ونشرت "معاريف" وموقع "والا" في مارس/ آذار الماضي، أن خطة أيزنكوت تعتمد على تشكيل سلاح جديد، أو قيادة مستقلة للسايبر، بحيث كلف رئيس شعبة الاستخبارات في جيش الاحتلال الجنرال هرتسل هليفي، بتشكيل هذه القيادة المستقلة غير المنضوية كلواء أو قسم ضمن شعبة الاستخبارات.
وعلى الرغم من مضي هليفي في مهمته، إلا أن تقارير نشرتها الصحف الإسرائيلية أخيراً، آخرها تقرير "يديعوت أحرونوت" قبل يومين، أكدت أن خطة أيزنكوت الجديدة قد لا تنجح في تحقيق الهدف المرجو من إصلاح الجيش وإعادة هيكلته عبر صرف أكثر من 4500 جندي احتياط وتحويل الموارد المالية لوحدة السايبر.
اقرأ أيضاً: رهان إسرائيلي على حسم الحروب عبر الفضاء الإلكتروني
وبين التقرير أن جيش الاحتلال بات يعاني، على غرار باقي القطاعات في سلطة الاحتلال، من مشكلة فرار الأدمغة لصالح القطاع الخاص.
وبحسب التقرير المنشور في "يديعوت أحرونوت"، فإن هذه الظاهرة كفيلة بقلب موازين القوى، أو وفقاً للتعبير الذي اختارته الصحيفة عنواناً لتقريرها "انقلاب في موازين الأدمغة".
ويورد التقرير نفسه حالة الضابط في شعبة "السايبر" في جيش الاحتلال، عيدان، الذي خدم على مدار السنوات الخمس الأخيرة على رأس قسم أو وحدة قيادة أجهزة عسكرية للإدارة والسيطرة، وعلى وشك إنهاء خدمته العسكرية في جيش الاحتلال، للعمل في القطاع الخاص، إذ عُرضت عليه مناصب بامتيازات وراتب يساوي ثلاثة أضعاف راتبه الرسمي وهو عشرة آلاف (شيقل) أي أقل من 3 آلاف دولار.
وتقول الصحيفة إن حالة عيدان هذه ليست الوحيدة. ومع أن الأخير يعتبر من بين القوات النوعية التي تساعد جيش الاحتلال في المضي قدماً نحو تطبيق خطة أيزنكوت، غير أن ظروف عمل الجنود والضباط، ممن أنهوا تخصصاتهم المهنية في علوم الحاسوب والإنترنت، تجعل بقاءهم في صفوف جيش الاحتلال غير مضمون، خصوصاً وأنه تمت هذا الأسبوع المصادقة على ميزانية الأمن الإسرائيلية دون الالتفات إلى شروط عمل خبراء السايبر في جيش الاحتلال.
وبحسب التقرير نفسه، فإنّ عدداً كبيراً من "الضباط النوعيين"، بحسب تعبير الصحيفة، يفرون في اتجاه القطاع الخاص، بحيث باتت هذه الظاهرة تشكل تهديداً خطيراً للتفوق البشري "الذي كان دائماً سرّ تفوق الجيش الإسرائيلي".
ويكتسب هذا التهديد بعداً خاصاً على ضوء التصريحات الأخيرة لرئيس شعبة الاستخبارات في جيش الاحتلال، الجنرال هرتسل هعليفي، الذي اعتبر أن هناك حرباً تكنولوجية بين إسرائيل وإيران، وأن الإيرانيين يقومون بتقليص الفجوة.
وبيّنت المعلومات، التي سُرّبت لـ"يديعوت أحرونوت" من قسم القوى البشرية في جيش الاحتلال، أن هذا الجيش يعاني وفق معطيات تتعلق بعامي 2011 و2014 من ازدياد كبير في عدد الضباط والجنود النظاميين الذين يخدمون في الوحدات النوعية التكنولوجية للجيش، والذين قرروا ترك الجيش. وقد تضاعف عدد هؤلاء ثلاث مرات تقريباً، إذ ارتفع من 13.2 في المائة في العام 2011 إلى نحو 34.4 في المائة في العام 2015. كما يدور الحديث عن الضباط والجنود النوعيين الذين يخدمون في الوحدات المختارة للجيش، مثل وحدة التجسس والاستخبارات 8200، وسلاح التنصت والرصد .
ووصفت الصحيفة ما يحصل بأنه بمثابة قنبلة استراتيجية موقوتة، تدل على أن الجيش يتحول إلى جيش متوسط النوعية والمستوى، في الوقت الذي تطمح فيه تل أبيب إلى تحويله لقوة سايبر عظمى.
وتشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن شروط العمل والرواتب المتوسطة، مقابل العروض المغرية خارج الجيش، تشكل العامل الأساسي لخروج هذه النخب من جيش الاحتلال، وهو توجه قائم منذ سنوات.
إضافة إلى ذلك، فإن انتقال هذه الوحدات التكنولوجية إلى النقب، وفق خطة الجيش الإسرائيلي، يصعب بدوره على قادة الوحدة 8200، على سبيل المثال، إقناع الجنود في البقاء مقابل راتب لا يتجاوز 7500 (شيقل)، أي نحو ألفي دولار، بحسب التقديرات الإسرائيلية.
وتبين الإحصائيات داخل جيش الاحتلال أن نحو نصف الذين يخدمون في هذه الوحدات في الجيش النظامي لا يعتزمون، بحسب تصريحهم، مواصلة العمل داخل الجيش من قواعده الجديدة في النقب.
وأثار نشر التقرير في "يديعوت أحرونوت" ردود فعل في الجيش ووزارة الأمن، في إطار سعي وزارة الأمن الإسرائيلية إلى إيجاد حل لهذه الظاهرة، وقد اعترف وزير الأمن الإسرائيلي بأن هذه المشكلة تشكل تحدياً للوزارة.
وفي السياق نفسه، ذكرت الصحف الإسرائيلية قبل أسبوعين، أن لقاء رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، مع الرئيس الأميركي، باراك أوباما، في واشنطن، كما اللقاءات التي سبقت زيارة نتنياهو، والتي أجراها في واشنطن كل من وزير الأمن موشيه يعالون، ومستشار الأمن القومي يوسي كوهين، دارت حول تعزيز التعاون الاستخباراتي العام، خصوصاً في مجال السايبر، وذلك أثناء مراقبة تنفيذ إيران للاتفاق النووي.
ويرتبط ذلك بجهد إسرائيلي في تعزيز مكانة جيش الاحتلال وقدراته الاستخباراتية المعتمدة على تكنولوجيا حرب السايبر، ومن ثم تكريس إسرائيل طرفاً أساسياً في جمع وتوفير معلومات عن إيران و"حزب الله" وتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، لضمان دور إسرائيلي وإقليمي، وخدمة أجندة إسرائيل باعتبارها دولة "تواجه الإرهاب".
اقرأ أيضاً: إسرائيل تحاكي هجوم سايبر ضدّ منشآت إيران الذرية