فيما يبدو بادرة أمل جديدة في علاج مرض نقص المناعة المكتسبة "إيدز"، قال باحثون في الولايات المتحدة الأمريكية إن طفلا عمره تسعة أشهر ولد في ولاية كاليفورنيا مصابا بفيروس (إتش.أي.في) المسبب لمرض الإيدز ربما شفي منه نتيجة علاج بدأه اطباء بعد ولادته بأربع ساعات فقط.
وقالت ديبورا برسود متخصصة طب الأطفال بكلية جونس هوبكنز في مؤتمر طبي في بوسطن إن الطفل هو ثاني حالة بعد حالة سابقة في ولاية مسيسبي ربما استطاع أطباء فيها القضاء على الفيروس بحقن مولود بعقاقير مضادة للفيروسات بعد ساعات على ولادته.
وقالت برسود في إشارة إلى الطفل ذي التسعة أشهر الذي ولد خارج لوس انجليس ويخضع للعلاج في مستشفى ميلر للأطفال "أظهر الطفل نتيجة سلبية لفيروس (اتش.أي.في)".
وقال الدكتور ايفون بريسون اختصاصي الأمراض المعدية في مستشفى "ماتل" للأطفال في جامعة كاليفورنيا "لا نعرف بعد ما إذا كان المولود قد شفي تماما ،ولكن يبدو أن ذلك حدث أو أنه على الأقل أملنا المنتظر، لكننا لا نزال حذرين بشأن إعلان الشفاء التام للطفل المريض".
ولم يكشف عن هوية الطفل الذي لايزال يتلقى علاجا بمزيج من ثلاثة عقاقير مضادة للإيدز بينما توقف قبل عامين علاج الطفل الآخر وعمره الآن ثلاثة أعوام ونصف، وكلبهما ولدا من أمين مصابتين بالفيروس الذي يجتاح الجهاز المناعي ويسبب الإيدز.
وأرجعت الطبيبة الأمريكية ديبورا برسود تحسن حالة الطفلين إلى الاستخدام المبكر للعقاقير المضادة للفيروسات لكنها قالت إنه يتعين إجراء المزيد من الأبحاث على العلاج الجديد.
وأدت النتائج الجديدة ومؤشرات الشفاء إلى جعل الكثير من الأطباء حول العالم يعيدون التفكير في كيفية التسريع الجاد لمعالجة الأطفال الذين يولدون مصابين بالفيروس القاتل، خاصة بعد الكشف عن أبحاث متطورة أعلنها علماء الجينات المعدلة في خلايا الدم بالنسبة للأشخاص من عمر الثانية عشر لمساعدتهم على مقاومة فيروس نقص المناعة، وهي النتائج التي تعطي الأمل في التوصل على علاج يمكنه جعل الفيروس تحت السيطرة، وفق دراسة نشرتها دورية "نيو إنجلاند جورنال أوف ميديسين".
وظهر فيروس (اتش.أي.في) قبل أكثر من ثلاثين عاما ويصيب الآن أكثر من 34 مليون شخص في العالم. وساهمت إجراءات وقائية مثل الواقي الذكري في الحد من انتشاره ويمكن للعقاقير المضادة للفيروسات السيطرة على المرض لعقود.
وتتعاطى معظم الأمهات المصابات بالفيروس في الولايات المتحدة أدوية الإيدز خلال فترة الحمل، وتقلص تلك الأدوية كثيرا من فرص تمرير الفيروس إلى أطفالهن، وتلقت أم الطفلة الأولى في ولاية "ميسيسيبي" رعاية قبل الولادة وتم اكتشاف إصابتها بفيروس نقص المناعة البشرية أثناء العمل وبدأ الأطباء علاج الطفلة بعد 30 ساعة من الولادة، حتى قبل إجراء اختبارات للتأكد من إصابته بالفيروس.
وظل الأطباء يتعاملون مع الطفلة حتى عمر 18 شهرا، عندما فقد الأطباء الاتصال معها، لكنها عادت بعد عشرة أشهر ولم تكن تظهر عليها أي علامات على الإصابة رغم التوقف عن تعاطيها للعقاقير.
أما بالنسبة للطفل الثاني في ولاية كاليفورنيا فقد ولد في مستشفى لوس انجليس ميلر للطفولة، وكان الأطباء يعرفون أن أمه مصابة بنقص المناعة المكتسبة من حملها السابق الذي لم تتعاط خلاله أدوية تمنع انتقال الفيروس منها إلى طفلها، بينما تم اعطاؤها في الحمل الثاني تلك العقاقير وبدأ إعطاء العقاقير لطفلها بعد ساعات من ولادته وحتى الان حيث تجاوز الشهر التاسع.
ويشرف الدكتور ايفون بريسون اختصاصي الأمراض المعدية في جامعة كاليفورنيا على مركز أبحاث ممول حكوميا لمعرفة ما إذا كان يمكن التوصل إلى علاج مبكر لعدوى فيروس نقص المناعة، ويجري تجارب وأبحاث على نحو 60 طفلا أمريكيا، لكن الدراسات والأبحاث ستتوقف فورا في حال ثبت عدم جدواها خلال فترة زمنية لا يمكن بحال أن تتجاوز العامين.
وبدأ العمل على إيجاد علاجات بديلة لفيروس الإيدز قبل سبع سنوات في ألمانيا بعدما تم التوصل إلى ما يشبه العلاج عن طريق زرع خلايا من متبرع في مريض مع اعطائه عقاقير لزيادة المناعة الطبيعية.
وأجرى الدكتور كارل يونيو في جامعة بنسلفانيا اختبارات على 12مريضا بفيروس نقص المناعة المكتسبة الذين تم تنقية دمائهم لإزالة بعض من اثار الفيروس، قبل غرس الخلايا المعالجة مرة أخرى في أجساد المرضى، الذين تمت متابعتهم على مدار شهر كامل لمعرفة تأثير الصيغة العلاجية الجديدة ومدى جدواها، ليكتشف الأطباء أن الفيروس عاد إلى الجميع عدا مريض واحد تحول الفيروس داخل جسمه إلى نسخة معدلة أقرب على أن تكون جينا مضادا للمرض.
ويعمل المعهد الأمريكي للحساسية والأمراض المعدية حاليا على دراسات متعددة هدفها التوصل إلى إيجاد نظام مناعة في الجسم يتم تصنيعه وراثي حيث يجعل الخلايا قادرة على مقاومة الإصابة بفيروس نقص المناعة، وقال الدكتور أنتوني فوسي مدير المعهد "هذا هدفنا النهائي، ولكن لازال أمامنا أشواط طويلة علينا أن نقطعها للوصول إلى هذا الهدف".