وقالت الصحيفة، في تقرير، أمس الخميس، إنّ "للسعودية وإسرائيل عدواً مشتركاً هو إيران، وصديقاً مشتركاً هو إدارة دونالد ترامب في واشنطن"، مشيرة إلى أنّ أيّ تقارب مفتوح بين الطرفين، وهو هدف لترامب، "لا يزال بعيد المنال".
وأجرت الصحيفة مقارنة بين المكاسب والأثمان، التي قد تجنيها أو تتكلّفها كل من السعودية وإسرائيل، من أجل إحداث خرق في إعلان العلاقات بينهما.
فبالنسبة إلى الحكومة الإسرائيلية الحالية، بحسب الصحيفة، لا تستحق فوائد العلاقات الدبلوماسية مع السعودية، تقديم تنازلات ملموسة للفلسطينيين، تتوقعها الرياض من طرف إسرائيل. أما بالنسبة إلى الرياض، فإنّ ثمن التخلّي عن القضية الفلسطينية يبقى باهظاً جداً، مقارنة بما يمكن أن توفّره في المقابل المساعدات الأمنية الإسرائيلية للمملكة، مثل نظام الدفاع الصاروخي.
ولفتت الصحيفة إلى أنّ هذا الأمر أصبح أكثر صعوبة، في ضوء قرار الرئيس الأميركي إعلان القدس عاصمة لإسرائيل، في 6 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، الذي أدّى إلى اندلاع احتجاجات في جميع أنحاء العالم الإسلامي.
وقالت الصحيفة إنّ "طموح السعودية إلى قيادة العالم الإسلامي بأسره، أو على الأقل قيادة تحالف سني معارض لإيران، متأصّل في سيطرتها على أقدس المواقع الإسلامية في مكة والمدينة المنورة".
ولهذا الاعتبار، وفق الصحيفة، فإنّ السعودية لا يمكن أن تفسح المجال أمام النظر إليها تتقرّب من الإسرائيليين، في الوقت الذي تتأجّج فيه المشاعر على مستقبل القدس، موطن ثالث أقدس المواقع الإسلامية، المسجد الأقصى.
مقاطعة الحج
وأشارت الصحيفة إلى أنّ الاحتجاجات لا تقتصر على إيران ووكلائها، مشيرة إلى أنّ دولاً أخرى في المنطقة قد تردّ على أي تقرّب سعودي من إسرائيل، والتخلّي عن القضية الفلسطينية، بمقاطعة الحج.
ولفتت الصحيفة إلى أنّ "تركيا، بقيادة رجب طيب أردوغان، تسعى إلى تحدّي سيادة السعودية في العالم الإسلامي، وفي ظلّ هذه الظروف فإنّ أي انفتاح سعودي على إسرائيل سيستغلّه منافسو المملكة، وربما يشمل مقاطعة الحج إلى مكة".
وفي هذا الإطار، قال مسؤول سعودي رفيع المستوى، للصحيفة، "إنّها فكرة مخيفة. فلسطين ليست قضية سهلة"، مضيفاً أنّ "السعودية تتوقّع أن تتولى قيادة العالم الإسلامي ولن تسمح بالتخلي عن ذلك بسهولة. وإذا كنت بحاجة إلى إسرائيل في أي شيء، يمكنك أن تفعل ذلك على أي حال، من دون وجود علاقة".
وبالفعل، فإنّ إسرائيل والسعودية تتعاونان من خلال تبادل المعلومات الاستخبارية، وتنسيق جهود الضغط والأنشطة العسكرية، وفق الصحيفة، مشيرة إلى أنّ الرياض تسعى إلى التواصل مع المتجمع اليهودي الأميركي.
وذكرت في هذا الإطار أنّ الشيخ محمد العيسى، وزير العدل السابق في المملكة ورئيس "رابطة العالم الإسلامي"، أرسل، في يناير/ كانون الثاني الماضي، رسالة رسمية لم يسبق لها مثيل إلى المتحف التذكاري للمحرقة اليهودية في الولايات المتحدة.
غير أنّ الاتصالات بين السعودية وإسرائيل اقتصرت على اجتماعات غير رسمية بين مسؤولين متقاعدين في عدد من المؤتمرات.
إسرائيل لن تتنازل
وأشارت الصحيفة إلى أنّ الموقف السعودي الرسمي لا يزال يصرّ على أن تقبل إسرائيل "مبادرة السلام العربية" التي اقترحها ولي العهد السعودي الأمير عبد الله في عام 2002، والتي عرض فيها تطبيع علاقات الدول العربية مع إسرائيل، مقابل الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، وحل قضية اللاجئين الفلسطينيين.
وهذا ما يفسّر، بحسب الصحيفة، أنّ جاريد كوشنر، صهر ترامب، ومبعوث البيت الأبيض لمفاوضات السلام في الشرق الأوسط، اعترف بضرورة حلّ قضية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، خلال مؤتمر مؤسسة "بروكينغز"، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
ومع رفض الحكومة الإسرائيلية، اليمينية بقيادة بنيامين نتنياهو، التوصّل إلى "حل وسط" حول القدس، ومواصلتها بناء المستوطنات في الضفة الغربية، رأت "وول ستريت جورنال" أنّ قبول إسرائيل خطة السلام العربية 2002، أو أي تقدّم آخر في العلاقات مع الفلسطينيين، "يبدو مستبعداً جداً في المستقبل المنظور".
حتى الخطوات "الأكثر تواضعاً" لمعالجة المظالم الفلسطينية، التي يُمكن أن تعطي السعودية تغطية لانفتاحها على إسرائيل، غير مستساغة من الناحية السياسية بالنسبة إلى نتنياهو وحلفائه في ائتلاف الحكومة، وفق الصحيفة.
وحول ذلك قال جوشوا تيتلبوم، الأستاذ المتخصّص في شؤون الخليج في مركز بيغن سادات للدراسات الاستراتيجية، والمحاضر في جامعة "بار إيلان" في إسرائيل، للصحيفة، "يجب أن تكون الأثمان مخفضة. إسرائيل لن تقدّم أي تنازل عن الأراضي أو أي تنازلات تتعلّق بأمنها، من أجل إقامة علاقات دبلوماسية مع السعودية".