يرث أبناء المشاهير شهرة آبائهم وأمّهاتهم مجرّد وصولهم إلى هذا العالم، من دون أن يكون لهم قرار في الاختيار إذا كانوا يريدون لحياتهم أن تكون "علنية" أم لا، وإذا كانوا يريدون أن يدخلوا عالم المشاهير والأضواء.
ومن منّا لم يرَ صور أبناء المشاهير في "سكوب" لهذه المجلة أو تلك، أو لهذا الموقع الإلكتروني أو ذاك. وبعضهم حظيَ بأغنيات أيضاً، مثل ابنة الفنانة نانسي عجرم وأغنية "ميلا" التي غنّتها معها كما يبيّن الفيديو المرفق.
وقد دخلت ابنة الفنان عاصي الحلاني، ماريتا الحلاني، إلى عالم المشاهير أيضاً بإعطائها تصريحات وإحيائها حفلات عرضت على تلفزيونات لبنانية وهي لم تتخطّ عامها الـ18 بعد.
واختارت ابنة الفنانة نوال الزغبي "تيا" عدم دخول الفنّ من باب الغناء وإنما من خلال نشر صور لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي تُبرز جمالها الذي يُشبه جمال والدتها.
لكن هل هذه الشهرة إيجابية أم سلبية بالنسبة إلى الأطفال أنفسهم؟ وكيف تؤثّر على حياتهم ونفسيتهم وشخصيتهم ومستقبلهم، الشخصي والنفسي والمهني حتّى؟
تؤكد المعالجة النفسية مايا الحزوري أنّ "الشهرة لها تأثير سلبي وإيجابي على الفنان، فهناك معاناة يمرّ بها الفنان يتسبّب بها جمهوره، كما أنّ هناك مشاهير آخرين متأقلمين مع الشهرة".
وتقول الحزوري في حديث لـ"العربي الجديد": "أنصح الأهل في تربية أولادهم، سواء كانوا من المشاهير أم لا، بالتعامل معهم على أساس المحبّة والحبّ، الجديّة وليس العدوانية، السلطة وليس التسلّط بالإضافة إلى تأمين المعايير الأساسية لنموّهم الطبيعي، وإعطاء الوقت اللازم والكافي لهم. وهنا ليس فقط الوقت وإنّما نوعيته، أي الاحتكاك بهم وتمضية وقت كاف إلى جانبهم".
وتشرح الحزوري: "هناك ثلاثة أنواع من المشاهير. النوع الأول هم المشاهير الذين لا يقضون وقتاً كافياً إلى جانب أولادهم، بسبب أعمالهم وانشغالاتهم، وبالتالي هذا يؤثّر كثيراً على علاقتهم بأولادهم، كما يؤثّر سلباً على نموهم النفسي والعاطفي، ويُعانون حينها من حالة عدم الاستقرار بوجود بديل للأهل لا يتعاملون معهم أو يمنحونهم الحبّ والحنان والعاطفة. وهؤلاء يكونون من الموظّفين أو من جليسات الأطفال مثلا. وهذا يولّد حرماناً عاطفياً وشعوراً بالوحدة والانعزال والخوف من الانخراط في المجتمع وبين الناس، وهنا تكون ثقة الطفل بالذات غير سوية، فيتعامل مع المشهور، سواء الأب أو الأم، كما يتعامل مع الجمهور".
وتُضيف الحزوري: "أمّا النوع الثاني فهو التواجد الدائم للأولاد مع أهلهم أينما ذهبوا، خصوصاً في أعمالهم وفي حفلاتهم وسفراتهم. وهذا أيضاً يؤثّر سلباً على الأولاد فيُعانون من عدم الاستقرار، ما يطال الجوانب النفسية والاجتماعية والدراسية من حياتهم، مثل التغيّب أحياناً عن المدرسة".
وتكمل المعالجة النفسية: "هنا يختلف نموّهم عن أقرانهم، فهم لا يحتكون مع أطفال بعمرهم وإنّما مع أطفال أكبر منهم، وهذا يؤثّر على شخصيتهم فيتعاملون مع الناس بفوقية وبتعالٍ، ويفتقرون إلى التواضع، وبالتالي لا يعيشون عمرهم الطبيعي ولا نموّهم التدريجي الطبيعي. ويتصادمون مع المجتمع. فعمرهم الزمني يفوق عمرهم العقلي".
وتضيف شارحة عن "النوع الثالث، وهو انقطاع الأهل أو المشاهير عن المجتمع ليتواجدوا مع عائلاتهم طوال الوقت. وهنا يكون نموّ الأولاد سليماً ضمن عائلاتهم".
وبرأيها فإنّ أسباب نشر المشاهير صور أبنائهم على مواقع التواصل الاجتماعي أقرب إلى ضرورات المهنة وليس إلى رغبات شخصية، وهذا بالتأكيد يؤثّر على نموّهم الطبيعي. وغالباً ما يكون الهدف منه هو لفت الانتباه والنظر بالنسبة إلى الأهل، أما بالنسبة إلى الأولاد فيكون الهدف هو تكميل صورة أهلهم وتقليدهم وكسب العاطفة لأنّ بعضهم يعاني من الحرمان العاطفي".
لكن ماذا عن تأثير الشهرة على حياتهم المستقبلية، تجيب الشابة التي تتابع أخبار المشاهير: "إذا كانوا يتوقّعون أن يحظوا بالشهرة وأن يحافظوا عليها ولم يتحقّق لهم هذا في الكبر، فهذا سيولّد لديهم خيبة أمل وشعوراً بالكآبة، وسيجعلهم يعانون من تجاذب بين الفوقية والدونية، وسيخلق بدى بعضهم عصبية وانفعالاً، خصوصاً لمن سيشعرون بعدم اكتساب الاهتمام وعدم قدرتهم على لفت الأنظار، وبالتالي سيعانون من نقص عاطفي إضافيّ".
وتتابع: "أما الذين سيحالفهم الحظّ في وراثة الشهرة، فهؤلاء سيكونون من المحظوظين، إلا أنّ الشهرة لها انعكاساتها الإيجابية كما السلبية على حياة الفرد واستقراره الاجتماعي والمعنوي والنفسي والعاطفي".
وهي تدعو ختاماً المشاهير إلى "معرفة أنّ التواضع هو سرّ الشهرة، وأنّ المحبّة هي أفعال وليست صوراً ومظاهر، وبالتالي الشهرة لا تعني الحصول على الحبّ، ويجب ألا تعني حبّ الظهور فقط".