لم تكتفِ منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقيّة، في الذكرى الأولى لفضّ اعتصامي رابعة العدويّة والنهضة في مصر، بإصدار تقرير تتحدث فيه عن "مذبحة" و"قتل جماعي" للمتظاهرين. وتوجه فريق عمل منها الى جنيف، وجال أعضاؤه، حاملين التقرير والأدلّة الواردة فيه على ارتكاب "جرائم ضد الانسانيّة"، إلى أروقة مجلس حقوق الانسان، التابع للأمم المتحدة.
تستبق المنظّمة الحقوقيّة، من خلال لقاءاتها في جنيف، انعقاد دورة مجلس حقوق الانسان في شهر سبتمبر/أيلول المقبل، بعدما طالبته في تقريرها، بإنشاء لجنة لتقصّي الحقائق والتحقيق في وقائع القتل الجماعي للمتظاهرين منذ 30 يونيو/حزيران 2013 في مصر. لا يقتصر الحراك على جنيف فحسب، بل تسعى المنظّمة، برغم إشارة تقريرها، الى تورّط 10 من كبار القادة المصريين، بينهم الرئيس الحالي عبد الفتّاح السيسي، في أعمال القتل، الى إعادة فتح قنوات التواصل مع المسؤولين المصريين أنفسهم.
يقول نائب المدير التنفيذي لـ"هيومن رايتس ووتش" في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، نديم حوري، في حوار مع "العربي الجديد": "نأمل أن يسمحوا لنا بدخول مصر مجدداً، ومناقشة التقرير معهم، واستطلاع ما لديهم من معلومات، رفضوا تزويدنا بها في الفترة الماضية". وكانت السلطات المصريّة، قد منعت، في الحادي عشر من الشهر الحالي، المدير التنفيذي في "هيومن رايتس ووتش"، كينيث روث، والمديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، سارة ليا ويتسن، من دخول مصر، عشيّة الإعلان عن مضمون التقرير.
كما شنّ بعض الاعلام المصري، الرسميّ والخاص هجوماً لاذعاً على المنظمة الحقوقيّة، متهماً إيّاها بالمشاركة في "مؤامرة كونيّة" ضدّ مصر. "تسمية المسؤولين المصرييّن كانت نقطة أساسية في التقرير"، وفق حوري، الذي يشير الى أنّ "ما حصل في اعتصام رابعة لم يكن عبارة عن فقدان مجموعة أمنيّة السيطرة، أو إطلاق نار عشوائي، من عناصر غير ملتزمة"، بل يتحدّث عن "خطة أُقرّت على أعلى مستويات السلطة المصرية، وأحد أسسها استعمال القوّة المفرطة".
يُسهب حوري في الحديث عن تفاصيل إطلاق النار على المتظاهرين، بعد دقائق عدّة من إطلاق صفّارات الإنذار في بعض الأماكن. يؤكد أن شهود العيان، الذين التقى بهم فريق المنظمة، كما الطواقم الطبيّة، ومعاينة الجرحى وتشريح الجثث وأهالي الضحايا، في أماكن عدّة، أفادوا بإصابات مباشرة على الرأس وأعلى الجسد. ويذكّر حوري، كما التقرير، بتصريحات صدرت عن مسؤولين مصريين، توقّعوا مقتل ثلاثة آلاف متظاهر خلال فضّ الاعتصام. ويشدّد على "اننا لا نتحدّث عن ساحة معركة، ولا مبرّر لإطلاق النار وقتل 817 متظاهراً وثّقنا أسماءهم".
وأصدرت منظّمة "هيومن رايتس ووتش"، في الثاني عشر من الشهر الحالي، تقريراً من 188 صفحة، بعنوان "حسب الخطة: مذبحة رابعة والقتل الجماعي للمتظاهرين في مصر"، وثّقت فيه، مستندة الى مئتي مقابلة، كيفية "قيام الشرطة والجيش المصريين، على نحو ممنهج، بإطلاق الذخيرة الحية على حشود من المتظاهرين المعارضين لخلع الجيش في 3 يوليو/تموز للرئيس المعزول محمد مرسي، في ست تظاهرات بين 5 يوليو/تموز و17 أغسطس/آب 2013".
