أحكام الإعدام في البحرين أمام مجلس اللوردات البريطاني: هل تفعّل العقوبات؟

08 يوليو 2020
يواجه محمد رمضان وحسين موسى حكمين بالإعدام (تويتر)
+ الخط -

قبل أقلّ من أسبوع على مثول المعارضَين البحرينيَّين محمد رمضان وحسين موسى أمام محكمة التمييز البحرينية يوم الإثنين المقبل، في فرصة أخيرة لاستئناف حكم الإعدام الصادر بحقّهما، عقد مجلس اللوردات البريطاني جلسة طارئة، اليوم الأربعاء، ناقش خلالها قضيّة رمضان وموسى، في وقت شددت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية على أنه ينبغي على البحرين الإفراج عن الرجلين، أو إعادة محاكمتهما في إجراء قضائي يستوفي معايير المحاكمة العادلة.

ويبدو أنّ قضيّة محاكمة المعارضين البحرينيّين، وأحكام الإعدام الصادرة بحق بعضهم، تفرض نفسها على أجندات المجتمع الدولي، إذ حذّر الناشط ومدير معهد البحرين للحقوق والديمقراطية (بيرد)، ومقرّه لندن، سيد أحمد الوداعي، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، من أنّ تأييد البحرين لأحكام الإعدام بحق معارضين سياسيين، واعتماده أداة للانتقام، لن يمرّ من دون شجب وإدانة من قبل حلفائها، حتّى إنّ بريطانيا قد توقف أي تدريب تقني تقدّمه للبحرين، مشيراً إلى أنّ هذا أمر تنظر فيه الحكومة بجديّة.

وقال الوداعي: "البحرين تدرك أنها حليف استراتيجي لبريطانيا، والحملة في هذه المرحلة، ستكون كبيرة وعالمية، وستدرك البحرين أنّها إذا اقترفت حماقة وأقدمت على تأييد الإعدام، فستكون للأمر تبعات على علاقاتها الدولية، وستتلطخ سمعتها المشوهة أصلاً، أكثر"، لافتاً إلى أنّ الحكومة البريطانية تجد نفسها اليوم أمام مساءلة جادة من قبل أعضاء البرلمان، خصوصاً مع ازدياد فاحش بأحكام الإعدام، والحكم بإعدام ضحايا تعذيب، وتأييد حكم الإعدام بحق آخرين.

وتحدث الوداعي لـ"العربي الجديد" عن الجلسة التي تعقد الإثنين المقبل، والتي تعتبر فرصة أخيرة لاستئناف حكم الإعدام الجائر، بحسب وصف "هيومن رايتس ووتش"، قائلاً: "نحن نتعامل مع نظام مماطل، والمحكمة تفتقد إلى حدّ أدنى من المصداقية والاستقلالية، وسنكون أمام قرار سياسي"، معتبراً أنّ الضغط البريطاني والدولي قد يجبر الحكومة البحرينية على تأجيل قرار تأييد حكم الإعدام، مشدداً على أنّ قرار التأييد ستكون له عواقب حقيقية على الدولة البحرينية.

وتطرّق الوداعي في معرض حديثه إلى طرح إحدى البارونات في جلسة مجلس اللوردات البريطاني موضوع تفعيل قانون العقوبات ضدّ البحرين في حال أقدمت على تأييد قرار الإعدام، مشيراً إلى أنه إذا لجأت البحرين إلى هذا القرار، فستكون الخيارات أمام بريطانيا مفتوحة.

 

 

دعوة لتحقيق مستقلّ

وناشدت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية، في تقرير اليوم الأربعاء، حلفاء البحرين، بمن فيهم الولايات المتحدة وبريطانيا، الضغط على البحرين للسماح لخبراء أمميين بالتحقيق بشكل مستقل في مزاعم موسى ورمضان بشأن التعذيب، مشددة على أنه ينبغي للبحرين الإفراج عن الرجلين، أو إعادة محاكمتهما في إجراء قضائي يستوفي معايير المحاكمة العادلة. وأكدت المنظمة أنها تعارض عقوبة الإعدام في كلّ الظروف، بسبب طبيعتها القاسية وكونها لا رجوع عنها.

