وأكدت الحركة التي تضم أحزاب "الدستور"، و"تيار الكرامة"، و"التحالف الشعبي"، و"العيش والحرية"، و"المصري الديمقراطي"، والعشرات من الشخصيات العامة المعارضة، أن "نقاشات البرلمان موجهة، وأحادية الجانب، لا يُسمع فيها صوت سوى لما تريده السلطة الحاكمة"، مبينة أن مفهوم الحوار المجتمعي الحقيقي يغيب تماماً عن تلك الجلسات، التي تبدو أشبه بالتمثيلية الإجرائية المحددة لسيناريو تمرير تعديلات الدستور.
وعقد مجلس النواب المصري ثلاث جلسات لما يسمى "الحوار المجتمعي" حول تعديل الدستور، على مدار اليومين الماضيين، استمع خلالها إلى مجموعة من أساتذة الجامعات، ورؤساء تحرير الصحف، وأعضاء الهيئات القضائية، وممثلي النقابات المهنية والعمالية، وجميعهم من المؤيدين للتعديلات، والموالين للرئيس عبد الفتاح السيسي من دون استثناء، إذ لم تدعُ اللجنة أيّ معارض للتعديلات في جلساتها.
وقالت الحركة في بيان، إن "الحوار المجتمعي الحقيقي هو حوار منظم، له آليات وأدوات واضحة، تمكّن من الوصول إلى نتائج ملموسة، وتعبّر بصدق وأمانة عما يريده الشعب، وكيفية قياسه، وترجمته إلى إجراءات عملية، بعيداً عن تدخل أي سلطة من السلطات، وخاصة السلطة التنفيذية المتحكمة والمهيمنة على كل شيء في مصر في الوقت الراهن"، على حد تعبيرها.
وأشارت إلى أن ما يجري الآن تحت قبة البرلمان "ليس حواراً مجتمعياً جادّاً، بقدر ما هو محاولة فاشلة لاستكمال الشكل والإجراءات الدستورية واللائحية، مع الاستمرار في النهج ذاته الذي يكرس للاستبداد، ويمهد الطريق لاستمرار الحكم الفردي المطلق لسنوات طويلة قادمة، وهو ما سيعرّض البلد لمخاطر عدم الاستقرار، ويؤثر على كيان الدولة المصرية ككل"، حسب بيان الحركة.
وتستهدف تعديلات الدستور السماح للسيسي بالترشح لولايتين جديدتين بعد انتهاء ولايته الحالية في عام 2022، وإنشاء مجلس أعلى لجميع الهيئات القضائية برئاسته، ومنحه سلطة تعيين النائب العام، ورئيس المحكمة الدستورية العليا، فضلاً عن إعادة صياغة وتعميق دور الجيش في حماية "مدنية الدولة"، واشتراط موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة على تسمية وزير الدفاع.
ولفتت "الحركة المدنية الديمقراطية" إلى إعلانها، منذ الوهلة الأولى لطرح مشروع تعديل الدستور من عدد من أعضاء البرلمان الحالي، رفضها الحاسم من حيث المبدأ لتلك التعديلات، التي رأت فيها الحركة بجميع مكوناتها من أحزاب وشخصيات عامة "تعدياً صارخاً على الدستور الحالي، وانتهاكاً صريحاً لروح ونصوص الدستور، وعلى مبادئ تداول السلطة، والفصل بين السلطات، واستقلالها، ومدنية الدولة".
وتابعت بالقول: "على الرغم من حالة الرفض والسخط المجتمعي لتعديلات الدستور، استمر البرلمان في خطته وإجراءاته، وصولاً إلى البدء في عقد جلسات تتعارض مع مبدأ الحوار المجتمعي، وإتاحة الفرصة لكافة القوى الحية في المجتمع من أحزاب سياسية، ونقابات، ومجتمع مدني، وشخصيات عامة، من المشاركة بحرية، أو التفاعل الديمقراطي مع جميع قطاعات الشعب، وفي كل المواقع، وفتح المنافذ الإعلامية بحرية وشفافية للجميع".
وسبق أن أرسلت الحركة المعارضة خطاباً إلى رئيس "المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام" في مصر مكرم محمد أحمد، تطالبه فيه بـ"حصة متساوية" في وسائل الإعلام خلال مناقشات تعديلات الدستور، "تمسكاً منها بعدم إهدار حق عامة المواطنين ومؤسسات المجتمع في التعبير الحرّ عن مختلف الآراء المتصلة بالشأن العام، سواء كانت بالقبول أو الرفض أو التحفظ، استناداً إلى نصوص الموادّ 87 و72 و211 من الدستور".
وختمت الحركة قائلة: "إن إجراء تعديلات جوهرية على دستور مصر هو قضية مصيرية، وستحدد نتائجها مستقبل وطن بأكلمه، ومن المفترض أن تجرى في أجواء من الحرية والديمقراطية، وليست في أجواء من الإرهاب، والترويع، والحصار الإعلامي، على الآراء والرؤى المعارضة للتعديلات، ووسط خطاب ترهيب، وتخوين كامل، لكل المتمسكين بحماية دستور هذه البلاد، والمعارضين لتلك التعديلات".