وأكد آكار، في إفطار مع صحافيين، أمس الثلاثاء، نشر الإعلام التركي تفاصيله، اليوم الأربعاء، أنّ تركيا "لن تتراجع وتنسحب من نقاط المراقبة في إدلب، وفي الوقت نفسه ستعمل جاهدة من أجل الحفاظ على اتفاق سوتشي"، مشيراً لوجود "خلافات مع روسيا لم يتم التوافق عليها"، دون أن يحددها.
وأعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، بعد قمة في مدينة سوتشي جنوبي روسيا، في 17 سبتمبر/أيلول 2018، الاتفاق على إقامة منطقة منزوعة السلاح تفصل مناطق النظام عن مناطق المعارضة في إدلب شمال غربي سورية.
وحال الاتفاق دون تنفيذ النظام السوري وحلفائه هجوماً عسكرياً على إدلب، آخر معاقل المعارضة، حيث يقيم نحو 4 ملايين مدني، بينهم مئات الآلاف من النازحين. غير أنّ قوات النظام خرقت الاتفاق بشكل مستمر، وأدى ذلك الخرق إلى وقوع ضحايا مدنيين بينهم أطفال ونساء.
وتطرّق آكار إلى التصعيد الأخير من قبل النظام وروسيا على الشمال السوري، وأكد أنّه "من غير الوارد أن تخلي تركيا نقاط المراقبة، ولن تتراجع القوات التركية خطوة واحدة"، موضحاً أنّ "أنقرة تسعى للمضي قدماً في ملف إدلب بطريقة لا تفضي إلى إنهاء الاتفاق مع روسيا".
وقال إنّ "النظام يسعى لتوسيع المساحة التي يسيطر عليها، ورغم أنّه تمكن من استرجاع ثلاثة أرباع المناطق من المعارضة، فإنّه يرى أنّ من حقه استرجاع إدلب، ومن أجل هذا لدينا مجموعة عمل مع روسيا، وطلبت من الجانب الروسي إرسال وفد، وحتى الآن لم نتفق في بعض الأمور، ونسعى بجهد لأن تكون مواقفنا قريبة بعضها من البعض الآخر".
وصعّدت قوات النظام، منذ فبراير/ شباط الماضي، وتيرة قصفها على إدلب ومحيطها، قبل أن تنضم الطائرات الروسية إليها لاحقاً. ومنذ نهاية إبريل/ نيسان، بلغت وتيرة القصف حداً غير مسبوق منذ توقيع اتفاق سوتشي.
وأحصت منظمة "أنقذوا الأطفال" (سايف ذا تشيلدرن)، في بيان، يوم الإثنين، مقتل 38 طفلاً على الأقل، وإصابة 46 آخرين، بجروح جراء القصف على شمال غرب سورية، منذ مطلع إبريل/ نيسان.
واستعرض الوزير التركي ما حصل في إدلب منذ اتفاق سوتشي، وشدد على أنّ "تركيا بذلت جهوداً كبيرة في إدلب لتوفير الاستقرار في المنطقة"، قائلاً إنّ "النظام مدّ نفوذه في مناطق جنوب سورية، ويسعى لفعل نفس الأمر في إدلب، ويسرّ النظام أن تتم إعاقة عمل اتفاق سوتشي، عبر براميله التي تسببت في تشريد نحو 350 ألف شخص".
وأكد آكار أنّه طلب من نظيره الروسي سيرغي شويغو، وقف الهجمات في إدلب، مشيراً إلى أنّ تركيا بدأت العمل مع روسيا، على هذا الملف "بانتظار بذل مزيد من الجهود للمضي قدماً فيه".
وحذرت الأمم المتحدة، خلال اجتماع طارئ لمجلس الأمن، يوم الجمعة، من خطر حصول "كارثة إنسانيّة" في إدلب، إذا تواصلت أعمال العنف.
