يُعدّ الحكواتي الجزائري المحترف أدير فارس (28 عاماً) المتخصص النفسي الوحيد في الجزائر الذي يستخدم الحكاية كعلاج نفسي للأطفال المعوّقين ذهنياً.
بعد خوضه دورات تدريبية عديدة في الجزائر وفرنسا، بات يدمج تقنياته في المهنتَين ليساعد الأطفال في المراكز المتخصصة ويؤمن لهم المتعة. كذلك، يهتم فارس بالقضايا الإنسانية وحقوق الأطفال في الجزائر. ومن هؤلاء اللاجئون، على الرغم من الصعوبات التي تواجهه في هذا السبيل والعقبات التي تضعها السلطات الجزائرية في طريقه. لا يبالي بذلك ويخوض تجربته حتى النهاية. حتى أنّه يواصل اليوم رحلة من أجل السلام في عشر ولايات جزائرية، ويسافر بإمكاناته الخاصة من أجل ترسيخ روح القراءة والكتابة لدى الأطفال. وقد أنجز للتو ثالث ولاية في رحلته الطويلة.
يعمل فارس في رحلاته تلك مع اللاجئين السوريين والأفارقة في الجزائر. يقول لـ"العربي الجديد": "المهنتان تكمّلان بعضهما بعضاً بالنسبة إليّ. فأنا حكواتي مع ذلك، متخصص في البسيكودراما. أعيش المهنتين معاً بحبّ ومسؤولية وإبداع". يتابع: "بالنسبة إلى الأطفال اللاجئين، ليس من السهل التعامل معهم لأنّ الدولة الجزائرية تمنع أيّ مساعدات فردية لهم، وترى أن ذلك شأن الدولة. وجدت صعوبات جمة، لكنّ ذلك لم يمنعني من إجراء زيارات دورية الى أماكن تواجدهم.. أفتح حوارات معهم وأشركهم في الحكايات التي أرويها. وأجمع مع أصدقائي من طلاب الجامعات كوبونات (قسائم) الطعام لأوزعها عليهم لتناول وجبات يومية. وقد قدّمنا لبعضهم علاجاً نفسياً وحصصاً تعليمية عديدة. كذلك نظمنا أمسيات للحكاية والتسلية بالنسبة إلى الأفارقة. واقتصرت مساهمتنا أنا وبعض زملائي على المساعدات الغذائية بسبب عائق اللغة والاختلاف الثقافي".
يشير إلى أنّ فكرة مساعدة اللاجئين أثبتت نجاحها. فقد بدأت مع مجيئهم إلى مدينة بجاية (شمال) لتقتصر المساعدات أولاً على النواحي المادية. وبعد مجيء السوريين، تواصلت المساعدات المادية بزخم أكبر لكنّها تعدتها مساعدات نوعية أخرى أهمها ورش الرسم والكتابة.
وترتدّ هذه المساعدات إيجابياً على اللاجئين. يقول: "هنالك انسجام رائع بيننا ومتعة متبادلة.. الارتياح واضح من تفاعلهم الجميل معنا وتواصلهم مع ما نقدمه". مع ذلك، يجد فوارق واضحة ما بين الأطفال السوريين والأفارقة، "فالمستوى التعليمي للأطفال الأفارقة أقل، كما أنّ الانسجام معهم اجتماعياً ونفسياً أكثر صعوبة". يتابع: "بالنسبة إلى السوريين، لا نواجه أيّ مشاكل معهم، بحكم اللغة المشتركة، والعادات القريبة، بالإضافة إلى مستواهم التعليمي الجيد، وكذلك انسجامهم السريع مع مكونات المجتمع الجزائري".
لا تقدم السلطات الجزائرية أيّ مساعدة لفارس ومن معه، "لكن جمعيات كالهلال الأحمر الجزائري ساعدتنا. السلطات ليست راضية أساساً عن مبادراتنا".
لفارس ميزة على باقي الحكواتيين في الجزائر، أو الحكواتيات تحديداً. يقول: "على عكس بعض البلدان مثل سورية والسويد وفرنسا واليونان، فإنّ عمل الحكواتي في المجتمع الجزائري والأمازيغي خصوصاً، اختصاص نسائي. هنا عدد الحكواتيين الذكور قليل مقارنة بعدد النساء".
مع ذلك، فإنّ دراسات أنثروبولوجية تؤكد على أنّ مهنة الحكواتي في الماضي كانت مرتبطة بالرجل، وليس أيّ رجل، بل الحكيم. يتحدث فارس عن ذلك: "في المجتمع الأمازيغي كان الرجال يجتمعون كلّ يوم جمعة في مكان يسمى تاجماعث، بهدف مناقشة أوضاع الجماعة. وعلى الحكيم أن يحكي حكاية، ومن خلالها يستدل رجال الجماعة على الموضوع الذي سيناقشون فيه".
ويشير فارس إلى أنّ الحكاية الأمازيغية أصيلة ولها تراث كبير. وهي تجسد أساطير كثيرة، وكذلك العادات التي ما زال المجتمع الأمازيغي يتبعها. وينبّه إلى حكايات ذاع صيتها مثل الحكاية التي غناها الفنان آدير "افافا انوفا". أما الحكايات الجزائرية غير الأمازيغية، فمنتشرة في مختلف البلاد العربية الأخرى مثل حكايات كليلة ودمنة.