وعلّق الوداعي على دعوة المنظمة الحقوقية لتحقيق أممي مستقل، مؤكداً أنّ إمكانية إجراء هكذا تحقيق في البحرين أمر غير واقعي، فالبلاد ترفض منذ عام 2011 استقبال أي مقرّر مستقل من الأمم المتحدة، وتحديداً المقرّر الخاص بقضايا التعذيب، الذي مُنع من دخول البلاد وألغيت زياراته سابقاً. وأكد أنّ الحكومة البحرينية تضرب بعرض الحائط أي نوع من الخطابات، بغضّ النظر عن الجهة التي توجهها إليها.

ورأى أن الدعوة إلى تحقيق مستقل في البحرين تشبه القول إن السعودية ستجري محاكمة مستقلة لقتلة الصحافي جمال خاشقجي، في حين أنّ الجميع يعرف الإجابة عن هذا الأمر.

 

"فرصة أخيرة"

ومن المقرّر أن يمثل رمضان أمام محكمة التمييز البحرينية - محكمة الملاذ الأخير - الاثنين، في فرصة هي الأخيرة لاستئناف حكم الإعدام. وأكدت "هيومن رايتس ووتش" أن هذه لم تكن المرة الأولى التي تنظر فيها محكمة التمييز في قضية محمد رمضان وحسين موسى، إذ حكمت محكمة جزائية على الرجلين بالإعدام في 2014 بتهمة قتل شرطي واتهامات أخرى بالإرهاب، على الرغم من إفادة الرجلين بقيام عناصر الأمن بتعذيبهما والاعتداء عليهما جنسياً لدفعهما إلى الاعتراف. ورفض رمضان التوقيع على الاعتراف، أما موسى، فقال إنه أخبر المحققين بما يريدون سماعه، فورّط رمضان، لأنه كان يعاني من المحققين الذين ركلوه مراراً بين الفخذين.

وأيّدت محكمة التمييز حكمَي الإعدام في نوفمبر/ تشرين الثاني 2015، لكن "وحدة التحقيقات الخاصة" التابعة للنيابة العامة، التي أجرت تحت الضغط تحقيقاً في مزاعم التعذيب، "وجدت" تقريراً طبياً لطبيب بوزارة الداخلية، لم يُذكر سابقاً، يوثق الإصابات في معصمَي موسى. وذكر التقرير أن الإصابات تثير شكوكاً حيال تعرضه للاعتداء وسوء المعاملة، مضيفاً أن هناك شكاً حول جريمة تعذيب تمت بقصد إجبارهما على الاعتراف بارتكاب الجريمة التي اتُهما بها، بحسب "هيومن رايتس ووتش".

وأشار تقرير المنظمة إلى أنه بعد أن استندت محكمة التمييز إلى هذا الدليل الجديد، وأسقطت حكمَي الإعدام في أكتوبر/ تشرين الأول 2018، أعادت محكمة استئناف في يناير/ كانون الثاني 2020 إدانتهما وحكمَي الإعدام، وفعلياً، أعادت المحكمة كتابة أدلة الحكومة نفسها لتحذف تعذيب موسى، في انتهاك للحقوق الأساسية للرجلين.

ضغط بريطاني

وعلت الدعوات للحكومة في مجلس اللوردات البريطاني، اليوم الأربعاء، للضغط على السلطات البحرينية من أجل إرجاء الحكم بحق الرجلين.

وشددت البارونة فرانسيس دسوزا على أنه على الحكومة إصدار احتجاج قوي علناً، مشيرة إلى أن البحرين تعتمد سياسة تعذيب الناشطين في مجال حقوق الإنسان.

بدوره، قال عضو مجلس اللوردات، "الليبرالي الديمقراطي" بول سكريفن إنه على الحكومة البريطانية أن تقبل بفشل دعمها لنظام العدالة الجنائية البحريني، ووقفه في حال تمّ تأييد أحكام الإعدام.

أمّا البارونة ميتا رامساي، من حزب "العمال"، فقالت إنه على وزارة الخارجية أن "تضع فمها" حيث تذهب الأموال البريطانية، وأن تضمن وقف تنفيذ حكم الإعدام، وتأمين محاكمة عادلة للرجلين.

وردّ وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية اللورد طارق أحمد، من جهة الحكومة، بالقول إنّ المملكة المتحدة "قلقة للغاية" من أحكام الإعدام، وكانت تقدّم احتجاجات على أعلى المستويات.

المساهمون