مرونة أميركية حول شرق الفرات
وحول منطقة شرق الفرات، قال آكار إنّ "الرئيس أردوغان تحدّث مرات عديدة مع نظيره الأميركي دونالد ترامب عن الانسحاب من المنطقة، وكان الحديث عن 20 ميلاً ما يعادل 30-35 كيلومتراً، ونقلنا المخاوف التركية من خطر الإرهاب في المنطقة التي طلبت تركيا أن تكون بحماية من قبل الجيش التركي".
وذكر أنّ واشنطن دعت عدداً من دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) من أوروبا، إلى هذه المنطقة الآمنة، ولكن هذه الدول لم تستجب للمطالب الأميركية، ولذلك أنقرة أكدت أنّ قواتها مستعدة ولديها القدرة لفرض الأمن في هذه المنطقة، في مقترح جيد بالنسبة لأميركا".
وتابع أنّه "بسبب المواقف التركية، فإنّنا نلحظ في الفترة الأخيرة بعض المرونة من الجانب الأميركي، ونرى أنّهم قريبون من وجهات نظرنا، وفي الفترة المقبلة ستقترب وجهات نظرنا أكثر من إجل إيجاد حل لهذه المنطقة".
وفي يونيو/ حزيران 2018، توصلت تركيا والولايات المتحدة إلى اتفاق "خريطة طريق" حول منبج شمال شرقي محافظة حلب، يضمن إخراج المليشيات الكردية من المنطقة وتوفير الأمن والاستقرار فيها. وتسبّبت واشنطن بتأخير تنفيذ الخطة أشهراً عدة، متذرعة بوجود عوائق تقنية.
ومنذ اتخاذ الإدارة الأميركية قرار انسحاب القوات من سورية، في 19 ديسمبر/ كانون الأول 2018، تحذر تركيا من تداعيات الفراغ الذي قد ينجم عن ذلك، في حال تمت العملية من دون اتفاق معها.
ويؤكد الجانب التركي على أنّ أنقرة تحتفظ بحق الدفاع المشروع عن النفس، في حال تم الانسحاب بدون توافق مشترك يبدّد هواجس تركيا الأمنية.
"مقاتلات إف 35"
وحول التهديدات الأميركية، بمنع تسليم مقاتلات "إف 35" إلى تركيا، واستبعادها من برنامج الإنتاج، قال آكار، إنّ هناك 9 دول شريكة في برنامج إنتاج المقاتلات، ولا توجد مادة تتعلق بإخراج دول شريكة بسبب صواريخ (إس 400)"، مشيراً كذلك إلى أنّ "تركيا دفعت كل التزاماتها المالية البالغة ملياراً و200 مليون دولار، وهي الدول الوحيدة التي التزمت بالدفوعات".
وأوضح أنّ "تركيا لديها طلبات لإنتاج قطع من المقاتلة ضمن برنامج الإنتاج، ويتم الإنتاج والتسليم في وقته، فتركيا دولة ملتزمة بما عليها، وحتى الآن استلمنا 4 مقاتلات يتدرب عليها 4 طيارين، و47 صف ضابط، وينتظر أن تصل مقاتلتان في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، ونحن على أتم الاستعدادات من أجل استقبالها".
ولفت إلى أنّ "تركيا تقول دائماً لأميركا نحن حلفاء، وعندما يتعلّق الأمر بنقل التكنولوجيا فإنّ أميركا تبدي مخاوفها، متسائلاً لماذا روسيا ليس لديها نفس المخاوف الأميركية؟ رغم أنّ تركيا لديها مؤسسة عسكرية عريقة".
وطمأن آكار إلى أنّ "تركيا مستعدة لكافة الاحتمالات والعقوبات الأميركية التي ربما تقدم عليها واشنطن لعرقلة تسلّم صواريخ (إس 400) الروسية، خلال الأشهر المقبلة".
وعمّق اتفاق تركيا مع روسيا لشراء المنظومة الصاروخية "إس 400"، الخلاف بين أنقرة وواشنطن، التي ترى أنّ المنظومة الروسية لا تتوافق مع منظومات "الناتو"، محذرة من تعرض برنامج تسليم أنقرة طائرات مقاتلة "إف 35" للخطر.