يبدو أن حصة المعماري العربي، في الطفرة التي عاشتها وتعيشها عمارة الخليج العربي، اقتصرت وتقتصر على تشييد المساجد. أسماء مثل محمد مكية وجعفر طوقان وراسم بدران ارتبطت بمساجد سُمح من خلالها بتجسيد أفكار معمارية عربية تجنبتها بقية المساحات المدينية الأخرى.
دُفعت المساحة العامة برمتها إلى الشركة الأجنبية الغربية، واختص المعماري الغربي بعمارة البرج، رمزها الأهم، في حين ذهبت عمارة المسجد إلى المعماري العربي كنوع من الترضية والإقصاء في آن. ويبدو أنه انتهى الزمن الذي كان فيه معماري عربي يخطط مدينة عربية (مثل تخطيط الفلسطيني سابا جورج شبر لمدينة الكويت وغيرها أواخر الخمسينيات وبداية الستينيات).
المدينة العربية الآن تخططها وتصنع عمارتها شركات أجنبية ليس عندها أدنى اكتراث بهوية المكان وخصوصياته البيئية والحضرية، وأقصى ما تذهب إليه هو تلبية الوظيفة الاستهلاكية للعمارة، وإن اضطرت فإنها تضيف عناصر شكلانية "شرقية" بناء على الطلب.
لا يمكن قراءة ظاهرة البرج بمنظور التطور والحاجة والوظيفة، بل تحتاج إلى أدوات سيميائية. فالبرج رمز في صراعات المكانة البدوية وسراب النفس المضطربة في مواجهة عصرها وشروطه، وهو ظاهرة متعالية على بيئتها ومكتفية بالطاقة، باعتماد كامل على التكييف والإضاءة الاصطناعية.
ولعلنا لا نشط لو قلنا إن البرج في غير سياقه المعماري والحضري هو علامة استعمارية.