وجدت القيادات الجديدة لحزبي السلطة في الجزائر "جبهة التحرير الوطني" و"التجمع الوطني الديمقراطي" في الظروف والتحولات السياسية التي تعرفها البلاد فرصة للتنصل من مواقف حزبيهما وإلقاء تبعاتها السياسية على القيادات السابقة في دعمها لسياسات الرئيس السابق، عبد العزيز بوتفليقة.
وقال الأمين العام الجديد لـ"التجمع الوطني الديمقراطي"، الطيب زيتوني، في مؤتمر صحافي اليوم الثلاثاء، إن "القيادات السابقة للحزب اتخذت مواقف خاطئة في الماضي، والمناضلين تحملوا مسؤولية الأخطاء"، مشيراً إلى أن الحزب "كان جهاز مساندة، لكنه من هنا وصاعداً لن يكون كذلك ولا يجب أن يكون جهاز دعم، نحن حزب توافقي ولسنا لا معارضة ولا موالاة".
وفي ما يخص مواقف الحزب الداعمة لسياسات بوتفليقة على مدار 20 عاماً، ألقى زيتوني باللوم في ذلك على الأمين العام للحزب السابق، أحمد أويحيى، القابع في السجن والملاحق في عدد من قضايا الفساد المالي والسياسي.
وظل "التجمع" حتى مارس/آذار 2019، يدعم الرئيس بوتفليقة وأعلن إسناده في الترشح لولاية رئاسية خامسة في الانتخابات التي كانت مقررة في 18 إبريل/ نيسان 2019، قبل أن يتم إلغائها بسبب مظاهرات الحراك الشعبي، والتي طالبت أيضا بحل "التجمع الوطني الديمقراطي".
وسمحت السلطات للحزب بعقد مؤتمر نهاية شهر مايو/أيار الماضي برغم قرارها منع التجمعات، واعتبرت بعض التعليقات السياسية السماح بذلك تزامناً مع مؤتمر حزب "جبهة التحرير الوطني"، مؤشرا على رغبة السلطة السياسية في تحضير هذين الحزبين لدعم سياسات السلطة في الفترة المقبلة المتسمة خاصة بمشروع تعديلات الدستور.
ويحوز "التجمع" حتى الآن على ثاني أكبر كتلة نيابية في البرلمان الحالي المنتخب عام 2017، وتعرض لهزة عنيفة بعد اعتقال أويحيى في يونيو/حزيران 2019، وملاحقة عدد كبير من قياداته ونوابه في البرلمان من قبل القضاء في قضايا فساد.
ويسعى "التجمع" إلى الاستفادة من الظروف الجديدة، إذ أعلن زيتوني أن حزبه يشارك في النقاش المتعلق بمسودة الدستور وسيقدم 58 مقترحا يخص المسودة، بينها 11 مقترحاً لتعديل الدستور يتعلق فقط بنظام الحكم والممارسة السياسية.
وقبل يومين أعلن الأمين العام لحزب "جبهة التحرير الوطني"، بعجي أبو الفضل والمنتخب منذ أسبوعين أن الحزب لم يدعم ترشح بوتفليقة لعهدة الخامسة، قائلا إن "مكتب التنسيق المؤقت هو من أصدر بيانا لمساندة ترشح بوتفليقة بينما القانون الأساسي يعطي حق اتخاذ القرار للجنة المركزية".
وتنصل أبو الفضل تماما من التركة السياسية ومواقف الحزب السابقة الداعمة لسياسات بوتفليقة، برغم أن الأخير كان وفق النظام الداخلي هو رئيس الحزب، وألقى بعجي بمسؤولية ذلك على القيادات السابقة وقال "ما حدث لا يلزم الحزب بل يلزم الأشخاص الذين قاموا بذلك، لأن "الجبهة" كان يُستغل من قبل العصابة في السنوات الفارطة".
وأضاف "كنت أتألم عندما كان ولد عباس يبيع الحزب لحداد وكونيناف (رجال الكارتل المالي) وقد عارضت ذلك شخصيا وأقصيت من المكتب السياسي للحزب".
وفي وقت سابق قال الأمين العام لحزب "التجمع الجمهوري"، بلقاسم ساحلي، إن حزبه لم يدعم شخص بوتفليقة، ولكنه كان يدعم برنامجاً سياسياً.
ويعتقد مراقبون للمشهد السياسي في الجزائر أن القيادات الحزبية تحاول البحث عن موقع جديد في الساحة السياسية، عبر التبرؤ من المواقف السابقة، خاصة أن القيادات التي كانت تدير الحزبين لم تعد موجودة في الصورة، وأغلبها في السجن، على غرار أويحيى والأمينين العامين لـ"الجبهة" جمال ولد عباس ومحمد جميعي.