عبّرت أحزاب سياسية في الجزائر عن إدانتها لاعتقال المرشحة الرئاسية السابقة وزعيمة حزب العمال لويزة حنون، وإيداعها الحبس المؤقت، بقرار من القضاء العسكري بتهمة المشاركة في المؤامرة على سلطة الدولة وسلطة الجيش.
وأدانت جبهة القوى الاشتراكية ما وصفته بـ"الاعتقال الذي لا يوجد ما يبرره، وعمل تعسفي ومُسيء".
ونشر الحزب، الجمعة، بياناً طالب فيه بالإفراج الفوري عن حنون، وأكد أنه "يدين بشدة هذا العنف الجديد للسلطة الحقيقية في الجزائر، التي تهدف إلى تنفيذ جدولها السياسي، من خلال قمع أيّ صوت معارض، وتجاهل الثورة الشعبية".
واعتبر أقدم حزب معارض في الجزائر، أن "هذا الاعتقال يأتي في الوقت الذي يدخل فيه غالبية الجزائريات والجزائريين في الشهر الثالث من الاحتجاج والتظاهر السلمي، للمطالبة بالفتح الحقيقي للمجال السياسي والإعلامي، وبناء دولة القانون، وهو شرط ضروري لبناء قضاء عادل وحرّ، دولة ديمقراطية تضع حداً لاستخدام العدالة والهيئات المكوّنة للأمة لأغراض تسوية الحسابات الغامضة وانتهاك الحقوق الأساسية، وهي حرية التعبير والحق في الممارسة السياسية، حقان غير قابلين للمصادرة، يكفلهما ويضمنهما الدستور الجزائري".
وكانت جبهة القوى الاشتراكية تعلّق على قرار القاضي العسكري بالمحكمة العسكرية بالبليدة قرب العاصمة الجزائرية، أمس الخميس، إيداع لويزة حنون السجن المؤقت، وتوجيه تهمة المشاركة في التآمر على سلطة الجيش والدولة، في القضية نفسها التي يَتهم فيها السعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، والمديرين السابقين لجهاز المخابرات الفريق محمد مدين والجنرال بشير طرطاق، الذين تم توقيفهم الأحد الماضي.
من جهته، وصف رئيس التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية محسن بلعباس، توقيف وإيداع حنون الحبس المؤقت بأنه "من صور التحكم العسكري في القرار السياسي".
ونشر بلعباس تعليقاً على صفحته على موقع فايسبوك بأن "ملامح الانقلاب العسكري تبرز يوماً بعد يوم، عن طريق التحكم العسكري في القرار السياسي وفي تفعيل العدالة بالأوامر"، مضيفاً أنه "بدلاً من المرحلة الانتقالية، أرغمونا على مرحلة تضليلية بعدالة استعراضية، انتقائية وانتقامية. البلدان لا تسير كالثكنات التي لا مكان فيها للنقاش والنقد، أو حتى التفكير في المستقبل، فرض نظام الثكنات في الحياة الاجتماعية يؤدي إلى الاستبداد".
وأعلن حزب جيل جديد تضامنه مع حنون، ونشر بياناً قال فيه، إن "احتجاز السيدة لويزة حنون، المسؤولة الأولى عن حزب سياسي، رهن الحبس الاحتياطي، يطرح بإلحاح مسألة الحريات السياسية والنوايا الحقيقية للسلطة الجديدة"، وأضاف أنه "بعد سلسلة الاعتقالات التي طاولت عدداً من المسؤولين السابقين ورجال الأعمال، فإن هذا الإجراء الأخير يفرض جملة من التساؤلات حول المنحى الذي تأخذه الأحداث في الآونة الأخيرة".
وطالب رئيس الحزب جيلالي سفيان، الذي وقّع البيان، القضاء العسكري بتقديم توضيحات للرأي العام، "في الوقت الذي كانت فيه مطالب الهبة الشعبية إرساء دولة القانون، وجب توضيح مثل هذه القضايا للرأي العام. يجب العمل على استبدال نظام بوتفليقة بعملية ديمقراطية لا بنظام استبدادي".
وكان لافتاً أنه باستثناء ثلاثة أحزاب، لم تصدر باقي الأحزاب، بما فيها المشاركة مع حزب العمال في تكتل المعارضة، أي موقف بشأن توقيف وإيداع حنون السجن المؤقت.
الرئاسة تتمسك بموعد انتخابات يوليو
إلى ذلك، جدد الرئيس المؤقت عبد القادر بن صالح تمسكه بإجراء الانتخابات الرئاسية المقبلة، في موعدها المقرّ في الرابع يوليو/ تموز المقبل، وتعهد بتوفير الظروف السليمة لإجرائها.
وأكد بيان للرئاسة الجزائرية أن بن صالح أكد، خلال استقباله رئيس الحكومة نور الدين بدوي، مساء الخميس، "احترام الآجال والمواعيد التي ينصّ عليها الدستور وقوانين الجمهورية"، بالنسبة لتاريخ الانتخابات المحدد في الرابع من يوليو المقبل، وفقاً لنصّ المادة 102 من الدستور، التي تنصّ على تنظيم الانتخابات في مدة 90 يوماً من إقرار شغور منصب رئيس الجمهورية، الذي تم في التاسع إبريل/ نيسان الماضي.
وتعهد بن صالح بـ"توفير كل الشروط والآليات اللازمة لإجراء هذه الاستحقاقات الهامة بكل شفافية ونزاهة وموضوعية"، وجدد دعوته القوى السياسية والمدنية إلى الحوار، مشيراً إلى أن "كل قنوات التشاور مفتوحة مع جميع الجهات والشركاء المعنيين بانتخابات الرابع من يوليو المقبل".
وخلال اللقاء قدم رئيس الحكومة إلى بن صالح "تقريراً مفصلاً عن سير التحضيرات ذات الصلة بالانتخابات الرئاسية المقبلة، بداية بمراجعة القوائم الانتخابية، وسحب استمارات الترشح، إلى جميع الترتيبات المتعلقة بالجوانب المادية التي وفّرتها الحكومة".
وتصرّ رئاسة الدولة والجيش في الجزائر، على تنظيم الانتخابات الرئاسية المقبلة في موعدها المحدد، وترفض تأجيلها إلى حين توفير الظروف والشروط اللازمة التي تطالب بها قوى المعارضة، وبينها تعديل قانون الانتخابات وإنشاء هيئة عليا مستقلة للانتخابات، تنقل إليها سلطة الإشراف الكامل على تنظيم الانتخابات بدلاً من وزارة الداخلية.
ويتخوف الجيش والرئاسة من دخول البلاد في حالة فراغ دستوري، في حال لم تتم الانتخابات في موعدها المقرر، حيث تنتهي العهدة الدستورية لرئيس الدولة المؤقت في التاسع من يوليو/ تموز المقبل، ويصبح بعدها منصب رئيس الدولة في حالة شغور تام، وهو ما يحذر منه الجيش في بياناته وخطابات قائد أركانه الفريق أحمد قايد صالح.
وترفض غالبية القوى السياسية في البلاد، بما فيها قوى الموالاة المحسوبة على الجيش والرئاسة، تنظيم الانتخابات في موعدها المقرر، لكون الظروف السياسية والمناخ العام غير مساعدة على إجرائها، إضافة إلى الرفض الشعبي الواسع لإجراء الانتخابات تحت سلطة رئيس بن صالح وبدوي، والذين يعتبرهما الحراك الشعبي والقوى المعارضة امتداداً لنظام بوتفليقة.