تقسو الحياة على أرامل "شهداء الجيش العربي السوري"، كما يطلق عليهن النظام. صحيح أنه يمنحن تعويضاً مالياً ليستطعن متابعة حياتهن وتربية أطفالهن، إلا أن هذه المبالغ القليلة غالباً ما تسرق من جهات عدة، فيلجأن للمساعدات.
استيقظت سحر على خبر مقتل زوجها في منطقة جوبر في دمشق؛ نتيجة الاشتباكات مع كتائب الجيش الحر خلال صيف عام 2012. كانت فاجعة بالنسبة إليها بعدما خسرت "رفيقاً وحبيباً وأباً لطفل عمره ثلاثة أشهر". لكنها لم تفكر حينها بما سيؤول إليه حالها بعد ثلاثة أشهر من وفاته. لم تفكر بمن سيعينها على الحياة من بعده.
يمنحُ النظام عائلات "شهداء الجيش العربي السوري"، كما يسميها، مبالغ مادية تبدأ من 300 ألف ليرة للميليشيات المقاتلة في صفوفه، وتنتهي بمليون ليرة في حال كان مجنداً في الجيش، وما يزيد على مليون ليرة في حال كان ضابطاً في الجيش.
أمضت سحر، التي تسكن إحدى قرى محافظة طرطوس، مدة ثلاثة أشهر في ضيافة أهل زوجها قبل أن ترحل إلى منزل أهلها. لم تكن تدرك حجم المصيبة. قال لها والد زوجها: "سنرسل إليك 200 ألف من تعويض زوجك، وأنت دبري حالك". تحكي سحر عن تجربتها بمرارة، تقول لـ "العربي الجديد": "التعويض الذي منحه الجيش لزوجي هو مليون ليرة. وعمي لم يرسل لي سوى هذا المبلغ"، مبينة أن زوجها "تطوع في الجيش عن قناعة وبسبب حبه للوطن. لكن لم يساعدها أحد من أهالي قريتها. كما أن وضع أهلها المادي سيئ للغاية، مما اضطرها إلى الاعتماد على الإعانات لتُعيل طفلها".
حالُ سحر لا يختلف عن حال زوجات العديد من قتلى الجيش، منهم سناء التي توفي زوجها في زملكا عام 2013. تخلّت عائلة الزوج عنها، وصارت تضطر للانتظار أربع ساعات للحصول على مساعدات من الهلال الأحمر، لافتة إلى أنها "تقوم ببيعها لتوفير المازوت لفصل الشتاء، والخبز والطعام ومستلزمات ابنها الذي يبلغ من العمر أربع سنوات".
ذلّ
اختفى زوج رهام شتاء عام 2013، عندما كان يقاتل في صفوف "جيش الدفاع الوطني" في جبل الزاوية في إدلب لمدة شهرين، قبل أن ينتشر لاحقاً خبر وفاته من دون أن يرسل لها الجيش برقية تؤكد الأمر، على حد قولها. تُقيم رهام في إحدى قرى جبلة. لم تحصل على أي تعويض بعد وفاة زوجها، رغم أنها أم لثلاثة أطفال في المرحلة الابتدائية. تقول: "لم يهتم أحد من أهل زوجي بي. وبعد مكوثها في منزلهم مدة خمسة أشهر، قالوا لها إن شقيق زوجها المتوفي سيتزوج وعليها إخلاء الغرفة". تتابع: "لم أعلم أين أذهب. لم أجد غير الاستعانة بالهلال الأحمر، أو الحصول على مساعدات من أهل القرية. فبدل إيجارات المنازل مرتفعة، وحالتي النفسية سيئة جداً ولا أعلم ما يجب فعله".
