أبو سعيد كرعان... ستيني يبيع الخردوات للعيش

16 أكتوبر 2018
هنا يعمل (العربي الجديد)
+ الخط -
كثيرون يعانون بسبب ضيق العيش وقلة فرص العمل. والمعاناة تنسحب على كبار السن، خصوصاً إذا فقدوا أعمالهم من جراء إصابتهم بمرض ما أو غير ذلك، فلا يعودون قادرين على العمل ولا يجدون من يقدّم لهم المساعدة أو الرعاية. وقد تكون معاناة الفلسطينيين أكبر في لبنان بسبب عدم وجود ضمانات اجتماعية تحميهم.

كبار قد يجدون أنفسهم مضطرين للعمل في أية مهنة قد لا تليق بهم أو بسنّهم، لكن الحاجة المادية تدفعهم إلى ذلك. ولأنهم فلسطينيون، ليس لديهم ضمان اجتماعي وغير ذلك.

فاضت دموع أبو سعيد كرعان حين بدأ الحديث. هذا الرجل الذي كان يحمل السلاح في وجه العدو الصهيوني، بات يبحث عما يمكن بيعه بين النفايات. لم يعد يبالي بالرائحة الكريهة التي اعتادها ولا بالحشرات في مكب النفايات في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في مدينة صيدا (جنوب لبنان).

أبو سعيد كرعان يبلغ من العمر ثمانية وستون عاماً. يتحدّر من بلدة لوبيا في فلسطين التي لم يولد فيها، بل ولد لاجئاً. يعيش في المخيم ويبيع الخردة للحصول على لقمة عيشه. يقول: "لم يكن بيع الخردة مهنتي. كنت أعمل في مجال تصليح التلفزيونات. لكن نظري خف، ولم أعد أستطيع العمل. صرت على باب الله، أعيش مما أجمعه من خردوات، ولدي ولد وحيد تزوج منذ فترة".

ابني الآخر قتل عن طريق الخطأ بفعل رصاصة أصابته حين كان في الرابعة والعشرين من عمره، أثناء اشتباك في المخيم. يتابع: "كنت رقيباً أول في الكفاح المسلح الفلسطيني. بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان في عام 1982، خرجنا من لبنان إلى اليمن حيث عشت سنة وشهرين. بعدها، حدث الانشقاق في فتح وعدنا إلى طرابلس، لكنني لم أعد مع العائدين إلى مدينة طرابلس اللبنانية الواقعة شمال لبنان، بل توجهت إلى سورية حيث تقطن زوجتي".




يضيف: "في سورية، التحقت بالكفاح المسلح وسويّت أوضاعي العسكرية، وكان راتبي حينها ألفي ليرة سورية. بقيت على هذا الحال حتى تقاعدت. وكان راتبي التقاعدي، بحسب الليرة السورية، يوازي مائة دولار أميركي. والمائة دولار لا تسد جوعاً. بعد سنوات طويلة من النضال والمقاومة، باتت حياتي رهناً لما أجمعه من نفايات، لأعيش وزوجتي".

يتعب الرجل كثيراً من أجل تأمين لقمة عيشه، وبالكاد يستطيع تأمين ثياب مهترئة. قد لا يرى أحد دموعه، فالفقراء يتألمون بصمت. يقول: "أعيش على النفايات. لو أنهم يعدلون راتبي فيتحسن وضعي المعيشي".