في 2009، أصدرت الروائية التركية البريطانية إليف شافاق كتابها "قواعد العشق الأربعون"، ويمكن القول إن هذا العمل ساهم في انتشار إرث جلال الدين الرومي وشمس التبريزي أكثر ممّا فعله أي بحث أكاديمي، وقد انتشرت في السنوات الأخيرة محاضرات وندوات وأمسيات شعرية وغنائية تهتم بكتابات "مولانا" أكثر من أي متصوف آخر.
وفي باريس ولندن أكثر من أي عواصم أوروبية أخرى تأسست مجموعات، غالباً ما أنشأها هواة التصوف الشرقي، واستدرجوا إليها باحثين متخصصين وفنانين، وأصبح التصوف وخصوصاً الرومي وابن عربي موضة بمعنى الكلمة، مثلما شاعت تمارين اليوغا في السنوات الأخيرة كنوع من التأمل الشرقي الرفيع، وسرعان ما أضيف إليها انتشار المراكز التي تقيم حفلات منتظمة لموسيقى القوالي والتصوف الهندي والباكستاني والإيراني.
تنظم هذه الفعاليات ثلاثة أنواع من الجهات؛ الأول جمعيات ومراكز ثقافية تقيمها الدياسبورا الشرقية باختلاف أصولها بدافع تقديم صورة مغايرة عن المهاجرين من جهة، والبقاء على صلة مع الثقافة التي تنتمي إليها هذه الفئات.
أما النوع الثاني فيتمثّل في مجموعة من المستشرقين الذين زاروا بعض بلدان الشرق كالهند أو نيبال وأصبحوا من هواة التسكع في هذه الثقافة التي يعتبرونها "إكزوتيك"، واعتبروا أنفسهم خبراء فيها بالاطلاع على بعض المصادر الشبيهة برواية إليف شافاق.
ويتمثّل الثالث، وهو أكثر رصانة وجدية، في مؤسسات أكاديمية تأخذ الأمر من جهة دراسية بحتة مثلما تفعل "جامعة ساواس" من فترة لأخرى، وهذه غالباً ما تكون جزءاً من زيارة أحد الباحثين أو ضمن بحث أو أطروحة، أو حتى من قبل الطلبة بتشجيع من الجامعة نفسها.
وأياً كانت الدوافع، فإن تقديم الرومي وغيره من المتصوفة لا بد أنه جزء من رد فعل كبير على الإسلاموفوبيا التي تسود أووربا اليوم، وهذا هو الجانب الإيجابي من هذه الفعاليات العميق منها والسطحي؛ أي تقديم صورة مضادة للتصور الغربي عن الثقافات الإسلامية المختلفة.
في هذا السياق، يقدم الأكاديمي آلان ويليامز، أستاذ الدراسات الإيرانية والدين المقارن في جامعة مانشستر، أمسية بعنوان "التفكير في الرومي وشمس الدين التبريزي" عند الثانية من مساء غد السبت في مركز "بشارة" بلندن.
يتناول ويليامز الصوفية في القرن الحادي والعشرين وكيف يساء إلى المفردات واستخداماتها التي لا تحمل الدلالة نفسها في الإنكليزية، مثل العرفان والقلب والعاشق والمعشوق والفناء والتوحيد.
ويعود الباحث إلى كتاب "المثنوي" وخطابات شمس التبريزي وأشعاره ويتطرق إلى الكيفية التي تناولهما بها الباحثون الغربيون.