يؤكد حوري أنّ التقرير لم يفاجئ السلطات المصرية: "راسلنا وزارات الدفاع والداخليّة والخارجيّة، وممثلي مصر في الأمم المتحدة، والسفارة المصرية في الولايات المتحدة، وطرحنا أسئلة لم نحصل على أجوبة بشأنها". يردّ حوري على انتقادات الصحافة المصريّة، بالقول إنّه "بدا واضحاً أن كثيرين لم يطّلعوا على مضمون التقرير، واعتبروا أننا لم نتطرّق الى وقوع الضحايا في صفوف عناصر الشرطة والأمن والعسكر، علماً اننا توقفنا عند مقتل 8 عناصر من الشرطة، ونقلنا عن وزارة الداخليّة المصريّة، عثورها على 15 بندقية في أيدي المتظاهرين، عند فضّ الاعتصام".
لكنّ حوري، يؤكّد في الوقت ذاته، أنّ "قتل 8 عناصر من الشرطة لا يبرّر، بأيّ شكل من الأشكال، استهداف المتظاهرين بنيران كثيفة". لا ينطلي منطق التخوين والاتهامات في مصر على "هيومن رايتس ووتش"، فحسب، وفق حوري، الذي يلفت أيضاً الى اتهامات، تُوجّه الى "مثقّفين ومدرّسين ونقّاد وجمعيّات حقوقية وبعض السياسيين ممّن انتقدوا ما قامت به السلطات في رابعة وسواها". ويبدي أسفه لـ"عدم وجود مساحة حقيقية للتعبير في بلد كمصر، حيث اعتدنا النقاش وإطلاق التقارير حتى في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، وهذا دليل إضافي على حجم أزمة حقوق الانسان التي تعيشها مصر".
وفي موازاة تأكيد "هيومن رايتس ووتش"، أنّه بعد عام على فضّ الاعتصام "لم تحاكم السلطات المصريّة أو تحقّق مع عنصر واحد من الشرطة"، يرى حوري أن هدف التقرير الأساسي هو تسليط الضوء على "حالة الإفلات من العقاب، في ظل التحقيق مع متظاهرين واعتقال عدد كبير منهم". ويقول: "إذا أطلق أحد المتظاهرين النار على الشرطة، يحق للشرطة اعتقاله ومحاسبته وفق القانون المصري.
لكن اليوم هناك إفلات تام من العقاب، ينطبق على عناصر الشرطة". تدرك المنظمة الدوليّة أنها، وسواها من المنظمات غير الحكوميّة، لا تملك قدرة على المحاسبة. من هنا، يبرّر حوري مطالبة "هيومن رايتس ووتش" مجلس حقوق الانسان بتحقيق دولي. يوضح في هذا الصدد: "لم نميّز مصر عن باقي البلدان. نطالب، في أي بلد يشهد انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان، بتحقيق أممي، إذا لم يُصر الى تحقيق جدّي". أكثر من ذلك، يعترف حوري بفشل المؤسسات الدولية والإقليمية في آن معاً، ويعتبر أنّ المدنيين، وحدهم، يدفعون ثمن العودة الى مبدأ "الفيتو" (حقّ النقض) في مجلس الأمن، بغياب آلية للمحاسبة واستمرار تدفّق الأسلحة.
تستبق المنظّمة الحقوقيّة، من خلال لقاءاتها في جنيف، انعقاد دورة مجلس حقوق الانسان في شهر سبتمبر/أيلول المقبل، بعدما طالبته في تقريرها، بإنشاء لجنة لتقصّي الحقائق والتحقيق في وقائع القتل الجماعي للمتظاهرين منذ 30 يونيو/حزيران 2013 في مصر. لا يقتصر الحراك على جنيف فحسب، بل تسعى المنظّمة، برغم إشارة تقريرها، الى تورّط 10 من كبار القادة المصريين، بينهم الرئيس الحالي عبد الفتّاح السيسي، في أعمال القتل، الى إعادة فتح قنوات التواصل مع المسؤولين المصريين أنفسهم.
يقول نائب المدير التنفيذي لـ"هيومن رايتس ووتش" في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، نديم حوري، في حوار مع "العربي الجديد": "نأمل أن يسمحوا لنا بدخول مصر مجدداً، ومناقشة التقرير معهم، واستطلاع ما لديهم من معلومات، رفضوا تزويدنا بها في الفترة الماضية". وكانت السلطات المصريّة، قد منعت، في الحادي عشر من الشهر الحالي، المدير التنفيذي في "هيومن رايتس ووتش"، كينيث روث، والمديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، سارة ليا ويتسن، من دخول مصر، عشيّة الإعلان عن مضمون التقرير.
