أتلانتا ولايبزيغ: لا تتوقف عن الحلم

20 فبراير 2020
أتلانتا ولايبزيغ يصلان إلى هذا الدور لأول مرة (Getty)
+ الخط -

لم يتوقع أشد المتفائلين في فريقي لايبزيغ الألماني وأتلانتا الإيطالي أن تنتهي نتائج مباراتي دوري أبطال أوروبا بهذه الطريقة. فالأول أسقط توتنهام مع مدربه جوزيه مورينيو بعد أن قدم مباراة تكتيكية كبيرة، والثاني أطاح فالنسيا العريق أوروبياً، رغم مشاركته الأولى في دوري الأبطال.

وفعلاً بدأ كل من أتلانتا الإيطالي ولايبزيغ الألماني بالحلم بعد أن اقتربا كثيراً من تخطي دور الـ16 لأول مرة في تاريخهما. وحتى وصول أتلانتا ولايبزيغ إلى الدور الثاني كان مفاجأة كبيرة، وحدث لأول مرة في تاريخ مشاركات الفريقين أوروبياً.

أتلانتا الأقوى هجومياً

يُقدم فريق أتلانتا كرة هجومية لم يسبق أن عرفها أي فريق إيطالي في السنوات الماضية. فهو اليوم الأقوى هجومياً في الدوري الإيطالي، وسجل أربعة في مرمى فالنسيا في مشاركته الأولى في الدور الثاني لدوري الأبطال. أربعة أهداف في مرمى فالنسيا لم تكن صعبة على أتلانتا، وليست من باب الصدفة. فالفريق الإيطالي اعتاد تسجيل أهداف كثيرة في كل مباراة، وكل أرقام موسم 2019-2020 تؤكد ذلك.

أتلانتا، مثلاً، سجل هدفين وأكثر في 22 مباراة. سجل 3 أهداف وأكثر في 13 مباراة. سجل أربعة أهداف وأكثر في 7 مباريات. سجل 5 أهداف وأكثر في 4 مباريات. سجل 6 أهداف وأكثر في 3 مباريات. سجل 7 أهداف في مباراتين.

لكن كل هذه القوة الهجومية سببها رجل واحد اسمه جيان بييرو غاسبيريني الذي يملك فلسفة كروية هجومية. فهو مدرب يعشق الضغط والهجوم بأكثر من لاعب لإحداث كثافة عددية في منطقة المنافس، وهو من أول المدربين الذين اختاروا اللعب بثلاثة مدافعين في الخلف على صعيد منافسات الكرة الإيطالية منذ عام 2006.

تُعتبر الخطة (3-4-1-2) سرّ تفوق أتلانتا هجومياً هذا الموسم. غاسبيريني يختار ثلاثة مدافعين ثابتين في الخلف للهروب من ضغط المنافس، أربعة لاعبين في الوسط قريبين جداً من "الصندوق" لخلق التحول السريع في الهجمة، ولاعبين هما كجناحَي هجوم، وأظهرة للدفاع. وأمامهما صانع ألعاب لتمويل المهاجمَين اللذين يتحركان باستمرار للتسلُّم والتسليم وبعثرة خطوط الدفاع.

ولأن غاسبيريني يعشق الكرة الهجومية، فإن فريقه يلعب كالمجموعة الواحدة ويُسجل الأهداف بأكثر من طريقة وأسلوب فني: من المرتدات، التحولات السريعة، الكرات الثابتة، البناء المنظم من الخلف.

وفي معظم الأحيان، يصل إلى المرمى سريعاً، لأنه لا يعتمد المرور بخط الوسط لبناء الهجمة. فتارةً يطلب التمريرات المباشرة الطويلة نحو الهجوم أو ميزة الأطراف التي تُحول فريقه إلى "ماكينة أهداف"، وأرقام أتلانتا الهجومية واضحة منذ الموسم الماضي حتى الآن.

وأكبر دليل على عقلية غاسبيريني الهجومية التي لا ترحم، رغم أنه مدرب إيطالي ذو عقلية دفاعية، أنه قرر إخراج مدافع في الدقيقة الـ75 وإشراك مهاجم وهو متقدم بنتيجة كبيرة (4 – 1). هذه العقلية الكروية تصنع الفارق في دوري الأبطال.

فهل يستمر غاسبيريني في صناعة فريق إيطالي عظيم ويذهب بعيداً في بطولة دوري أبطال أوروبا بعكس كل التوقعات، ومن أرقامه الهجومية يبدو أنه قادر على الوصول إلى الدور نصف النهائي على أقل تقدير.

لايبزيغ عظيم

لم يأتِ تفوق فريق لايبزيغ الألماني على توتنهام الإنكليزي من باب الصدفة، وإن كانت النتيجة هدفاً نظيفاً، وذلك لأن لايبزيغ كان سيخرج فازاً بأربعة أهداف لولا الحظ أمام المرمى. هذا الفريق الذي يصل لأول مرة إلى الدور الثاني لقن وصيف بطل أوروبا درساً كروياً في كيفية الهجوم والدفاع وخلق الخطورة على مرمى المنافس والتفوق تكتيكياً على أرض الملعب.

ورغم تسجيل لايبزيغ هدفاً فقط من الفرص الخطيرة التي حصل عليها ومن ركلة جزاء، إلا أن المدرب يوليان ناغيلشمان أثبت للجميع أنه في وصافة "البوندسليغا" بسبب قوته التكتيكية وأسلوب لعبه الهجومي المُميز الذي فرضه على مدرب توتنهام جوزيه مورينيو.

يُقدم المدرب يوليان ناغيلشمان نسخة قوية من فريق لايبزيغ الذي كان قبل سنوات عديدة في الدرجة الخامسة، ويلعب على أرض ملعب سيئة جداً، ليجد نفسه اليوم داخل حلم كبير قد يوصله إلى مراحل متقدمة من البطولة الأوروبية لأول مرة.


من أبرز مميزات المدرب أنه حوّل فريق لايبزيغ إلى فريق هجومي. أولاً، تدوير الكرة لتحريك المنافس وخلق مساحة للتمرير بين الخطوط، إذ يمكن ملاحظة تحرك اللاعبين باستمرار بين الخطوط لخلق خيارات للتمرير ومساحة للاستلام وصناعة الفارق في الثلث الأخير.

كذلك إن "اللامركزية" التي يطلبها المدرب ناغيلشمان تُصعب مهمة الدفاع أمام لايبزيغ، لأنها تُربك الرقابة، وخصوصاً في حالة (1 ضد 1). هذا عدا عن ميزة الهجوم بخمسة لاعبين على أقل تقدير، وذلك لخلق التفوق العددي دائماً في الثلث الأخير.