في المقابل، تشرحُ راما المضايقات التي تتعرض لها من قبل أهالي القرية. تقول إنها "مراقبة طوال الوقت. تكثر الشكوك حولها علماً أنها زوجة شهيد". أما رنا فتلفت إلى أنها "في حال أرادت الخروج، تشعر أن الجميع يراقبها". مع ذلك، فتجربتها مختلفة قليلاً. على الأقل، هي "ليست بحاجة لإعانات أو تعويض لأن أهل زوجها احتضنوها. لكنهم يخشون كلام الناس جداً". يقولون لها: "سمحنا ببقائك في منزلنا لأننا نخاف كلام الناس، وخصوصاً أنك أرملة الآن".
مزاد علني
اتخذت ليال قرار الإجهاض بعدما سمعت خبر مقتل زوجها في الغوطة، بعد مرور شهرين فقط من زواجهما. تقول لـ "العربي الجديد": "قتلوا زوجي وسرقوا حياتي. أشعر أنني أشبه قطعة أثرية تنتظر أن تباع في مزاد علني". تتابع بحنق: "يرغب الشباب بالزواج من أرامل الشهداء. وتذكر أنها سمعت عبارة قالها شاب في إحدى الأيام: تزوجها وهي ستدفع لك كل شيء. ستُعطيك المال لشراء المنزل". وتشير إلى أنه "في حال طلبها أحد للزواج، ستقبل لتهرب من شعور الذل هذا".
أما سماهر، التي تملك صيدلية في مدينة جبلة، فرفضت الحصول على تعويض بعد وفاة زوجها في منطقة عقربا في ريف دمشق، رغم أن ابنتها تبلغ من العمر سنتين فقط. عاشت سماهر مع زوجها قصة حب لمدة سنتين تكللت بالزواج. ترى أن قبولها بالتعويض هو بمثابة "حصولها على سعر حبها له". توضح: "لدي عمل ولا أحتاج إلى أي تعويض من أي كائن".
من جهتها، توضح إحدى الناشطات من الساحل السوري رفضت الكشف عن اسمها إن "حال الأرامل واحد في كل أنحاء سورية. حتى أن إحداهن اضطرت لإرسال أطفالها للعمل، علماً أنهم ما زالوا في المرحلة الابتدائية". وتلفت إلى أن "الضباط يسرقون الإعانات ويبيعونها، فيما تضطر الأرامل إلى الانتظار طويلاً قبل الحصول عليها".
استيقظت سحر على خبر مقتل زوجها في منطقة جوبر في دمشق؛ نتيجة الاشتباكات مع كتائب الجيش الحر خلال صيف عام 2012. كانت فاجعة بالنسبة إليها بعدما خسرت "رفيقاً وحبيباً وأباً لطفل عمره ثلاثة أشهر". لكنها لم تفكر حينها بما سيؤول إليه حالها بعد ثلاثة أشهر من وفاته. لم تفكر بمن سيعينها على الحياة من بعده.
يمنحُ النظام عائلات "شهداء الجيش العربي السوري"، كما يسميها، مبالغ مادية تبدأ من 300 ألف ليرة للميليشيات المقاتلة في صفوفه، وتنتهي بمليون ليرة في حال كان مجنداً في الجيش، وما يزيد على مليون ليرة في حال كان ضابطاً في الجيش.
أمضت سحر، التي تسكن إحدى قرى محافظة طرطوس، مدة ثلاثة أشهر في ضيافة أهل زوجها قبل أن ترحل إلى منزل أهلها. لم تكن تدرك حجم المصيبة. قال لها والد زوجها: "سنرسل إليك 200 ألف من تعويض زوجك، وأنت دبري حالك". تحكي سحر عن تجربتها بمرارة، تقول لـ "العربي الجديد": "التعويض الذي منحه الجيش لزوجي هو مليون ليرة. وعمي لم يرسل لي سوى هذا المبلغ"، مبينة أن زوجها "تطوع في الجيش عن قناعة وبسبب حبه للوطن. لكن لم يساعدها أحد من أهالي قريتها. كما أن وضع أهلها المادي سيئ للغاية، مما اضطرها إلى الاعتماد على الإعانات لتُعيل طفلها".
