ففي بداية شهر رمضان، تمّ بثّ درس ديني من الأرشيف، يكيل فيه صاحب الدرس مديحاً ودعاء للرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي وزوجته، ما أثار موجة من الغضب وصل صداها إلى البرلمان التونسي. الأمر الذي دفع الإدارة العامة للتلفزيون الرسمي التونسي إلى فتح تحقيق وإقالة مدير القناة الأولى فارس لزهر.
وكان الجميع يعتقد أن الأمر سيتوقف عند هذا الحد بعد الإجراءات الردعية التي اتخذتها الإدارة. لكنّ المشاهدين فوجئوا مساء أمس الثلاثاء ببثّ أذان الصبح بدلاً من أذان المغرب، إذ ذُكر فيه عبارة "الصلاة خير من النوم". وأثار هذا الخطأ موجةً جديدة من التعليقات التي جمعت بين التهكم والغضب مما آلت إليه الأمور في التلفزيون الرسمي التونسي بعد سلسلة من الأخطاء غير المعهودة.
ولم تصدر الإدارة العامة للتلفزيون الرسمي أي توضيح حول ما حصل، في حين عبّر الكثير من العاملين في التلفزيون التونسي في نقاشاتهم ضمن مجموعة مغلقة في "فيسبوك" عن استغرابهم مما يحصل. فيما تبادل البعض الاتهامات حول الأمر، معتبرين أنّ الغاية مما يحصل إفشال عملية الإصلاح التي يشهدها التلفزيون والتي بدأت ملامحها تتضح من خلال نجاح البرمجة الرمضانية هذه السنة، تحديداً الأعمال الدرامية التي أنتجها التلفزيون الرسمي بعد سنوات عجاف خرج فيها من خارطة المنافسة التلفزيونية الرمضانية.
هذا في حين رأى البعض الآخر أن الخطأ بشري ولا ينبغي تحميل المسألة أكثر مما تحتمل، معتبرين أنّه كان واجباً تلافيه من خلال تنظيم أكثر لعملية المراقبة الذاتية للمضامين التلفزيونية قبل بثها.
عملية "المخاض" التي يعيشها التلفزيون الرسمي التونسي قد تؤدي إلى مزيد من المشاكل داخله، خصوصاً أمام تعالي بعض الأصوات التي تحذّر من رغبة بعض الأطراف السياسية في السيطرة عليه، أشهراً قبل الانتخابات الرئاسية والتشريعية.
إذ اتهمت عضو المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين، فوزية الغيلوفي، حزب حركة النهضة بالرغبة في السيطرة على التلفزيون الرسمي. وقالت "برنامج ديني أخرج من مقبرة الأرشيف، النهضة تتألّم وتتكلّم... أذان الصبح يمرّر عوض أذان المغرب، النهضة ستنفجر ساخطة وتطالب بإقالة كل المسؤولين وتنصيب حماة للدّين والوطنيّة، سبحان الواحد الأحد الأخطاء لا تحصل إلاّ في الفقرات الدينية، سبحان الله... مؤسف أن يتمّ تدمير التلفزة التونسية بأيدي أبنائها لصالح من طالب ببيعهم يوماً ليس ببعيد".