تختلف فنون الإعلام طبقاً للمرحلة التى تمر بها الأمة أو الدولة طبقاً للمرحلة التى تمر بها الدولة وطبقاً لما يتوافق عليه عموم الشعب، فإعلام الحرب يختلف عن إعلام التنمية، والاثنان يختلفان عن إعلام الثورة.
ولما تمر به المنطقة العربية من تقلبات ثورية كبيرة، خصوصاً فى الدول التى اتخذت خطوات ثورية فى التغيير، لذا كان لزاماً أن يتم الإشارة إلى بعض أبجديات الإعلام الثوري، خصوصاً فى ظل التعامل العنيف من السلطات سواء الحاكمة أو المنقلبة على إرادة الشعوب، أصبح الإعلام هو رأس الحربة في الثورات العربية الذي يعد وسيلة للوصول إلى الثورة، وليس الثورة فى حد ذاته، وهذه هي أولى إشكاليات الإعلام الثوري المتمثلة فى ظن بعضهم أن الإعلام يمكن أن يسقط نظاماً جاء بالدبابة ويدعم بشكل كامل من المجتمع الدولي الذي يغض الطرف عن جرائمه، طالما أنه يدور فى فلك الأجندة الدولية ويخضع لإملاءات الدول الكبرى.
فالإعلام يعد عنصراً محفزاً للثورة، والثورة، فى حد ذاتها، عملٌ لا يستطيع أن يقدم عليها عموم الجماهير بسهولة، إذ الثورة فى مجملها رهان على الحياة لا يجرؤ أن يفكر فيه إلا القليل من البشر.
لذا فالمبدأ الأول لأبجديات الإعلام الثوري "أن الإعلام عنصر محفز ودافع للثورة، لكنه فى حد ذاته ليس ثورة".
أما ثاني الأبجديات، فإن الإعلام يجب أن ينشر الفكر الثوري بين أكبر عدد ممكن من الجماهير، فالإعلام الثوري هو الذي يستطيع أن يغير قناعات المخالف فى الرأي، ليس الذي يخاطب الأتباع والمشتركين فى الرأي مع إهمال المعارضين.
لذلك فالإعلام الثوري الحقيقي، هو الذي يضيف، كل يوم، أنصاراً جدداً إلى أفكار لا أن يظل جامداً على أعداد ثابتة، فما قيمة أن تجلس أمام المرآة وتخاطب نفسك، ثم تشكو أن لا أحد يسمع صوتك.
الإعلام الثوري صادقٌ وليس مضللاً، فلا يبني آمالاً عريضة للجماهير ويربط النصر بوقت أو حدث، فإذا ما تعلقت نفوس الجماهير وقدمت التضحيات الغالية صدمت بالواقع المرير الذي من الممكن أن ينشر روح اليأس ويفقد الثورة كثيراً من زخمها ويصعب عليها اتخاذ قرارات أو الدخول فى تجارب.
الإعلام الثوري لا يكتفي بالتوصيف، بل ينقل الجماهير من مرحلة إلى مرحلة ولا يكتفي بنقل فعل الجماهير والثوار بل ينقل لهم التجارب ويطورهم من مرحلة إلى مرحلة سواء من وضوح الرؤيا أو إجلاء المفاهيم حتى يساعد الجماهير فى الوصول إلى النجاح عبر أقصر وأسلم الطرق الثورية.
الإعلام الثوري إعلامٌ واعٍ يختار معاركه بعناية، لا ينجر خلف الإعلام المضاد له، رؤية واضحة عبر مراحل متدرجة، يعرف متى أتم مرحلته ومتى ينتقل إلى المرحلة التالية، ليس إعلاماً يبني حركته وخططه على فعل من يدعو للثورة عليهم وعلى أفعالهم.
الإعلام الثوري يمتلك أدواته، وأدواته أكثر من أن يحصرها أو يحاصرها أحد فأسرع موت للإعلام الثوري احتقار ملكيته أوتبعيته، مما يربط حركته بحسابات ورهانات من يملكه.
*مدير التخطيط والتطوير بقناة TRT العربية