"يديها"، هو الاسم الذي أطلقته الفتيات على مشروعهن، والذي يحاولْن من خلاله إيجاد فرص عمل للنساء اللواتي يعانين من أوضاع اقتصادية متردّية، تمكّنهن من التغلُّب على الأزمات، وتحقيق أهدافهن ورغباتهن بمستقل أفضل.
وتركّز الفتيات في مشروعهن على المشغولات اليدوية التراثيّة، والتطريز بمختلف أنواعه، ولكن بلمسة متطورة، في محاولة للتميُّز بأعمال جديدة، مع المحافظة على روح التراث الفلسطيني، والذي يعكس تفاصيل الثقافة والهوية الفلسطينية.
وتعمل في المشروع الذي انطلقت فكرته الأولى في أواخر عام 2017، نحو 42 سيدة فلسطينية، يتمُّ توزيع الأدوار في ما بينهن، إذ يعمل بعضهن من البيوت، فيما تعمل أخريات داخل المعمل الخاص بالمشروع، وأخريات في البيع أو التسويق الإلكتروني للمنتجات.
وتقول صاحبة فكرة المشروع، كريمان المشهراوي، إن الفكرة بدأت بطريقة مختلفة، إذ عملت برفقة صديقتها ريهام أبو هيبة على توفير بعض المستلزمات الخاصة بالأسر السورية اللاجئة في قطاع غزة، وكانت من بينهن سيدة سورية تحتاج إلى علاج خاص بمرض أعصاب، مضيفة: "غلاء سعر الدواء المطلوب دفعنا إلى التفكير بمشروع يساعد السيدة على تكملة سعر الدواء، إلا أنها ماتت قبل البدء بتنفيذ الفكرة".
(عبد الحكيم أبو رياش)
وتتابع المشهراوي، وهي خريجة الهندسة المعمارية من الجامعة الإسلامية بمدينة غزة: "شجعنا نضج الفكرة في ذلك الوقت لتنفيذها على أرض الواقع، بهدف إفادة أكبر قدر من العائلات الفلسطينية التي تعاني من أوضاع اقتصادية صعبة، خاصة وأننا قمنا بدراسة تفصيلية عن المشروع من كافة الجوانب".
وتضيف: "وفرنا بعض المستلزمات الخاصة بالمشروع، وتواصلنا مع عدد من النساء، وقمنا بإعطائهن دورات خاصة في تمييز التطريز، بإضفاء بعض اللمسات العصرية الحديثة"، مبينة أنّ المشروع بدأ بصناعة قواطع الكتب، ومن ثم تدرج في عمل الإكسسوارات، الحقائب، الشالات، المحافظ".
وتوضح المشهراوي أنّ المشروع يحاول دمج عدة أفكار في آن واحد، وهي الحفاظ على التراث الفلسطيني وتعزيز الهوية الفلسطينية والمشغولات اليدوية، على أيدي نساء يعانين من أوضاع اقتصادية صعبة، بهدف دمجهن في المجتمع، وخلق فرص عمل تحسّن من أوضاعهن المادية. مُؤكّدة أن المشروع يشترط سوء الأحوال الاقتصادية كمبدأ أساسي في العمل، بهدف إحداث تغيير ملحوظ على أحوال تلك الأسر.
(عبد الحكيم أبو رياش)
ويعتمد المشروع على أسلوب حديث في الترويج للمنتجات، وذلك عبر إرفاق صورة صاحبة المنتج على الموقع، وملف تعريفي عنها، توضح فيه قصتها مع التطريز، وهدفها من العمل، وحلمها الذي تسعى إليه. ويضم مجموعة قصص، كفتاة تعمل من أجل توفير النقود اللازمة لإتمام دراستها، وأخرى تحاول توفير ثمن العلاج، أو توفير النقود اللازمة لتحسين الأوضاع الاقتصادية، أملاً في مستقبل أفضل.
ويعاني أصحاب المشروع من مجموعة عقبات، أولاها الإغلاق المتواصل للمعابر، وعدم التمكن من الحصول على المواد اللازمة في الأوقات المحددة، إلى جانب الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمرّ فيها قطاع غزة، إلا أنّ فريق العمل يرى أن المشروع يسير بطريقة جيدة، ويطور من ذاته يوماً بعد الآخر.
(عبد الحكيم أبو رياش)
وتقول طالبة الصحافة، حنين الشاعر، والتي انضمت للمشروع منذ ثلاثة شهور، إنها تعمل على إضافة اللمسات الأخيرة لبعض الإكسسوارات. وتطعيمها باللون التراثي الفلسطيني، عبر قطع التطريز، والتي تضفي عليها رونقاً خاصاً.
وتوضح لـ "العربي الجديد"، أن التطريز يعطي مساحة أكبر من الجمال في الإكسسوارات والمشغولات اليدوية، إلى جانب قيمته التراثية، والتي تعكس مدى تمسك الشعب الفلسطيني في هويته وثقافته وحضارته الأصيلة.
وتوافقها في الرأي زميلتها، إيمان أبو عفش، والتي انتقلت للعمل في التطريز بعد استشهاد شقيقها الصحافي علي أبو عفش، ومن ثم وفاة والدها ووالدتها، مضيفة: "أعمل في هذا المجال الجميل كنوع من التفريغ النفسي، إلى جانب توفير فرصة عمل تمكنني من توفير كافة الاحتياجات اليومية".
(عبد الحكيم أبو رياش)