النظام ورموزه بهدف تقديمهم لمحاكمة عادلة، لا سحلهم وقطع رؤوسهم بطرق ثأرية وانتقامية. وشدد الميثاق على حرص "الموقّعين" على أن الكفاح المسلح هو بأيدٍ سورية، لأجل تحرير سورية الموحدة، وأن القتال سينحصر داخل سورية، لينتهي إلى أن الثورة تحترم حقوق الإنسان، لأن منطلقها الأخلاق والعدل لكل السوريين على اختلاف انتماءاتهم.

يمنح "ميثاق الشرف"، الذي وُلد خلال المرحلة الحرجة للثورة، النواة العسكرية الرافضة للارتباط وتنفيذ الأجندة الخارجية، فرصة نادرة، ويترك للتمثيل السياسي مهمة رسم بقية المشهد، ويسحب من "الأصدقاء" كل ذرائع التنصل وترك السوريين تحت رحمة براميل النظام.