تحاول بلجيكا أن تحارب التطرف داخل المجتمعات المسلمة على أراضيها، لتصل إلى مستوى إعداد الأئمة القادرين على التأثير بشكل مختلف في مسلمي البلاد
بدءاً من السنة الدراسية المقبلة سيفرض على كلّ من يريد أن يصبح إماماً في بلجيكا المشاركة بفترة تدريبية إلزامية. وهو ما يعدّ بالنسبة لكثيرين من الدعاة إلى إنشاء إسلام يتطابق مع الخصوصيات البلجيكية، أو ما يطلق عليه تسمية الإسلام البلجيكي، خطوة تاريخية. فبعد الإعلان عن المبادرة في أواخر العام الماضي، أكد صلاح الشلاوي، رئيس الهيئة التنفيذية لمسلمي بلجيكا، وهي مؤسسة رسمية تمثل المسلمين أمام السلطات، خلال إبريل/ نيسان الجاري، أنّه سيتم إطلاق المعهد في سبتمبر/ أيلول المقبل. وسيكون هذا التكوين (التدريب) شبيهاً بورشات تكوين القساوسة الكاثوليك لكنّه سيختص بتخريج أئمة بلجيكيين.
يسعى الساهرون على التكوين من خلال "معهد تكوين الأئمة" المرتبط بالهيئة التنفيذية لمسلمي بلجيكا إلى إعداد دورة تدريبية تدوم خمس سنوات وتكون إلزامية لكلّ من يريد أن يصبح إماماً في بلجيكا. ويتوجب على الأئمة الآتين من الخارج اجتياز امتحان للحصول على معادلة للشهادات التي حصلوا عليها من قبل. وإذا كان القرار قد اتخذ بشكل رسمي بفتح المعهد في سبتمبر/ أيلول، فإنّ مكانه لم يتحدد بعد.
اقــرأ أيضاً
المعهد سيطبق نظاماً تعليمياً ينقسم على وحدات مختلفة، إذ سينظم دروساً حول العقيدة والفقه ومختلف فروع العلوم الإسلامية، وكذلك الجغرافيا السياسية للحركات الإسلامية، وخصوصيات المجتمعات الأوروبية، والفلسفة وعلم اجتماع الأديان، والأدب العربي، وعمل الجمعيات.
"بعض هذه الورشات التكوينية يمكن تنظيمها من قبل مؤسسات أخرى مثل الجامعات" يفسر جون بيير سيحا الخبير في الشؤون البلجيكية لـ"العربي الجديد". يشير إلى أنّ "هذه المرحلة ستشهد تعبير مسؤولي الهيئة التنفيذية لمسلمي بلجيكا عن استعدادهم للتعاون مع جميع المؤسسات البلجيكية، لكن يبدو أنّ النقاشات قد تقدمت بشكل مهم جداً خصوصاً مع الجامعة الكاثوليكية بلوفان بشقيها الفرنكوفوني والفلامندي".
يشدد مسؤولو الهيئة على أنّه سيجري إيلاء عناية خاصة لاختيار الأساتذة الذين قد يكونون بلجيكيين أو أجانب، فالهدف الرئيس هو الاعتراف بهذا التكوين "كما تم الاعتراف بالتكوين في بعض المعاهد الكاثوليكية للقساوسة والذي يسمح بالالتحاق بالجامعة لمتابعة الدراسة في علم اللاهوت مثلاً" كما يقول سيحا.
إنشاء معهد تكوين الأئمة لم يكن أمراً سهلاً. خصوصاً أنّ الإسلام في بلجيكا يضم مجموعات عرقية وثقافية وعقائدية مختلفة جداً. وكما يشير سيحا فإنّ "الإسلام التركي مختلف نوعاً ما عن الإسلام المغربي أو الألباني، على سبيل المثال. لذا أنشأت الهيئة التنفيذية لمسلمي بلجيكا لجنة تكفلت بتوحيد الجميع. وللتأكيد على العمل من أجل احترام جميع التيارات، اختار المعهد أن يكون مضمون السنوات الثلاث الأولى من التدريب مشتركاً تدرس فيه جميع المدارس الفقهية في الإسلام" على أن يتمكن الطلاب بعد ذلك من اختيار تخصص في تيار معين.
