"والله زمان يا عمرو"، بهذه الجملة، بدأ المهندس أحمد عز، القيادي السابق في الحزب الوطني المنحل، مداخلته الهاتفية مع عمرو أديب على قناة "أوربيت"، في رسالة واضحة لعودة زمان أحمد عز ونظامه.
خلال المداخلة التي اتخذت شكل المباراة بين الطرفين، فجّر أحمد عز أكثر من مفاجأة من العيار الثقيل. وحاول أديب خلالها الفوز على عز ولو بالنقاط، ولكنه فشل أمام هدوء عز الشديد، ودبلوماسية ردوده. إذ ظل محتفظاً بهدوئه، ليظهر الضيق على وجه أديب ويصر على مهاجمته، قبل أن يُنهي عز المداخلة من طرفه.
وتمثّلت المفاجأة الأولى في إعلان عز عن محاولات أغلب الأحزاب المصرية الحالية التقارب مع أعضاء الحزب السابقين، وأنها تسعى إلى تصدر فلول الحزب الوطني لقوائمها، قبيل الانتخابات البرلمانية المقبلة. وهو ما يكشف عن افتقارهم الشعبية المطلوبة لخوض الانتخابات، وعدم ممانعتهم في الاستعانة بالحزب الذي قامت ضده ثورة 25 يناير.
كانت المفاجأة الثانية في المداخلة، والتي تكشف مدى الصراع بين "الأذرع الإعلامية"، هي كشف عز عن الحلقات التي قام بتسجيلها مع أسامة كمال على قناة "القاهرة والناس"، والتي وصلت إلى ستّ حلقات، تدخل في إطار تلميع وتبييض وجه أمين الحزب الوطني المنحل. وقد تم تسجيل الحلقات الأربعاء الماضي، لكن القناة اتصلت به لتخبره بعدم عرضها من دون توضيح الأسباب.
وكانت مصادر من داخل "القاهرة والناس" أكدت لمنصات إخبارية عدة، أن السبب الحقيقي وراء منع إذاعة حوار عز، هو "عدم التأثير على الناخبين"، خصوصاً مع اقتراب الانتخابات البرلمانية. وأضافت أن العاملين في القناة فوجئوا بمنع إذاعة الحلقات، والتي لا تحمل مجاملة لعز، على حد تعبير المصدر.
من جهته، أشار عمرو أديب إلى الفيديو الذي عرضه وائل الإبراشي حول قيام مواطنين في دائرته بحرق بطاطين وزعها عز عليهم، فرد عز بوجود فيديو آخر يسجّل اعترافات حول المحرِّضين على الحرق.
ولم تتأخر الوسائل الإعلامية المقربة من عزّ في الردّ، فبدأت تعمل فور تصريحه لأديب. وعلى رأس هذه المؤسسات "اليوم السابع"، فكان ردها سريعاً، حيث نشرت فيديو لسيدة ظهرت في فيديو حرق "البطاطين"، تعترف بأن هناك من حرضها على الظهور على الإعلام، وقام بتلقينها الكلام مقابل أموال، من دون أن تعرف أن عز هو المستهدف بذلك.
وكان وائل الإبراشي قد أذاع تقريراً في برنامجه عن رفض المواطنين تقديم أحمد عز أوراقه للترشح لانتخابات البرلمان المقبلة، وكذلك حرقهم "البطاطين" التي وزعها عليهم، تضامناً مع ثورة يناير وشهدائها، ورفضهم عودة النظام القديم.
وفي محاولة من أديب للهجوم على عز، وصفه بأنه من رموز الحزب الذي قامت ضده الثورة، وهو ما اعترف به عز بصراحة يحسد عليها. وقال: "أعتذر لغضب الجماهير في 25 يناير، لكن الثورة أفرزت الديمقراطية التي لا تُقصي أحدا، ولو كان رمزاً من رموز من قامت عليهم الثورة". وبدا واثقاً من الفوز، وأرجعها إلى "إنجازاته في دائرته"، التي تجعله يثق في نجاحه، حسب تعبيره، ونفى أن من سينتخبه هم عمال مصانعه فقط، كما ادعى أديب.
وفي سؤال حول علاقته بالنظام الحالي، أكد عز أنه "يُكن كل التأييد والاحترام للإجراءات التي تمت في يونيو ويوليو 2013"، في إشارة إلى عزل الرئيس محمد مرسي، لكنه أكد عدم وجود أي نوع من الاتصال بينه وبين أحد من النظام الحالي، مردداً عبارة "أنا بمفردي، ولا أتفهم الضجة على عضو في مجلس يضم أكثر من 500 عضو".
وحاول جاهداً أديب إثناءه عن ترشحه للانتخابات البرلمانية، بدعوى "إحراج النظام"، وهو ما رفضه تماماً، طالباً ترك الديمقراطية تحكم.
ولم تغب مواقع التواصل عن صراع الأذرع الإعلامية، فتراشقت عدة حسابات بنشر الفيديوهات الخاصة بعز، سواء الخاصة بالمداخلة مع أديب، أو الخاصة بـ"البطاطين" و"البطاطين" المضادة، في شكل من أشكال المكايدات السياسية، ولكن عبر الحسابات المؤيدة لكل طرف.
أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، معتز عبدالفتاح، علق على المداخلة قائلاً: "أظن أن الانتخابات ستؤجَّل حتى مايو/أيار المقبل على الأقل. أظن أن أحمد عز لن يُسمح له بنزول الانتخابات". وعلق ناشط آخر: "مع أن موقفي واضح تماماً ضد كل رموز نظام مبارك المتورطين في أي فساد مالي أو سياسي، وعلى رأسهم أحمد عز، إلا أنه أفحم عمرو أديب، ولعب بقواعدهم اللي هما بيتاجروا بيها".
وعن صراع الأذرع الإعلامية، علق الناشط خالد عبدالحميد: "في جهاز في البلد كان عايز أحمد عز يظهر في التلفزيون، فجه جهاز تاني ومنعه من الظهور، كل ده طبعاً في قناة جهاز برده.. مملكة الطوائف والأجهزة". في حين علقت إحدى المغردات قائلة: "الإبراشي جايب أهالي مدينة السادات وهما بيحرقوا بطاطين أحمد عز... عايزين الإعلام يهاجم أحمد عز ويطالبه يقعد في بيته، بتكتب ورايا يا أحمد؟!".