يُسهب حوري في الحديث عن تفاصيل إطلاق النار على المتظاهرين، بعد دقائق عدّة من إطلاق صفّارات الإنذار في بعض الأماكن. يؤكد أن شهود العيان، الذين التقى بهم فريق المنظمة، كما الطواقم الطبيّة، ومعاينة الجرحى وتشريح الجثث وأهالي الضحايا، في أماكن عدّة، أفادوا بإصابات مباشرة على الرأس وأعلى الجسد. ويذكّر حوري، كما التقرير، بتصريحات صدرت عن مسؤولين مصريين، توقّعوا مقتل ثلاثة آلاف متظاهر خلال فضّ الاعتصام. ويشدّد على "اننا لا نتحدّث عن ساحة معركة، ولا مبرّر لإطلاق النار وقتل 817 متظاهراً وثّقنا أسماءهم".
وأصدرت منظّمة "هيومن رايتس ووتش"، في الثاني عشر من الشهر الحالي، تقريراً من 188 صفحة، بعنوان "حسب الخطة: مذبحة رابعة والقتل الجماعي للمتظاهرين في مصر"، وثّقت فيه، مستندة الى مئتي مقابلة، كيفية "قيام الشرطة والجيش المصريين، على نحو ممنهج، بإطلاق الذخيرة الحية على حشود من المتظاهرين المعارضين لخلع الجيش في 3 يوليو/تموز للرئيس المعزول محمد مرسي، في ست تظاهرات بين 5 يوليو/تموز و17 أغسطس/آب 2013".
يؤكد حوري أنّ التقرير لم يفاجئ السلطات المصرية: "راسلنا وزارات الدفاع والداخليّة والخارجيّة، وممثلي مصر في الأمم المتحدة، والسفارة المصرية في الولايات المتحدة، وطرحنا أسئلة لم نحصل على أجوبة بشأنها". يردّ حوري على انتقادات الصحافة المصريّة، بالقول إنّه "بدا واضحاً أن كثيرين لم يطّلعوا على مضمون التقرير، واعتبروا أننا لم نتطرّق الى وقوع الضحايا في صفوف عناصر الشرطة والأمن والعسكر، علماً اننا توقفنا عند مقتل 8 عناصر من الشرطة، ونقلنا عن وزارة الداخليّة المصريّة، عثورها على 15 بندقية في أيدي المتظاهرين، عند فضّ الاعتصام".
لكنّ حوري، يؤكّد في الوقت ذاته، أنّ "قتل 8 عناصر من الشرطة لا يبرّر، بأيّ شكل من الأشكال، استهداف المتظاهرين بنيران كثيفة". لا ينطلي منطق التخوين والاتهامات في مصر على "هيومن رايتس ووتش"، فحسب، وفق حوري، الذي يلفت أيضاً الى اتهامات، تُوجّه الى "مثقّفين ومدرّسين ونقّاد وجمعيّات حقوقية وبعض السياسيين ممّن انتقدوا ما قامت به السلطات في رابعة وسواها". ويبدي أسفه لـ"عدم وجود مساحة حقيقية للتعبير في بلد كمصر، حيث اعتدنا النقاش وإطلاق التقارير حتى في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، وهذا دليل إضافي على حجم أزمة حقوق الانسان التي تعيشها مصر".
وفي موازاة تأكيد "هيومن رايتس ووتش"، أنّه بعد عام على فضّ الاعتصام "لم تحاكم السلطات المصريّة أو تحقّق مع عنصر واحد من الشرطة"، يرى حوري أن هدف التقرير الأساسي هو تسليط الضوء على "حالة الإفلات من العقاب، في ظل التحقيق مع متظاهرين واعتقال عدد كبير منهم". ويقول: "إذا أطلق أحد المتظاهرين النار على الشرطة، يحق للشرطة اعتقاله ومحاسبته وفق القانون المصري.
لكن اليوم هناك إفلات تام من العقاب، ينطبق على عناصر الشرطة". تدرك المنظمة الدوليّة أنها، وسواها من المنظمات غير الحكوميّة، لا تملك قدرة على المحاسبة. من هنا، يبرّر حوري مطالبة "هيومن رايتس ووتش" مجلس حقوق الانسان بتحقيق دولي. يوضح في هذا الصدد: "لم نميّز مصر عن باقي البلدان. نطالب، في أي بلد يشهد انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان، بتحقيق أممي، إذا لم يُصر الى تحقيق جدّي". أكثر من ذلك، يعترف حوري بفشل المؤسسات الدولية والإقليمية في آن معاً، ويعتبر أنّ المدنيين، وحدهم، يدفعون ثمن العودة الى مبدأ "الفيتو" (حقّ النقض) في مجلس الأمن، بغياب آلية للمحاسبة واستمرار تدفّق الأسلحة.