ونظراً إلى وجود مجموعة من الورشات التكوينية للأئمة حالياً بمبادرة من دول مختلفة كتركيا والمغرب، فلن يجري حظرها بل فقط تقييمها لتصبح جزءاً من تكوين الإمام للحصول على الشهادة البلجيكية، مع ترك الباب مفتوحاً أمام إمكانية التعاون. " يقول سيحا: "خفف هذا القرار من الخلافات التي صعدت إلى السطح بين من يرفض أي تدخل خارجي في مسألة تكوين الأئمة ومن يحاول التوفيق. فإقامة إسلام بلجيكي، أكثر استقلالاً عن بلد المنشأ، مسألة لا ترضي جميع الأطراف". يتابع أنّه "جرى إطلاق رهان من قبل الهيئة التنفيذية لمسلمي بلجيكا، لكن كسب هذا الرهان يتطلب بعض الوقت".
يبقى أن هذا التدريب الطويل يظل إلزامياً لجميع الأئمة المرتبطين بمساجد معترف بها. لذلك، تشدد الهيئة على ضرورة تسريع وتيرة النظر في طلبات الاعتراف بالمساجد. ويصل عدد المساجد المعترف بها إلى ثمانين، بينما يتجاوز عدد المساجد غير المعترف بها مائتي مسجد.
تأتي هذه المبادرة من قبل الهيئة التنفيذية لمسلمي بلجيكا كجزء من سياسة تهدف إلى إنتاج خطاب جديد لمواجهة الخطابات المتطرفة والسلفية. وقد اختارت الهيئة مسألة تكوين الأئمة بشكل صحيح كخطوة من بين مجموعة من الإجراءات الأخرى. فالعديد من الأئمة حالياً لا يتقنون اللغة الفرنسية وغير مطلعين على خصوصيات المجتمع البلجيكي، وهو ما لا يساعدهم في الرد على تساؤلات الشباب الذين غالباً ما يجدون فقط في الأفكار السلفية، وفي بعض الأحيان في التطرف العنيف، أجوبة عن أسئلتهم المتعلقة بالوجود كما بالهوية.
اقــرأ أيضاً
وكانت لجنة التحقيق البرلمانية التي أنشئت بعد هجمات بروكسل في مارس/ آذار 2016 قد شددت في إحدى توصياتها على ضرورة "أن يتقن الأئمة لغة واحدة على الأقل من اللغات القومية البلجيكية ويطلعون على القيم الأساسية للدولة البلجيكية". أشار الأشخاص الذين استمعت إليهم اللجنة إلى "صعوبة الاتصالات بين جيل الشريحة العمرية 20 - 30 عاماً والمساجد وممثليهم خصوصاً الأئمة. في هذه السن، غالباً ما يتساءل الشباب عن الدين ونقطة الاتصال المنطقية هي المسجد وإمامه". ويشدد التقرير على أنّ "قيادة المساجد ما زالت في الغالب محتلة من قبل أشخاص يواجهون صعوبة كبيرة في التحدث بالفرنسية أو الهولندية، ويواجهون شباباً لا يتحدثون في الوقت نفسه اللغة العربية. صعوبة التواصل هذه تحول هؤلاء الشباب إلى الإنترنت حيث الخطاب السلفي والمتشدد متوافر في كلّ مكان".
يقول سعيد. ر، المسؤول في أحد المساجد غير المعترف بها، لـ"العربي الجديد": "التكوين المقترح مضمونه وهدفه الحقيقي غير واضح حتى الآن ولا نقبل بتدخل الدولة في مسألة تكوين الأئمة". موقف يعبر عنه كثير من مسؤولي المساجد غير المعترف بها لرفض التكوين الجديد أو التشكيك به.
يضم المجلس الإداري للمعهد ممثلين عن المؤسسات التعليمية البلجيكية بالإضافة إلى الهيئة التنفيذية لمسلمي بلجيكا. وسيحصل على تمويل سنوي قدره 400 ألف يورو.
