وقالت الصحيفة في تحقيق استقصائي نشرت تفاصيله ليل الإثنين، إنّ امرأة قدِمت إلى الصحيفة، وادّعت كذباً بأنّها حمِلت من روي مور، المرشح الجمهوري لمجلس الشيوخ الأميركي في ولاية آلاباما، عندما كانت مراهقة. وتبيّن للصحيفة أن المرأة تعمل لحساب جمعيّة تستخدم أساليب خادعة لتسجيل محادثات سراً في محاولةٍ لإحراج أهدافها.
وفي سلسلةٍ من المقابلات على مدى أسبوعين، شاركت المرأة قصةً "مثيرة" حول علاقةٍ جنسيّة مزعومة مع مور عام 1992، انتهت بإجهاضها عندما كانت في الخامسة عشرة من عمرها. وخلال المقابلات، ضغطت المرأة طالبةً من مراسلي "واشنطن بوست" أن يعطوا آراءهم حول آثار ما يمكن أن تُسبّبه مزاعمها على ترشيح مور إن قرّرت أن تتحدّث على الملأ.
لم تنشر الصحيفة مقالاً بناءً على ادّعاءاتها غير المدعومة. وعندما واجهها مراسلو "ذا بوست" بسجالات حول قصتها، ومنشور على الإنترنت رفع أسئلةً حول دوافعها، أصرّت على أنّها لا تعمل مع أي منظّمةٍ تستهدف الصحافيين.
ولكن صباح الإثنين، رصدها مراسلو "واشنطن بوست" تدخل إلى مكاتب "بروجيكت فيريتاس" (Project Veritas) في نيويورك. وتلك هي جمعيّة تستهدف الصحافة التقليديّة والجماعات اليساريّة. وتضع الجمعية مخطّطات لـ"لسعات" سريّة تنطوي على استخدام قصص تغطية كاذبة ومقاطع فيديو سريّة بهدف الكشف عن "التحيّز الإعلامي".
ورفض مؤسس "بروجيكت فيريتاس"، جيمس أوكيف، والذي أدين بجنحة استخدام هويّة مزوّرة للدخول إلى مبنى فيدرالي عام 2010 ضمن مخطّط سابق، الإجابة عن أسئلة حول المرأة ودخولها إلى مبنى الجمعية صباح الإثنين، بعد وقتٍ قصير من رؤيتها تدخل إلى هناك.
وقال أوكيف "لا أقوم بإجراء مقابلة في الوقت الحالي. لذا لن أقول كلمة واحدة".
وفي مقابلة متابعة، رفض أوكيف الإجابة عن الأسئلة المتكرّرة حول ما إذا كانت المرأة تعمل في "بروجيكت فيريتاس". كما لم يرد على سؤال عما إذا كان يعمل مع مور، ومستشار البيت الأبيض السابق ستيف بانون، أو مع استراتيجيين جمهوريين.
وتظهر نشاطات الجمعيّة المدى الذي يمكن أن يذهب إليه الفريق لزعزعة الثقة بوسائل الإعلام ومحاولة تشويه سمعتها، بسبب تغطيتها لقصص النساء اللواتي تحدّثن عن التحرش الذي مارسه مور بحقّهنّ عندما كنّ مراهقات وهو كان في بداية ثلاثينيّاته، في حين نفى مور أن يكون فعل أي شيء غير لائق.
كما لم يجب المتحدث باسم مور على رسالةٍ تطلب منه التعليق على القصة هذه.
Twitter Post
|
ولم تُجب المرأة التي تواصلت مع "واشنطن بوست"، جايمي تي فيليبس، على مكالمات الصحيفة يوم الإثنين. وبقيت سيارتها في مرأب السيارات في "بروجيكت فيريتاس" لأكثر من ساعة.
ووضعت "ذا بوست" مصوّرَي فيديو خارج مكاتب المجموعة في مامارونيك في نيويورك، بعدما أدركت أنّ فيليبس تعيش في ستامفورد، وأنّ الموقعين يبعدان عن بعضهما 16 ميلاً فقط. وتبعها مراسلان من منزلها أثناء توجّهها إلى المكتب.
وبعدما رأى المراسلان فيليبس تدخل إلى مكاتب الجمعية، اتّخذت الصحيفة "قراراً غير عادي" بالإبلاغ عن تعليقاتها السابقة، غير المسجّلة.
وقال المحرر التنفيذي في "واشنطن بوست"، مارتن بارون: "نحن دائماً نحترم اتّفاقات المحادثات غير المسجّلة، عندما يتمّ الدخول فيها بحسن نيّة. ولكنّ المكالمة (غير المسجّلة) كانت جوهر مخطّط لخداعنا وإحراجنا. كان القصد من (بروجيكت فيريتاس) واضحاً: نشر المحادثة إن وقعنا في الفخّ. وبسبب صرامة صحافتنا، لم نُخدع. ولا يمكننا احترام (اتفاقية عدم التسجيل) لأنّها التُمست بسوء نيّة ضارّة".
وتوّج وصول فيليبس إلى مكاتب الجمعيّة جهوداً لأسابيع، بدأت بعد ساعات من نشر "واشنطن بوست" مقالاً في التاسع من نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، تضمّن ادّعاءات بأنّ مور قام بعلاقة جنسية مع طفلة تبلغ من العمر 14 عاماً وتدعى لي كورفمان.
