قالت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية في تحليل إخباري نشرته اليوم، الخميس، إن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بدوا في حالة انسجام تام في المؤتمر الصحافي الذي عقداه بعد ظهر الأربعاء، رغم أن هذه هي الزيارة الأولى لنتنياهو، الذي يشغل منصبه منذ أحد عشر عاماً، إلى البيت الأبيض بظل وجود رئيس جمهوري.
ولفتت الصحيفة إلى أن نتنياهو حقق ما أراده من رحلته إلى الولايات المتحدة، حيث لم يذكر ترامب ونتنياهو في المؤتمر الصحافي "حل الدولتين" (الذي يقضي بالاتفاق على دولتين إسرائيلية وفلسطينية تعيشان جنبا إلى جنب)، وعندما طرح أحد الصحافيين سؤالاً حول "حل الدولتين" تعرض له ترامب بلا مبالاة واضحة.
وقال ترامب ردا على الصحافي: "هل أنا أفضل حل الدولتين أو حل الدولة الواحدة؟ أنا في الواقع أفضل ما يفضله الطرفان"، قبل أن يضيف أنه لاحظ أن "حل الدولتين قد يكون أسهل للتطبيق". وانتقد ترامب بلطف توسيع حكومة نتنياهو المستوطنات في الضفة الغربية، حيث قال لنتنياهو: "أود أن أراك تبخل على المستوطنات قليلاً".
وحرص نتنياهو، بحسب "واشنطن بوست"، على عدم التطرق للفظ "دولة فلسطينية"، حتى لا يغضب قادة الأحزاب اليمينية في ائتلافه الحاكم، مثل نفتالي بينت، زعيم أحد الأحزاب الإسرائيلية التي تعتمد في الانتخابات على أصوات المستوطنين، والذي قال إنه "إذا تطرق نتنياهو لقيام دولة فلسطينية فإن الأرض ستهتز". وأشار بينت في تغريدة على "تويتر" إلى أن زيارة نتنياهو الحالية هي "نهاية حقبة"، وأنه " حان الوقت لإنزال العلم الفلسطيني إلى الأسفل لاستبداله بعلم إسرائيل".
وتابعت الصحيفة أن احتمالات التوصل إلى "حل الدولتين" كانت قد تلاشت خلال السنوات الأخيرة، بسبب استمرار التوسع في المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس الشرقية، التي تعد عاصمة لدولة فلسطينية منتظرة، وجعل ذلك من شبه اليقيني أنه لن تكون هناك أبدا دولة فلسطينية متصلة. كما أن إصرار نتنياهو على الاحتفاظ بالسيطرة على جزء كبير من هذه الأرض، بحجة الأمن، يشير إلى وجود احتلال عسكري دائم.
ولفتت الصحيفة إلى أن نتنياهو اعتاد على وصف القيادة الفلسطينية بأنها "ضعيفة ومرفوضة" بحيث أنه "لا يوجد شريك للسلام"، حيث يعتقد نتنياهو أنه في حال قيام دولة فلسطينية فإنها ستكون تحت سيطرة "مليشيات إسلامية متشددة". وأوضحت "واشنطن بوست" أنه بالرغم من أن الفلسطينيين نجحوا بنقل نضالهم إلى المحافل الدولية وحصلوا من خلال ذلك على مكاسب رمزية كبيرة، إلا أنهم لم يتمكنوا من الحصول على أي مكاسب على الأرض.
لكن منتقدي نتنياهو، بمن فيهم شخصيات من إدارة أوباما، يشعرون بالقلق من أن هذا الوضع الراهن هو "وضع سام"، حيث يقول النائب في المعارضة في البرلمان الإسرائيلي، إيريل مرغليت، في تغريدة على "تويتر": "لقد فاز اليمين المتطرف الليلة، دولة إسرائيل ضاعت"، وتابع أن "نتنياهو يقودنا إلى حالة الدولة المزدوجة، في حين يبتعد عن حل الدولتين الذي هو في مصلحة إسرائيل".
وعلقت الصحيفة أنه "إذا لم تكن هناك أي دولة فلسطينية فماذا عن ملايين الفلسطينيين الذين سيعيشون في دولة إسرائيل كمواطنين من الدرجة الثانية، بحيث يعانون من نقاط التفتيش ومن زحف المستوطنات على أراضيهم، ومن اعتداءات دوريات الجيش الإسرائيلية؟ هل يمكن أن يحظى هؤلاء بنفس حقوق المواطنين الإسرائيليين؟ لقد تحاشت إدارة ترامب الإجابة على هذا السؤال حيث أن كلمة (احتلال) لم تلفظ في المؤتمر الصحافي ولو لمرة واحدة".
ونقلت الصحيفة عن كبير المفاوضين الفلسطينيين، صائب عريقات، واصفة إياه بأنه سياسي فلسطيني مخضرم، قوله موجهاً كلامه لـ"هؤلاء الذين يعتقدون أنه يمكن الحفاظ على النظام السياسي الحالي في إسرائيل" أن "وجود دولة واحدة بنظامين، بحيث يكون هناك فصل عنصري، لا يمكن أن يكون مقبولاً في القرن الحادي والعشرين".