بدءاً من السنة الدراسية المقبلة سيفرض على كلّ من يريد أن يصبح إماماً في بلجيكا المشاركة بفترة تدريبية إلزامية. وهو ما يعدّ بالنسبة لكثيرين من الدعاة إلى إنشاء إسلام يتطابق مع الخصوصيات البلجيكية، أو ما يطلق عليه تسمية الإسلام البلجيكي، خطوة تاريخية. فبعد الإعلان عن المبادرة في أواخر العام الماضي، أكد صلاح الشلاوي، رئيس الهيئة التنفيذية لمسلمي بلجيكا، وهي مؤسسة رسمية تمثل المسلمين أمام السلطات، خلال إبريل/ نيسان الجاري، أنّه سيتم إطلاق المعهد في سبتمبر/ أيلول المقبل. وسيكون هذا التكوين (التدريب) شبيهاً بورشات تكوين القساوسة الكاثوليك لكنّه سيختص بتخريج أئمة بلجيكيين.
يسعى الساهرون على التكوين من خلال "معهد تكوين الأئمة" المرتبط بالهيئة التنفيذية لمسلمي بلجيكا إلى إعداد دورة تدريبية تدوم خمس سنوات وتكون إلزامية لكلّ من يريد أن يصبح إماماً في بلجيكا. ويتوجب على الأئمة الآتين من الخارج اجتياز امتحان للحصول على معادلة للشهادات التي حصلوا عليها من قبل. وإذا كان القرار قد اتخذ بشكل رسمي بفتح المعهد في سبتمبر/ أيلول، فإنّ مكانه لم يتحدد بعد.
المعهد سيطبق نظاماً تعليمياً ينقسم على وحدات مختلفة، إذ سينظم دروساً حول العقيدة والفقه ومختلف فروع العلوم الإسلامية، وكذلك الجغرافيا السياسية للحركات الإسلامية، وخصوصيات المجتمعات الأوروبية، والفلسفة وعلم اجتماع الأديان، والأدب العربي، وعمل الجمعيات.
"بعض هذه الورشات التكوينية يمكن تنظيمها من قبل مؤسسات أخرى مثل الجامعات" يفسر جون بيير سيحا الخبير في الشؤون البلجيكية لـ"العربي الجديد". يشير إلى أنّ "هذه المرحلة ستشهد تعبير مسؤولي الهيئة التنفيذية لمسلمي بلجيكا عن استعدادهم للتعاون مع جميع المؤسسات البلجيكية، لكن يبدو أنّ النقاشات قد تقدمت بشكل مهم جداً خصوصاً مع الجامعة الكاثوليكية بلوفان بشقيها الفرنكوفوني والفلامندي".
يشدد مسؤولو الهيئة على أنّه سيجري إيلاء عناية خاصة لاختيار الأساتذة الذين قد يكونون بلجيكيين أو أجانب، فالهدف الرئيس هو الاعتراف بهذا التكوين "كما تم الاعتراف بالتكوين في بعض المعاهد الكاثوليكية للقساوسة والذي يسمح بالالتحاق بالجامعة لمتابعة الدراسة في علم اللاهوت مثلاً" كما يقول سيحا.
إنشاء معهد تكوين الأئمة لم يكن أمراً سهلاً. خصوصاً أنّ الإسلام في بلجيكا يضم مجموعات عرقية وثقافية وعقائدية مختلفة جداً. وكما يشير سيحا فإنّ "الإسلام التركي مختلف نوعاً ما عن الإسلام المغربي أو الألباني، على سبيل المثال. لذا أنشأت الهيئة التنفيذية لمسلمي بلجيكا لجنة تكفلت بتوحيد الجميع. وللتأكيد على العمل من أجل احترام جميع التيارات، اختار المعهد أن يكون مضمون السنوات الثلاث الأولى من التدريب مشتركاً تدرس فيه جميع المدارس الفقهية في الإسلام" على أن يتمكن الطلاب بعد ذلك من اختيار تخصص في تيار معين.
ونظراً إلى وجود مجموعة من الورشات التكوينية للأئمة حالياً بمبادرة من دول مختلفة كتركيا والمغرب، فلن يجري حظرها بل فقط تقييمها لتصبح جزءاً من تكوين الإمام للحصول على الشهادة البلجيكية، مع ترك الباب مفتوحاً أمام إمكانية التعاون. " يقول سيحا: "خفف هذا القرار من الخلافات التي صعدت إلى السطح بين من يرفض أي تدخل خارجي في مسألة تكوين الأئمة ومن يحاول التوفيق. فإقامة إسلام بلجيكي، أكثر استقلالاً عن بلد المنشأ، مسألة لا ترضي جميع الأطراف". يتابع أنّه "جرى إطلاق رهان من قبل الهيئة التنفيذية لمسلمي بلجيكا، لكن كسب هذا الرهان يتطلب بعض الوقت".
