في دكّانه المتواضع في مخيّم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين، في جنوب لبنان، بعد مرور 41 عاماً على النكبة، يروي أحمد حسين حكاية لجوئه هو وأسرته. بالنسبة إليه، فإنّ "الأعوام مضت ونحن في انتظار العودة"... وما زال يأمل. وإلى أن تحين العودة، يحاول اليوم تأمين ما يسدّ رمقه في دكّانه، بعدما زوّج بناته الأربع.
يقول حسين: "كنت في الخامسة من عمري عندما بدأ العدوان علينا. أنا من مواليد عام 1943، من بلدة الحولة (شمالي فلسطين المحتلة)، وأبي كان يعمل في الزراعة شأنه شأن كثيرين من أهل القرية". يضيف أنّه "مع بداية النكبة، راح الصهاينة يطلقون الرصاص نحو قريتنا، وصاروا يهددوننا حتى نترك بيوتنا وقريتنا ونخرج منها. فاضطررنا إلى ترك الحولة خوفاً من أن يفتكوا بنا وتوجّهنا نحو لبنان سيراً على الأقدام. كانت الرحلة شاقة جداً، وكان الجوع والعطش ينهكاننا".
يضيف الرجل السبعيني: "وصلنا بداية إلى مرجعيون في الجنوب اللبناني، ومنها انتقلنا إلى الخيام ثمّ إلى النبطية في الجنوب كذلك. وفي وقت لاحق توجّهنا إلى الدامور وهي بلدة ساحلية لا تبعد كثيراً عن العاصمة بيروت". لم ينتهِ الترحال هناك، ويتابع حسين أنّه "من الدامور توجّهنا إلى مخيّم تل الزعتر (شرقي بيروت) حيث مكثنا فيه إلى حين تدميره بالكامل. وفي النهاية لجأنا إلى مخيّم عين الحلوة في مدينة صيدا الجنوبية.
يؤكّد حسين أنّ "حياتنا لم تكن سهلة، لا سيّما أوضاعنا المعيشية. لم تُتَح الفرصة لنا حتى نتعلّم، واضطررنا إلى النزول إلى معترك العمل لمساعدة والدي في تحمّل نفقات الحياة التي لم ترحمنا يوماً". ويشير إلى أنّه "لمّا تركنا مخيّم تلّ الزعتر واستقرت بنا الحال في مخيّم عين الحلوة، كنّا كمن انطلق في حياة أخرى. من جهتي، عملت في دكان وتزوّجت وأنجبت أربع بنات". أمّا اليوم، فيعيش حسين وحيداً في المخيّم بعد تزويج بناته، يملك دكّاناً خاصاً به، ويعيش في بيت يملكه، "لكنّني أعيش كل يوم بيومه وبحسب ما تعطيني إياه الحياة"، بحسب ما يقول.
من جهة أخرى، يعبّر حسين عن امتنانه لأنّه عاش أولى سنوات حياته في وطنه، حيث غمرت طفولته شمس فلسطين ودفء حقولها الواسعة، وهو يأمل ألا تتأخّر عودته إلى الوطن. هو تعب من اللجوء والوحدة ومن خسارة كلّ شيء جميل... لا سيّما الوطن. كذلك خسر حسين في اللجوء إخوته الذين استشهدوا بعيداً عن الوطن. ويأسف اللاجئ السبعيني لأنّه، في حال لم يتمكّن من العودة إلى فلسطين، سوف يوارى في "ثرى غريب".