اقرأ أيضاً: عاطلون جزائريون يحتجون بتقطيع أجسادهم
بعد خوضه دورات تدريبية عديدة في الجزائر وفرنسا، بات يدمج تقنياته في المهنتَين ليساعد الأطفال في المراكز المتخصصة ويؤمن لهم المتعة. كذلك، يهتم فارس بالقضايا الإنسانية وحقوق الأطفال في الجزائر. ومن هؤلاء اللاجئون، على الرغم من الصعوبات التي تواجهه في هذا السبيل والعقبات التي تضعها السلطات الجزائرية في طريقه. لا يبالي بذلك ويخوض تجربته حتى النهاية. حتى أنّه يواصل اليوم رحلة من أجل السلام في عشر ولايات جزائرية، ويسافر بإمكاناته الخاصة من أجل ترسيخ روح القراءة والكتابة لدى الأطفال. وقد أنجز للتو ثالث ولاية في رحلته الطويلة.
يعمل فارس في رحلاته تلك مع اللاجئين السوريين والأفارقة في الجزائر. يقول لـ"العربي الجديد": "المهنتان تكمّلان بعضهما بعضاً بالنسبة إليّ. فأنا حكواتي مع ذلك، متخصص في البسيكودراما. أعيش المهنتين معاً بحبّ ومسؤولية وإبداع". يتابع: "بالنسبة إلى الأطفال اللاجئين، ليس من السهل التعامل معهم لأنّ الدولة الجزائرية تمنع أيّ مساعدات فردية لهم، وترى أن ذلك شأن الدولة. وجدت صعوبات جمة، لكنّ ذلك لم يمنعني من إجراء زيارات دورية الى أماكن تواجدهم.. أفتح حوارات معهم وأشركهم في الحكايات التي أرويها. وأجمع مع أصدقائي من طلاب الجامعات كوبونات (قسائم) الطعام لأوزعها عليهم لتناول وجبات يومية. وقد قدّمنا لبعضهم علاجاً نفسياً وحصصاً تعليمية عديدة. كذلك نظمنا أمسيات للحكاية والتسلية بالنسبة إلى الأفارقة. واقتصرت مساهمتنا أنا وبعض زملائي على المساعدات الغذائية بسبب عائق اللغة والاختلاف الثقافي".
يشير إلى أنّ فكرة مساعدة اللاجئين أثبتت نجاحها. فقد بدأت مع مجيئهم إلى مدينة بجاية (شمال) لتقتصر المساعدات أولاً على النواحي المادية. وبعد مجيء السوريين، تواصلت المساعدات المادية بزخم أكبر لكنّها تعدتها مساعدات نوعية أخرى أهمها ورش الرسم والكتابة.
وترتدّ هذه المساعدات إيجابياً على اللاجئين. يقول: "هنالك انسجام رائع بيننا ومتعة متبادلة.. الارتياح واضح من تفاعلهم الجميل معنا وتواصلهم مع ما نقدمه". مع ذلك، يجد فوارق واضحة ما بين الأطفال السوريين والأفارقة، "فالمستوى التعليمي للأطفال الأفارقة أقل، كما أنّ الانسجام معهم اجتماعياً ونفسياً أكثر صعوبة". يتابع: "بالنسبة إلى السوريين، لا نواجه أيّ مشاكل معهم، بحكم اللغة المشتركة، والعادات القريبة، بالإضافة إلى مستواهم التعليمي الجيد، وكذلك انسجامهم السريع مع مكونات المجتمع الجزائري".
لا تقدم السلطات الجزائرية أيّ مساعدة لفارس ومن معه، "لكن جمعيات كالهلال الأحمر الجزائري ساعدتنا. السلطات ليست راضية أساساً عن مبادراتنا".
لفارس ميزة على باقي الحكواتيين في الجزائر، أو الحكواتيات تحديداً. يقول: "على عكس بعض البلدان مثل سورية والسويد وفرنسا واليونان، فإنّ عمل الحكواتي في المجتمع الجزائري والأمازيغي خصوصاً، اختصاص نسائي. هنا عدد الحكواتيين الذكور قليل مقارنة بعدد النساء".
مع ذلك، فإنّ دراسات أنثروبولوجية تؤكد على أنّ مهنة الحكواتي في الماضي كانت مرتبطة بالرجل، وليس أيّ رجل، بل الحكيم. يتحدث فارس عن ذلك: "في المجتمع الأمازيغي كان الرجال يجتمعون كلّ يوم جمعة في مكان يسمى تاجماعث، بهدف مناقشة أوضاع الجماعة. وعلى الحكيم أن يحكي حكاية، ومن خلالها يستدل رجال الجماعة على الموضوع الذي سيناقشون فيه".
ويشير فارس إلى أنّ الحكاية الأمازيغية أصيلة ولها تراث كبير. وهي تجسد أساطير كثيرة، وكذلك العادات التي ما زال المجتمع الأمازيغي يتبعها. وينبّه إلى حكايات ذاع صيتها مثل الحكاية التي غناها الفنان آدير "افافا انوفا". أما الحكايات الجزائرية غير الأمازيغية، فمنتشرة في مختلف البلاد العربية الأخرى مثل حكايات كليلة ودمنة.
اقرأ أيضاً: عاطلون جزائريون يحتجون بتقطيع أجسادهم