يبقى أن هذا التدريب الطويل يظل إلزامياً لجميع الأئمة المرتبطين بمساجد معترف بها. لذلك، تشدد الهيئة على ضرورة تسريع وتيرة النظر في طلبات الاعتراف بالمساجد. ويصل عدد المساجد المعترف بها إلى ثمانين، بينما يتجاوز عدد المساجد غير المعترف بها مائتي مسجد.
تأتي هذه المبادرة من قبل الهيئة التنفيذية لمسلمي بلجيكا كجزء من سياسة تهدف إلى إنتاج خطاب جديد لمواجهة الخطابات المتطرفة والسلفية. وقد اختارت الهيئة مسألة تكوين الأئمة بشكل صحيح كخطوة من بين مجموعة من الإجراءات الأخرى. فالعديد من الأئمة حالياً لا يتقنون اللغة الفرنسية وغير مطلعين على خصوصيات المجتمع البلجيكي، وهو ما لا يساعدهم في الرد على تساؤلات الشباب الذين غالباً ما يجدون فقط في الأفكار السلفية، وفي بعض الأحيان في التطرف العنيف، أجوبة عن أسئلتهم المتعلقة بالوجود كما بالهوية.
وكانت لجنة التحقيق البرلمانية التي أنشئت بعد هجمات بروكسل في مارس/ آذار 2016 قد شددت في إحدى توصياتها على ضرورة "أن يتقن الأئمة لغة واحدة على الأقل من اللغات القومية البلجيكية ويطلعون على القيم الأساسية للدولة البلجيكية". أشار الأشخاص الذين استمعت إليهم اللجنة إلى "صعوبة الاتصالات بين جيل الشريحة العمرية 20 - 30 عاماً والمساجد وممثليهم خصوصاً الأئمة. في هذه السن، غالباً ما يتساءل الشباب عن الدين ونقطة الاتصال المنطقية هي المسجد وإمامه". ويشدد التقرير على أنّ "قيادة المساجد ما زالت في الغالب محتلة من قبل أشخاص يواجهون صعوبة كبيرة في التحدث بالفرنسية أو الهولندية، ويواجهون شباباً لا يتحدثون في الوقت نفسه اللغة العربية. صعوبة التواصل هذه تحول هؤلاء الشباب إلى الإنترنت حيث الخطاب السلفي والمتشدد متوافر في كلّ مكان".
يقول سعيد. ر، المسؤول في أحد المساجد غير المعترف بها، لـ"العربي الجديد": "التكوين المقترح مضمونه وهدفه الحقيقي غير واضح حتى الآن ولا نقبل بتدخل الدولة في مسألة تكوين الأئمة". موقف يعبر عنه كثير من مسؤولي المساجد غير المعترف بها لرفض التكوين الجديد أو التشكيك به.
وكانت الدولة البلجيكية قد أطلقت في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بعد عدة أشهر من النقاشات والمفاوضات "معهد تعزيز التدريب على الإسلام" الذي يهدف إلى تقديم ورشات مختلفة للتكوين الموجه إلى الكوادر البلجيكية المسلمة. يقول أندريا ريا، من الهيئة الإدارية للمعهد، لـ"العربي الجديد": "سيعمل المعهد، بشكل ملموس، على تقديم جرد للتكوين القائم حالياً في مجال الإسلام ودعم إنشاء ورشات جديدة، مع إمكانية تنظيم درجة البكالوريوس في العلوم الدينية والاجتماعية وكذلك درجة الماجستير في الفقه الإسلامي. وحتى إذا كان المعهد لن يسهر حالياً بشكل مباشر على تنظيم الورشات الجديدة فسيبحث إمكانية ذلك".
يضم المجلس الإداري للمعهد ممثلين عن المؤسسات التعليمية البلجيكية بالإضافة إلى الهيئة التنفيذية لمسلمي بلجيكا. وسيحصل على تمويل سنوي قدره 400 ألف يورو.