Twitter Post
|
وتلقت مراسلة الصحيفة، بيث رينهارد، والتي ساهمت بكتابة المقال عن مور، بريداً إلكترونياً خفياً في وقت مبكر من صباح اليوم التالي. وجاء في الرسالة التي وصلت من بريد باسم ليندساي جيمس: "روي مور في آلاباما. قد أعرف شيئاً عنه لكنّي أحتاج لأن أحافظ على أمن نفسي. كيف نفعل هذا؟".
وأرسلت رينهارد رداً سألت فيه الشخص إن كان على استعداد للحديث من دون تسجيل. فجاءها الرد التالي "لا أدري إن كنتُ أثق بالهاتف. هل نستطيع أن نبقي تواصلنا على البريد الإلكتروني؟"، وأضاف "أنا بحاجة إلى أن أكون واثقاً بأنّك ستحميني قبل أن أقول كلّ شيء. لديّ أشياء كانت مخبّأة لفترة طويلة وربّما يجب أن تبقى على هذا النحو".
وجاءت رسالة البريد الإلكتروني تلك بعد هجماتٍ مضادّة قام بها أنصار مور على الإنترنت، استهدفت "ذا بوست" وصحافييها.
Twitter Post
|
وفي اليوم نفسه، نشر موقع "غايتواي بانديت"، المحافظ، قصّة كاذبة من حساب على "تويتر" باسم @umpire43 تقول إنّ "عائلة صديق في آلاباما أبلغت زوجتي إنّ مراسلة (واشنطن بوست)، بيث، عرضت عليها ألف دولارٍ أميركي كي تتّهم مور". ولاحقاً، تمّ إيقاف الحساب الذي له تاريخ في نشر الأخبار الكاذبة.
ولدى "واشنطن بوست"، كالعديد من المؤسسات الإخباريّة، سياسة صارمة ضدّ دفع الأموال للأشخاص مقابل المعلومات، ولم تفعل ذلك خلال تغطيتها لقضيّة مور.
وفي 14 نوفمبر/تشرين الثاني، اتصل شخص بقسّ في آلاباما زاعماً أنّه مراسل في الصحيفة، ويفتّش عن نساء "يرغبنَ في إبداء ملاحظات ضارّة" بشأن مور، مقابل المال. لكنّ أحداً من الصحيفة لم يقم بتلك المكالمة.
وفي الأيام التي تلت رسالة البريد الإلكتروني، تواصلت رينهارد مع المرأة عبر تطبيق تراسل مشفّر، وتواصلت مع الشخص عبر الهاتف لتحديد لقاء. وعندما طلبت المرأة أن يكون في نيويورك، طلبت رينهارد معلومات أكثر عن قصتها وخلفيتها. فقالت إنّ اسمها الحقيقي جايمي فيليبس.
وقالت فيليبس إنها تعيش في نيويورك لكنها ستكون في واشنطن خلال عيد الشكر، واقترحت اللقاء يوم الثلاثاء في مركز للتسوق. وعندما اقترحت رينهارد إحضار صحافي آخر، قالت فيليبس إنها لن تكون مرتاحة مع وجود شخص آخر.
ويوم اللقاء، وجدت رينهارد فيليبس جالسة في مطعم وترتدي سترة جلدية بنية وشعراً أحمر طويلاً. وقالت السيدة التي تبلغ من العمر 41 عاماً إنها عانت من سوء المعاملة عندما كانت طفلة. كانت عائلتها قد انتقلت إلى آلاباما والتقت بمور خلال تجمعات في الكنيسة عام 1992، ثم "بدأت علاقة جنسية سريّة"، متهمةً مور بقيادتها إلى ميسيسبي كي تجري عملية الإجهاض. وبعدما طلبت فيليبس من رينهارد ضمان أنّ مور سيخسر الانتخابات إذا ما تقدّمت بادعاءاتها، قالت الصحافية إنّها لا تستطيع التنبؤ بما سيحدث وإنّ عليها أن تتحقق من ادعاءات المرأة وأن ترسل الأخيرة ما قد يدعم قصتها.
وبعد اللقاء، أرسلت فيليبس لرينهارد قائلةً إنها لم تتشجع على البوح بقصتها. فاعتذرت رينهارد مؤكّدةً أنّها يجب أن تتحقق من القصة لأن لها أبعاداً لا يمكن التنبؤ بها.
وبعد تشكيك رينهارد بقصة فيليبس، تحققت من رقم الهاتف ومكان العمل الذي قالت فيليبس عنه، إلا أنّهم نفوا وجود عمل لأي شخص بهذا الاسم.
ووجد باحث في الصحيفة خلال بحثه عن الاسم صفحةً لجمع التبرعات على موقع GoFundMe.com تحت اسم جايمي فيليبس. وقالت على الصفحة إنّها وجدت عملاً في مؤسسة تفضح الصحافيين بعدما صرفتها مؤسستها الأخيرة.
وكانت "بروجيكت فيريتاس" قد نشرت إعلاناً لطلب "صحافيين متخفين" في مارس/آذار الماضي للعمل معها على فضح الصحافيين.
وأنشئت "بروجيكت فيريتاس" كجمعية خيرية عام 2010 بهدف "التحقيق وفضح الفساد والكذب والقذارة". واستطاعت أن تجمع مبلغ 4.8 ملايين ووظّفت 38 شخصاً عام 2016، بحسب بياناتها. كما يتطوّع للعمل معها 92 شخصاً.
Twitter Post
|
Twitter Post
|
Twitter Post
|
Twitter Post
|
Twitter Post
|
Twitter Post
|
(العربي الجديد)