لعلّ الحكومة السابقة، التي لم تختلف شكلاً عن الحالية، أكثر تعبيراً عن فشل وزارات الدولة. وقد أسند إلى وزارات الدولة وقتها مهمات حساسة كان يمكن أن تحقق الكثير. وأعادت الحكومة الحالية، برئاسة سعد الحريري، تشكيل وإلغاء الوزارات السابقة، مثل وزارة الدولة لشؤون مكافحة الفساد التي لم يعد لها وجود، بعدما أسند إليها في الحكومة السابقة مهمة طمأنة المجتمع الدولي إلى جدية الطبقة السياسية في محاربة الفساد، في مرحلة يتطلب فيها أن ينجز لبنان ما اتفق عليه في مؤتمر "سيدر" المالي في إبريل/نيسان الماضي، والذي تم خلاله التعهد بتقديم 11 مليار دولار من المنح والقروض الدولية والعربية للبنان. وكذلك ألغيت وزارة الدولة لشؤون حقوق الإنسان، التي لم يكن دورها أو أداؤها أفضل من نظيرتها المكلفة مكافحة الفساد.
في الحكومة الحالية يرصد بعض المطلعين على الشأن الحكومي 9 وزارات كان يمكن الاستغناء عنها. ولعل ما رافق وزارة الدولة للتمكين الاجتماعي والاقتصادي للمرأة والشباب، التي أسندت إلى فيوليت خير الله الصفدي، كان كافياً للتأكيد على هامشية هذه الوزارات وعدم الحاجة لها. يقول البعض إن اسم الوزارة صيغ على عجل، واتفق على أن يكون "وزارة دولة لشؤون التأهيل الاجتماعي والاقتصادي للشباب والمرأة"، قبل أن يتم تعديله بسبب الانتقادات وما يتضمنه مصطلح تأهيل من إهانة للمرأة وللشباب أيضاً، فجرى استبدال التأهيل بالتمكين. لكن عملياً لم يفهم بعد سبب تغيير اسم الوزارة من الحكومة السابقة، التي كانت تحمل اسم وزارة دولة لحقوق المرأة، إلى التمكين الاقتصادي، خصوصاً أن الصفدي باتت تعتبر، في تصريحاتها، نفسها وزيرة حقوق المرأة، وتتحدث عن قضاياها، وأولها ملف حق منح المرأة الجنسية لعائلتها. عموماً، وبغض النظر عن التسميات، لا يتوقع البعض أن تحقق هذه الوزارة شيئاً، خصوصاً أن التشريع منوط بمجلس النواب لا بمجلس الوزراء، وبالتالي يمكن أن يكون أجدى تفعيل عمل لجنة المرأة في مجلس النواب.
وتكر سبحة الوزارات الفاقدة لأي جدوى، من وزارة الدولة لشؤون التجارة الخارجية، التي أُسندت إلى حسن مراد، ولا يُعرف دورها في ظل وجود وزارة الاقتصاد والتجارة، إلى وزارة الدولة لشؤون تكنولوجيا المعلومات، التي أسندت إلى عادل أفيوني، والتي يقال إن مهمتها تشجيع الاستثمار في القطاع التكنولوجي، على الرغم من أن العارفين يؤكدون بعد تجربة مشروع ضخم أنشئ في بيروت لتشجيع هذا القطاع، أن الأزمة تكمن في التشريعات، وكذلك في البنى التحتية، وسوء خدمة الإنترنت. وفي إطار وزراء إكمال العدد، وزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمود قماطي، ووزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي، وكأن التنسيق بين المؤسسات والرئاسات يتطلب وزيراً، في دولة يفترض أن يحكمها الدستور، خصوصاً أن هذه الأدوار أسندت إلى وزراء في السابق ولم يحققوا شيئاً، باستثناء نقل رسائل سياسية بين المؤسسات. وحدها وزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية بين وزارات الدولة الـ6 يمكن أن يقال إنها الأقدم، وهي الوحيدة التي أسند إليها منذ سنوات طويلة ملف حساس، هو الحكومة الإلكترونية، التي باتت ضرورة اليوم مع إلزامية وقف الهدر والفساد، على الرغم من أن الوزارة لم تحقق شيئاً بعد مع مرور أكثر من عقدين، وهو الملف الذي دفع "القوات اللبنانية" في اللحظات الأخيرة إلى القبول بهذه الوزارة وإسنادها إلى مي شدياق.
وثمة على الأقل 3 مناصب أخرى بات ضرورياً فتح النقاش حولها، بعد أن أصبحت بلا دور، أو مع دور هامشي، لعل أولها نيابة رئاسة مجلس الوزراء، التي تشبه وزارة الدولة، خصوصاً أن لا صلاحيات لها، وعادة ما كانت الصفة تُسند لوزير مع حقيبة. مثلاً أن يُمنح وزير الدفاع صفة نائب رئيس الحكومة، قبل أن تفرض شروط المحاصصة فصلها، من دون النقاش حول الدور المنوط بها، على الرغم من ضغط البعض لتحديد صلاحيات نائب الرئيس. أما على صعيد الوزارات الأخرى، فوزارة المهجرين باتت فعلياً لزوم ما لا يلزم، مع انتهاء ملف عودة مهجري الحرب، أو غالبيتهم الساحقة، والإبقاء عليها هو بسبب عدم تأمين المبالغ أو التعويضات المالية المتبقية. وبالتالي لن يكون أمام الوزير الحالي غسان عطاالله سوى البحث عن تمويل لتأمين عودة من تبقى من المهجرين، وإقفال الملف نهائياً، وهو الأمر المطروح منذ سنوات. الوزارة التاسعة هي الإعلام التي طرح مراراً ضرورة إلغائها، والاستعاضة عنها بناطق رسمي للحكومة يتلو البيانات. وكان وزير الإعلام في الحكومة الماضية ملحم رياشي رفع هذا الشعار، من دون أن يتحقق. ومع وجود 9 مناصب وزارية بلا أدوار فعلية ولمجرد إكمال العدد، كان البعض يُمني النفس بإحياء وزارة قديمة باتت اليوم ضرورية، وهي وزارة التخطيط، التي كانت تحمل اسم وزارة التصميم العام، والتي ألغيت في العام 1977، واستعيض عنها لاحقاً بمجالس المهجرين، والجنوب للإعمار، والإنماء والإعمار، والتي خضعت لمحاصصة طائفية وبين الأحزاب والتيارات الحاكمة.