134 طفلاً قتلوا ونزح 125 ألفاً، من جراء قصف قوات النظام السوري وروسيا للمدن والبلدات الواقعة في ريفي حماة الشمالي وإدلب الجنوبي، منذ بدء الحملة العسكرية على المنطقة المنزوعة السلاح حتى 27 من شهر مايو/ أيار الماضي.
وكان الأطفال وما زالوا ضحايا قنابل طائرات النظام الحربية وقذائف مدفعيته، وحرم قسم كبير منهم من الامتحانات النهائية لهذا العام، ولم يتمكنوا من إتمام عامهم الدراسي أيضاً.
أحمد عيسى (38 عاماً) من بلدة الهبيط بريف إدلب الجنوبي، يوضح أن الحياة مشلولة في مدن وبلدات المنطقة شبه الخالية من سكانها. ويقول لـ"العربي الجديد": "ما يحدث هناك شيء لا يمكن تصديقه، الطائرات لا تفارق السماء أبداً لا ليلاً ولا نهاراً، وهناك طائرات ترصد أي شيء يتحرك وتهاجمه، لم يعد ممكناً لأي إنسان بهذا الوضع أن يتحمل البقاء والمخاطرة بحياته، أو حياة أولاده وهذا ما دفع الجميع للمغادرة".
وبالنسبة للأطفال، يقول عيسى: "في الوقت الحالي الكل بحاجة لمساعدة، والأطفال بالدرجة الأولى، فمنهم من يحتاج للحليب ومنهم من يحتاج للملبس، وعوائل كثيرة غادرت المنطقة دون أن تحمل معها شيئاً، غادرت لتنجو لا أكثر".
ويتابع عيسى: "حاول أقارب لي الذهاب منذ يومين للبلدة، بغية إحضار حاجات لهم، لكن لم يدركوا أن الطيران سيستهدفهم وهذا ما حدث بالفعل، وأصيبوا من جراء القصف".
أما بديعة بدوي (40 عاماً) فهي نازحة للمرة الثانية، إذ سبق لها أن نزحت من الغوطة الشرقية نحو بلدة قلعة المضيق في حماة، واضطرت أخيراً للنزوح من البلدة والتوجه إلى مدينة سلقين في ريف إدلب. وتقول بدوي لـ"العربي الجديد"، إنها لا تستطيع تأمين حاجات أطفالها الأساسية، ولديها أربعة أطفال، وفوق هذا خسروا دراستهم.
من ناحيته، يوضح عثمان أبو هادي (43 عاماً) النازح من ريف حماة الشمالي، أن "ما يهدد الأطفال في الوقت الحالي عدا عن القصف وغارات الطائرات الحربية، هو المرض، فدرجات الحرارة مرتفعة جداً خصوصاً هذه الأيام. ورغم أننا نازحون ليس لدينا خيام، وعلينا تدبر الأمور ريثما نحصل على خيمة وحماية الأطفال من الحرارة، فنحن الكبار يمكننا التحمل والصبر على عكس الصغار وحديثي الولادة".
ويردف أبو هادي: "بالنسبة للذين خسروا تعليمهم لا يمكن لنا فعل شيء حيال ذلك، فحياة أولادي أغلى عندي من امتحاناتهم، ونرجو في الفترات المقبلة أن تتحسن الأوضاع ويتمكنوا من تعويض الذي فاتهم".
وحذرت المديرة العامة لمنظمة "يونيسف" هنريتا فور، من أن عشرات آلاف الأطفال شمالي غرب سورية يواجهون مخاطر وشيكة، بالتعرض للإصابات أو الموت أو النزوح بسبب تصاعد القتال.
وجاء ذلك في بيان صحافي قالت فيه: "العنف تصاعد خلال الأيام القليلة الماضية وخاصة في قرى شمال حماة وجنوب إدلب"، مضيفة: "التصعيد الأخير يأتي بعد أشهر من العنف في المنطقة، أدى إلى مصرع 134 طفلاً على الأقل، وتشريد أكثر من 125 ألفاً منذ بداية العام".
وأكدت فور أن شركاء "يونيسف" يعملون على الأرض شمال غرب سورية، للوصول إلى الأطفال والأسر عبر العيادات الصحية المتنقلة، وخدمات التحصين والدعم النفسي والاجتماعي، وإمدادات المياه والصرف الصحي. وأشارت إلى أن كل تلك الإجراءات هي حلول سريعة، لن تؤدي سوى إلى تخفيف آثار مثل هذا العنف الوحشي غير المبرر.
وذكرت فور أن الأطفال لا يتحملون مسؤولية هذه الحرب، ولكنهم أكثر من يعانون من عواقبها. وشددت على ضرورة أن "تفعل أطراف الصراع شمال غرب سورية، وبمختلف أنحائها كل ما يمكن لحماية الأطفال والبنية الأساسية التي يعتمدون عليها، بما في ذلك المستشفيات والمدارس".