شكلت الانتصارات المتتالية لفريق يوفنتوس في الدوري الإيطالي لكرة القدم ودوري ابطال أوروبا، فرصة مثالية للرد المناسب من المدرب الجديد للفريق، ماسيمليانو اليجري، بعدما تعرض لاحتجاجات كبيرة من جمهور اليوفي، بعد الاعلان عن التعاقد معه خلفاً للمستقيل، كونتي، وبات الوضع مختلفاً الآن وبعد جملة الانتصارات، بدت "الأصوات الناقدة" تخفت حتى ضعفت ويبدو أنها ستختفي تماماً.
استطاع اليجري في 4 مباريات أن يقتنص فرصة لإثبات ذاته، فجمهور اليوفي كان صارماً وحازماً في قراره، عندما قام ماروتا بتقديم مدرب الميلان السابق، وعبر عن ذلك بأنشودة واضحة وهتافات صاخبة هزت قواعد مقر النادي وطالبت: "لا نريد اليجري"!
على خطى كونتي
تغير الأمر في فريق، السيدة العجوز، مع بصمة اليجري، وسط تساؤلات عن كيفية نجاح المدرب بتسجيل تلك الانتصارات رغم حداثته، ويكمن سر المدرب في عدم التغيير وتفادي هدم ما بناه كونتي، والاستمرار بتواضع في تطوير ما تم تحقيقه وحصد ما تم زراعته، ولكن مع اضافة لمسات خاصة، انطلاقاً من الحفاظ على الرسم التكتيكي (3-5 -2) وتعديله بشكل طفيف، حيث اصبح الثلاثي في المحور اكثر صرامة في المراقبة بنظام المنطقة، ولا يستند فقط إلى الرقابة الفردية رجلاً لرجل، حتى دور الظهيرين تغير نوعاً ما، وبات كل من اسامواه وليكشتاينير ينتظران الخصم أكثر حتى يقترب ويترقبان، من دون الاندفاع المبالغ فيه.
وظهر عنصر تكتيكي آخر مع اليجري بشكل لافت، هو الاستحواذ على الكرة، "يوفي كونتي" كان يستغل الاستحواذ على الكرة للعب بشكل عامودي مستغلاً توغلات الظهيرين خصيصاً لتمرير الكرة من وراء الخصم، لكن أصبح الاستحواذ مع اليجري يهدف الى نزع المبادرة من الخصم، وضد الميلان بدا الأمر جليّا، حيث اصبحت تحركات الكرة جزءاً من دراسة اليوفي للخصم لحرمانه من المبادرة.
من مزايا "يوفي كونتي" الكثافة الهجومية، فكان يلعب بكثافة عالية وبتحركات مستمرة في انتظار تمريرات بيرلو، مع اليجري حتى هذا الشيء تغير نسبياً، فأصبحت العمليات اقل كثافة وأكثر صبرا. لا يهم الاندفاع المستمر بقدر ما يهم حرمان الخصم من المبادرة والاستحواذ على الكرة إلى ان يتم العثور على الحل المناسب. وهذا كان له تأثير على النتائج النهائية للمباريات، لا سيما خلال مجريات اللعب في هذه المواجهات. فسجل الفريق ستة اهداف في أربع مباريات ولم يتلق اي هدف، كما انه كان دائماً المتحكم في الكرة وليس فقط في المناورات.
اليجري الهادئ
وساهمت شخصية اليجري الهادئة في بروز شخصيات اللاعبين، فمع "كونتي اليوفي" كان كتلة متماسكة، وكان هو بشخصيته البركانية الدافع والمحرك، وهذا الشيء ميز الفريق الايطالي وجعله يفوز بثلاثة ألقاب متتالية، لكنه ربما سببّ تراجع بعض اللاعبين الذين كانوا يعانون من شخصية كونتي القوية، والدليل تصريحات بوفون الأخيرة التي أطلقها، حين قال بعد أسبوع من رحيل كونتي:" اليجري يتحدث وكأنه لاعب في الفريق".
لا يزال الوقت مبكراً للحكم بشكل نهائي على فينات ماسيمليانو اليجري؛ فالمحك الحقيقي هو دوري الابطال بالنسبة إلى الجمهور، لكن، من دون أي شك، نشاهد في الوقت الحالي تغيرا في الفريق من ناحية الفلسفة والتعامل مع المباريات والخصوم، ومباريات مثل قمة سان سيرو التي حسمها يوفنتوس بجدارة، تشكل مؤشراً يوحي بالكثير لموسم اليوفي مع اليجري.