ضمن الدورة الثانية من مشروع "يعاد"، يقيم "مركز خليل السكاكيني الثقافي" في رام الله حالياً، عرضاً لخمسة أعمال فيديو لـ الفنان الفلسطيني المعاصر بشار الحروب ويتواصل عرضها حتى 14 من الشهر الجاري، وتتضمن "معبد السكر" و"بوابة السماء" و"عتبة"، و"المطهر"، ولا مخرج" وكل منها لا يتجاوز الست دقائق.
بالنسبة إلى "معبد السكر" (2018)، فيتطرق إلى الأشكال المختلفة من السلطة، وفيه يعتبر الفنان الفلسطيني أن المعابد، والجمعيات، والمنظمات، والأحزاب السياسية، والأنظمة تلقي إلى الناس حبات من السكر يلتقطونها.
شيئاً فشيئاً، بحسب وصف الفيديو، يجد الناس أنفسهم مشبعين وأصبحوا ضحايا لهذه الحبات من السكر وما يتعلق بها ويرتبط من أفكار ونظريات. "هذا ما تفعله المؤسسة ذات الوجه الأبيض؛ تخلق فينا رغبة ننتمي إليها، ولكن سرعان ما نجد أنفسنا أداة ووقود لاستمرارية سلطتها" يقول الحروب في وصف الفيديو.
أما عمل "لا مخرج" (2014)، فهو مشروع فيديو من شاشة واحدة، ويصوّر الفنان نفسه على درّاجة هوائية في ما يبدو أنه ممر ضيّق في بناء مهجور، الصورة في العمل بالأبيض والأسود وعنه يقول الفنان: "ذهاباً وإياباً مرة بعد مرة، أجد نفسي أبحث عن مخرج.. هل نبحث فعلاً عن مخرج أم أن الأمر مجرّد عادة؟".
وفي مخيم الطالبية للاجئين الفلسطينيين في الأردن، جرى تصوير فيديو "بوابة السماء" عام 2011 بينما كان الفنان في زيارة عمل. المخيم هو واحد من ستة مخيمات "طوارئ" أنشئت في عام 1968 لاستضافة 5000 شخص من اللاجئين الفلسطينيين والمطرودين الذين غادروا الضفة الغربية وقطاع غزة نتيجة لهزيمة 1967. واليوم، يقطن هذا المخيم ما يقارب عشرة آلاف لاجئ ، نصفهم لا يتمتعون بوضع الإقامة ولا يُعترف بهم كلاجئين.
يقول الحروب: "في كل ركن من مخيمات اللاجئين يتحدثون عن فلسطين، عن الفردوس المفقود، وهو وطن ليس له مثيل، صورة تركها آبائهم وأجدادهم، وهي صورة متزايدة أصبحت أجمل في عقولهم. أنا من هناك، جئت من الجنة، وأعيش يوماً بيوم بين مصادرة الأرض، والظلم، والجغرافيا المتغيرة، والإذلال اليومي. الصورة أكثر جمالاً والواقع أسوأ. لا أستطيع أن أقول لهم الحقيقة. هربت من المخيم بحثاً عن مخرج لي ولأجلهم. ما زلت أبحث".
في فيديو "عتبة" (2013)، يسعى الحروب إلى استحضار ذاكرة شخصية في مكان ليس له علاقة به، ولكنه يحاكي قصصاً عن أماكن كان تربطه بها علاقة شخصية. يقول "أقوم بتكوين الذكريات ونقلها من الفضاء الخاص إلى الفضاء العام وأشارك هذه المساحة مع الآخرين كذكريات خاصة بهم".
وأخيراً، يتناول فيديو "المطهر" حالات الحركة المعلقة، وحالات الانتظار العادية، والمألوفة لدى الفلسطينيين عند نقاط التفتيش أو اللاجئين الذين ينتظرون العودة. لكن هذه أيضاً تجربة وجودية مألوفة. هذه الحالة المعلقة هي الحالة التي يصبح فيها مكان المرء في العالم غير مؤكد.
يذكر أن مشروع "يعاد" يسعى إلى توسيع المعرفة بالفيديو آرت كوسيط فني، وتعريف المهتمين بالمجال الثقافي بإنتاجات فنانين فلسطنيين متمرسين من خلال عرض أعمالهم ومشاريعهم في هذا الشكل الفني، بحيث تعرض مجموعة أعمال لفنان/ة واحد/ة متكاملة لمدة أسبوعين بشكل مكرر، ويرافق كل عرض لقاء مع الفنان/ة لنقاش الأعمال وممارستهم الفنية بشكل عام.