حالُ سحر لا يختلف عن حال زوجات العديد من قتلى الجيش، منهم سناء التي توفي زوجها في زملكا عام 2013. تخلّت عائلة الزوج عنها، وصارت تضطر للانتظار أربع ساعات للحصول على مساعدات من الهلال الأحمر، لافتة إلى أنها "تقوم ببيعها لتوفير المازوت لفصل الشتاء، والخبز والطعام ومستلزمات ابنها الذي يبلغ من العمر أربع سنوات".
ذلّ
اختفى زوج رهام شتاء عام 2013، عندما كان يقاتل في صفوف "جيش الدفاع الوطني" في جبل الزاوية في إدلب لمدة شهرين، قبل أن ينتشر لاحقاً خبر وفاته من دون أن يرسل لها الجيش برقية تؤكد الأمر، على حد قولها. تُقيم رهام في إحدى قرى جبلة. لم تحصل على أي تعويض بعد وفاة زوجها، رغم أنها أم لثلاثة أطفال في المرحلة الابتدائية. تقول: "لم يهتم أحد من أهل زوجي بي. وبعد مكوثها في منزلهم مدة خمسة أشهر، قالوا لها إن شقيق زوجها المتوفي سيتزوج وعليها إخلاء الغرفة". تتابع: "لم أعلم أين أذهب. لم أجد غير الاستعانة بالهلال الأحمر، أو الحصول على مساعدات من أهل القرية. فبدل إيجارات المنازل مرتفعة، وحالتي النفسية سيئة جداً ولا أعلم ما يجب فعله".
في المقابل، تشرحُ راما المضايقات التي تتعرض لها من قبل أهالي القرية. تقول إنها "مراقبة طوال الوقت. تكثر الشكوك حولها علماً أنها زوجة شهيد". أما رنا فتلفت إلى أنها "في حال أرادت الخروج، تشعر أن الجميع يراقبها". مع ذلك، فتجربتها مختلفة قليلاً. على الأقل، هي "ليست بحاجة لإعانات أو تعويض لأن أهل زوجها احتضنوها. لكنهم يخشون كلام الناس جداً". يقولون لها: "سمحنا ببقائك في منزلنا لأننا نخاف كلام الناس، وخصوصاً أنك أرملة الآن".
مزاد علني
اتخذت ليال قرار الإجهاض بعدما سمعت خبر مقتل زوجها في الغوطة، بعد مرور شهرين فقط من زواجهما. تقول لـ "العربي الجديد": "قتلوا زوجي وسرقوا حياتي. أشعر أنني أشبه قطعة أثرية تنتظر أن تباع في مزاد علني". تتابع بحنق: "يرغب الشباب بالزواج من أرامل الشهداء. وتذكر أنها سمعت عبارة قالها شاب في إحدى الأيام: تزوجها وهي ستدفع لك كل شيء. ستُعطيك المال لشراء المنزل". وتشير إلى أنه "في حال طلبها أحد للزواج، ستقبل لتهرب من شعور الذل هذا".
أما سماهر، التي تملك صيدلية في مدينة جبلة، فرفضت الحصول على تعويض بعد وفاة زوجها في منطقة عقربا في ريف دمشق، رغم أن ابنتها تبلغ من العمر سنتين فقط. عاشت سماهر مع زوجها قصة حب لمدة سنتين تكللت بالزواج. ترى أن قبولها بالتعويض هو بمثابة "حصولها على سعر حبها له". توضح: "لدي عمل ولا أحتاج إلى أي تعويض من أي كائن".
من جهتها، توضح إحدى الناشطات من الساحل السوري رفضت الكشف عن اسمها إن "حال الأرامل واحد في كل أنحاء سورية. حتى أن إحداهن اضطرت لإرسال أطفالها للعمل، علماً أنهم ما زالوا في المرحلة الابتدائية". وتلفت إلى أن "الضباط يسرقون الإعانات ويبيعونها، فيما تضطر الأرامل إلى الانتظار طويلاً قبل الحصول عليها".