لم يتمكّن وزير الآثار المصري، ممدوح الدماطي، من إسدال الستار على أعمال الترميم في هرم "زوسر" المدرج في منطقة سقارة، بمجرد تنظيم مؤتمر صحافي في جوف الهرم منذ أسابيع عدة؛ حتى ارتفع صوت حادّ يؤكد وجود أخطاء "خطيرة" في أعمال الترميم، قد تؤدي إلى انهياره أو انهيار أجزاء منه، على أقل تقدير.
مدير الإدارة المركزية للآثار عبد الرحمن العايدي، قال إنه من المعروف للجميع أن أجزاء من الهرم تعرضت لشروخ وشقوق على فترات متباعدة، ولكن وضع الهرم ازداد سوءاً بعد أعمال الترميم الأخيرة التي أخلت بطريقة بناء الهرم، بعد إزالة مساطب الرمال المحيطة به من الخارج، ملوحّاً إلى أنّ شركة الشوربجي الموكل إليها ترميم الهرم، لم يسبق لها أن عملت في مجال الترميم، مؤكداً ضرورة فصل أعمال الترميم عن صفقات المقاولات.
وفسر العايدي حديثه، خلال المؤتمر الصحافي الذي نظمته اللجنة الثقافية بنقابة الصحافيين مع مجموعة أثريين في نقابة الصحافيين المصرية، مساء السبت، قائلاً "مساطب الرمال التي كانت خارج الهرم، لم تكن موجودة اعتباطاً، ولا بسبب عوامل التعرية، وليست نتاجاً لحفر الهرم، بل كانت جزءاً أساسياً من بنائه خاصاً في المحافظة على استقراره".
وأكّد مدير الإدارة المركزية للآثار، أن شروخاً عدّة لا تزال موجودة في الهرم، ولأن الشركة المسندة إليها أعمال الترميم ليست متخصصة، فقد وضعت أحجاراً وأنواعاً من "المونا" داخل الهرم لا تتناسب مع طبيعة أحجاره، ما شكّل عبئاً إضافيّاً على جدران الهرم المتشقّقة، فضلاً عن أنّ الهرم بدا وكأنّه مبنيّ من جديد.
وناشد العايدي، رئيس الوزراء المصري، إبراهيم محلب، التدخل بسرعة ووقف أعمال الترميم في الهرم، واستبعاد الشركة المسؤولة عن ترميمه، وتشكيل لجنة من أساتذة الهندسة واستدعاء علماء آثار من الخارج للحافظ على أقدم بناء حجري في التاريخ.
وكان وزير الآثار المصري، قد وصف كلّ ما يدور عن حالة هرم زوسر بـ"الشائعات"، التي أسندها لمن وصفهم بـ"أثريين ضّد الانقلاب"، رافضاً الكشف عن أية تقارير خاصة بالهرم، سواء المعدّة في مصر، أو تلك التي أعدّتها منظّمة يونسكو، بشأن الهرم.
من جانبه قال كبير الأثريين ومدير عام التوثيق الأثرية في وزارة الآثار المصرية، نور الدين عبد الصمد، إنّ وزير الآثار المصري له مصلحة يخفيها عن الرأي العام، في عدم الاعتراف بالخطر الذي يداهم هرم سقارة، مشيراً إلى أنّ المؤتمر الصحافي الذي نظّمه الوزير عند سفح الهرم منذ حوالي أسبوعين، اعتمد فيه على رأي مهندسين من شركة الشوربجي المسندة إليها أعمال الترميم، واللذين أكّدا كفاءة سير العمل في الهرم.
وتابع عبد الصمد "مدير المنطقة الأثرية في سقارة"، المهندس كامل لويس، عندما حاول إيصال الخطورة التي تداهم الهرم أثناء زيارة الوزير؛ رفض الوزير الاستماع إليه، بل طالبه بالصمت لاستكمال المؤتمر الصحافي الذي نظمه مع شركة الشوربجي".
وتساءل عبد الصمد "ما مصلحة وزير الآثار في التكتم على الجريمة التي تحدث في الهرم"، محذّراً من أنّ الهرم إذا سقط، لن يسقط معه وزير الآثار فقط، بل سيسقط أعلى رأس في الدولة، ممثّلة في رئيسها، ومطالباً وزير الآثار المصري بتقديم استقالته، قبل وضع التراث المصري تحت الحماية الدولية، خصوصاً بعد خروج مصر من لجنة التراث العالمي في منظمة يونسكو.
كانت مصر قد خرجت من لجنة التراث العالمة في يونسكو في الانتخابات التي أجراها مركز التراث العالمي في منظمة التربية والثقافة والعلوم (يونسكو) في 7 نوفمبر/تشرين الثاني عام 2011، لأوّل مرّة في تاريخها منذ إنشاء المنظمة.
ولجنة التراث العالمي في منظمة يونسكو تضمّ في عضويّتها 21 دولة فقط، وتشرف اللجنة على جميع الأعمال الفنية التي تخص المواقع الأثرية ومواقع التراث الطبيعي والتراث الثقافي الطبيعي المختلط على مستوى العالم، كما تختصّ اللجنة بالمساعدة في تمويل المشروعات في المواقع الأثرية، وإمداد الدول التي تحتاج للمساعدة الفنية بالخبراء حين الضرورة، وكذا تسجيل المواقع الجديدة على قائمة التراث العالمي، ومتابعة مدى رعاية كل دولة لتراثها الثقافي والطبيعي على النحو الوارد تفصيلاً في دستور يونسكو الذي وقع عليه 189 دولة.